جرائم انتخابية.. هل يسقط إخوان تونس برلمانيا؟
جرائم انتخابية تضيق الخناق حول إخوان تونس، وتستشرف احتمال إسقاطهم من البرلمان الذي قفزوا إلى مقاعده عبر تمويلات مشبوهة.
مسار قضائي يتصدر أفق المشهد التونسي منذ صدور التقرير النهائي لمحكمة المحاسبات (محكمة مختصة) حول ملابسات الانتخابات التشريعية والرئاسية المقامة في 2019، أعقبته دعوات واسعة للمحاسبة.
وكشف التقرير الصادر منذ نحو أسبوع عن جرائم انتخابية ارتكبتها كل من حركة النهضة الإخوانية (54 نائبا بالبرلمان)، وحليفها حزب قلب تونس (30 نائبا) من خلال تعاقدهما مع أطراف أجنبية وشركات دعاية سياسية، وهو ما يتعارض مع القانون التونسي.
وشكل التقرير، حسب متابعين، زلزالا سياسيا أثبت مدى إجرام الإخوان وأساليبهم الملتوية في كسب الأصوات وشراء الذمم.
ويرجح أن تكون هناك تبعات لهذا التقرير في الأسابيع القادمة، تصل إلى إمكانية إسقاط المقاعد الإخوانية وحزب قلب تونس بالبرلمان، وقد تمتد إلى حل المؤسسة التشريعية في حال تنفيذ القانون.
أمر وارد
المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس، محسن الدالي، قال إن تعليق عضوية بعض النواب في البرلمان "أمر وارد"، على خلفية تقرير محكمة المحاسبات الأخير حول انتخابات 2019.
واعتبر الدالي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن هذا القرار يمكن اتخاذه من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (الهيئة المشرفة على الاقتراع) ومحكمة المحاسبات (المحكمة المختصة في جرائم الفساد والجرائم الانتخابية).
ولفت إلى أن النيابة العامة فتحت تحقيقات تتعلق بمسألة "اللوبيينغ (اللوبي) والتدخل الأجنبي، وقد تم سماع هذه الأحزاب".
سجن الغنوشي
من جانبها، أكدت منى كريم أستاذة القانون الدستوري بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، أن العقوبات التي تدين الجرائم الانتخابية تصل إلى سجن المسؤول الأول عن الحزب خمس سنوات سجنا، كما أنها تقضي بإسقاط القائمة وحرمانها من التواجد داخل البرلمان.
وقال كريم لـ"العين الإخبارية"، إن المحكمة ستنظر في الوثائق التي ستعرضها الأحزاب المذكورة، ومن ثمة ستصدر أحكامها التي قد تصل ـ في حال الإدانة ـ إلى إيقاف عمل تلك الأحزاب داخل البرلمان.
وبالنسبة لها، فإن محكمة المحاسبات اكتسبت استقلاليتها خلال السنوات الأخيرة، وقرارتها يجب أن تكون بعيدة عن كل الضغوطات السياسية والتدخلات الحزبية.
زلزال سياسي
يرى مراقبون أن تقرير دائرة المحاسبات ينبئ بسقوط رؤوس سياسية مرتبطة بحركة النهضة، وعلى رأسها زعيمها راشد الغنوشي، باعتباره المسؤول القانوني الأول عن الحزب.
وأوضحت المحامية التونسية ألفة العكروت أن "ما ورد بتقرير المحكمة خطير جدا وينذر بزلزال سياسي يمكن أن يهدم كل مخرجات انتخابات 2019".
وأكدت العكروت لـ"العين الإخبارية"، أن "ما تم ذكره من إخلالات قام بها المرشحون سواء للانتخابات الرئاسية أو التشريعية الماضية، من خلال حصولهم على تمويلات أجنبية بالمليارات وتلقيهم تحويلات مالية مشبوهة وأخرى مقنّعة تحت غطاء الجمعيات، يعد جريمة في حق الديمقراطية التونسية الفتية"، لافتة إلى أن هذا السلوك يعتبر ضربا من التحايل على إرادة الشعب التونسي".
وأشارت العكروت إلى أن الجريمة مثبتة على الأحزاب التي فازت في الانتخابات الأخيرة، من خلال التقرير الذي استغرق من البحث والتمحيص فيه عاما كاملا، وشارك فيه أكثر من 10 قضاة.
وتابعت قائلة إن "الأحزاب التي تم ذكرها في التقرير وهي بالخصوص النهضة وقلب تونس، تواجه اليوم معظلة أخلاقية وأسئلة كبرى حول شرعية تمثيليهما البرلماني ونزاهة العملية السياسية".
ويرى محللون أنه من المتوقع أن تكون الأيام القادمة مليئة بالمفاجئات بعد هذه القنبلة التي فجرتها محكمة المحاسبات، خاصة في ظل تنامي الغضب الشعبي من فشل جزء كبير من الطبقة السياسية التونسية في قيادة البلاد.