أزمة إثيوبيا وإقليم تجراي.. القصة الكاملة للصراع
شكلت توجيهات حكومة إثيوبيا لقوات الدفاع بالتدخل ضد جبهة تحرير تجراي نقطة تحول في الصراع الممتد لعامين ما بين أديس أبابا و إقليم تجراي.
والأربعاء الماضي، أصدرت الحكومة الإثيوبية، توجيهاتها لقوات الدفاع بالتدخل لحماية البلاد من هجمات جبهة تحرير تجراي، بإقليم تجراي، شمالي البلاد.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إنه "صدرت أوامر لقوات دفاعنا تحت قيادة مركز القيادة للقيام بمهمتها لإنقاذ البلاد ، موضحا أن "الجبهة الشعبية لتحرير تجراي هاجمت معسكرا للدفاع الوطني وحاولت احتلال منطقة قوات درع شمال البلاد في منطقة دانشا "، بإقليم أمهرة.
أزمة تولدت عنها العديد من القرارات من قبل الحكومة الفيدرالية، إذ لم يكن قرار التدخل العسكري في إقليم تجراي، هو الوحيد والأخير، حيث ترتبت عليه العديد من القرارات الداخلية بالبلاد.
وكان ضمن تلك القرارات: إعلان حالة الطوارئ بإقليم تجراي لستة أشهر، ومنع تحليق الطيران المدني بالمنطقة، وإعادة 4 جنرالات متقاعدين إلى الخدمة العسكرية بقوات الدفاع الإثيوبية.
بجانب تعديلات أجراها آبي أحمد ، في الحكومة والجيش، شملت الخارجية ورئيس هيئة أركان الجيش، ومدير الأمن والمخابرات العامة والشرطة .
جذور الأزمة
يعتبر قرار الحكومة الإثيوبية بالتدخل العسكري في إقليم تجراي ضد الجبهة الشعبية لتحرير تجراي، يمثل انتقالا من حالة الخلاف السياسي بين أديس أبابا وتجراي لأكثر من عامين إلى المواجهة العسكرية المباشرة.
وظلت العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم تجراي، متوترة ، منذ أن تولى آبي أحمد رئاسة الوزراء في العام 2018، خاصة بعد الإعلان عن قراراته الإصلاحية السياسية والاقتصادية.
والخلاف بين رئيس الوزراء آبي أحمد وجبهة تحرير تجراي ليس وليد اللحظة بسبب الانتخابات، وإنما بدأ منذ تولي آبي أحمد رئاسة الوزراء أبريل/نيسان 2018 ، عندما رأت الجبهة أن خططه الإصلاحية تستهدف قياداتها ورموزها.
وعلى إثر ذلك ارتفعت وتيرة الخلاف عندما أقدمت تحرير تجراي، على إجراء انتخابات بشكل منفرد، رغم قرار الحكومة الفيدرالية بتأجيل الانتخابات العامة في البلاد بسبب جائحة كورونا .
وفي الـ9 من سبتمبر/أيلول الماضي، أجرت حكومة إقليم تجراي انتخابات الإقليم مستندة إلى ما تقول إنها خطوة "يكفلها لها الدستور".
كما اختار برلمان إقليم تجراي، دبري صيون، رئيسا لحكومته، عقب انتخابات أعلنت أديس أبابا عدم دستوريتها.
لكن أديس أبابا اعتبرت هذه الخطوة ليس لها قيمة أو جدوى، فيما قلل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من أهمية تأثير هذه الانتخابات على حكومته أو مستقبل البلاد.
كما اتخذ البرلمان الإثيوبي بغرفتيه، عدة قرارات عقابية ضد حكومة الإقليم، من بينها قطع التمويل ومنع التعامل معها باعتبارها حكومة غير شرعية .
وعدت الأزمة الدستورية القائمة بين إقليم تجراي والحكومة الفيدرالية سابقة في تاريخ البلاد، إذ لم يحدث أن أجرى أحد الأقاليم انتخابات منفصلة عن الانتخابات العامة التي تجرى كل 5 أعوام، وتأجلت هذا العام بسبب جائحة كورونا.
و"جبهة تحرير تجراي" هي عرابة الائتلاف السابق "الجبهة الديمقراطية الثورية"، وقادت المشهد السياسي في إثيوبيا من 1991 إلى 2018، قبل أن تغادره بوصول آبي أحمد لرئاسة الوزراء في أبريل/نيسان 2018.
وتطور الخلاف بين آبي أحمد والجبهة بعد رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الذي شكله رئيس الوزراء الحالي مؤخرا، كائتلاف جديد بديلا للائتلاف السابق المسمى بـ"الجبهة الديمقراطية الثورية".
ما قبل المواجهة الأخيرة
ظهرت بوادر المواجهة العسكرية الأخيرة، منذ الإثنين الماضي عندما اتهمت حكومة إقليم أوروميا ، جبهة تجراي الحاكمة، بمساعدة جماعة " أونق شني " المسلحة المنشقة عن جبهة تحرير الأورومو ، في أعمال القتل التي شهدتها منطقة وللغا، غرب أوروميا، وراح ضحيتها 32 شخصا وجرح العشرات فضلاً عن حرق منازل.
وحينها قال مفوض الشرطة بإقليم أوروميا ، الجنرال أرارسا مرداسا، إن الجريمة نفذتها جماعة " أونق شني " المسلحة ، بمساعدة جبهة تحرير تيجراي، موضحا أن الأشخاص الذين تم اعتقالهم بعد الهجوم، اعترفوا بأنهم كانوا يتلقون تدريبات برعاية جبهة تحرير تيجراي من خلال السفر باستمرار إلى الإقليم الواقع بشمال إثيوبيا .
و"أونق شني"، المسلحة المنشقة عن جبهة تحرير أورومو المعارضة، وتختبئ في مناطق بإقليم أوروميا، تتهمها حكومة الإقليم بتنفيذ أعمال قتل من وقت لآخر بالمنطقة، راح ضحيتها مدنيين ورجال شرطة.
قلق أممي وإقليمي
ومن جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، عن قلقه إزاء الاشتباكات المسلحة في منطقة تجراي بإثيوبيا، وحث على التهدئة.
ودعا، في بيان الأربعاء ، بشأن الوضع في إثيوبيا، إلى "اتخاذ تدابير فورية لتهدئة التوترات وضمان حل سلمي للنزاع"، مشددا على "أهمية استقرار إثيوبيا لمنطقة القرن الأفريقي".
وجدد جوتيريس التزام الأمم المتحدة وشركائها في المنطقة بدعم حكومة إثيوبيا في جهودها الإصلاحية الهادفة إلى بناء مستقبل سلمي وآمن لجميع شعوبها..
كما أصدرت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وسفارة المملكة المتحدة في أديس أبابا، بيانان منفصلان، حول الوضع في إقليم تجراي.
وحثت السفارة الأمريكية بأديس أبابا، الجانبان على وقف التصعيد فورا فيما يخص الوضع الحالي في إقليم تجراي، شمالي إثيوبيا.
كما دعت السفارة البريطانية بأديس أبابا إلى الوقف الفوري للتصعيد في تجراي ، وقالت ننضم إلى المجتمع الدولي في الدعوة إلى وقف التصعيد الفوري في تجراي". وحثت جميع الأطراف للحفاظ على سلامة المدنيين".
وفي وقت سابق الإثنين، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ، إن بلاده لا تنزلق إلى الفوضى بسبب عملية عسكرية شنتها الحكومة الاتحادية في منطقة تجراي الشمالية، وذلك وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية في ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.
وأضاف آبي أحمد، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي في "تويتر" أن "إثيوبيا ممتنة للأصدقاء الذين عبروا عن قلقهم.. المخاوف من انزلاق البلاد إلى الفوضى لا أساس لها وتأتي نتيجة لعدم فهم أوضاعنا".
وأضاف :"عمليتنا تهدف إلى فرض سيادة القانون وضمان السلام والاستقرار بشكل نهائي من خلال تقديم مرتكبي عدم الاستقرار إلى العدالة".