كثيرا ما حاولت الحكومة الإثيوبية بشتى السبل التحكم في سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى مقابل العملة المحلية.
وقد بذلت الحكومة العديد من الجهود للسيطرة على أسعار العملات عبر فرض قيود لاستخدامها داخليا، فضلا عن فرض سعر موحد لها عبر مختلف البنوك الرسمية والخاصة داخل إثيوبيا.
وخلال السنوات الأخيرة، ظل سعر الدولار مستقرا بين الخمسين "بيرا" إثيوبيا وصولا إلى 52 بيرا إثيوبيا، وظلت الأسعار على هذا المنوال لفترات طويلة، ولكن يصعب التحكم في كل المسارات التي ترتبط بتجارة العملة وتداولها داخليا.
فرغم الجهود الكبيرة لمحاربة تجار السوق السوداء عبر عمليات تفتيش وتحركات أمنية متعددة، كثر تجار العملة مؤخرا، وفرضت الحكومة الإثيوبية عقوباتٍ مشددة على من يتاجر بها، لكن مع تطور الأحداث الداخلية ورواج تجارة الحدود مع دول الجوار، والتي تميز التجارة الإثيوبية، فضلا عن التداخل السكاني الكثيف، زادت تجارة العملة، خاصة في ظل عدم توفر العملات الأجنبية في البنوك، ومواجهة قطاع الاستيراد تحديات عدة بسبب ذلك، ما بات أكبر تحدٍّ أمام توفر السلع، إذ صارت أكبر أزمة تواجه السوق الإثيوبية حاليا هي الهمينة على سعر العملات الأجنبية، ما شكّل بدوره عبئا ثقيلا على كاهل المواطن.
وعلى مر السنوات الماضية ظلت أسعار العملات الأجنبية بين البنوك الرسمية والسوق الموازية تتأرجح بسعر يختلف من 2 إلى 3 "بيرات" إثيوبية، ولكن في ظل نقص العملات الأجنبية انخفضت قيمة البير أمام هذه العملات خاصة الدولار، حيث وصلت الفروقات لأول مرة إلى الضعف، فقد كان آخر سعر للدولار الأمريكي في البنك التجاري الإثيوبي 52 بيرًا وستة وخمسين سنتا، فيما كان سعره في السوق الموازية يفوق 100 بير إثيوبي خلال هذا الأسبوع.. وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ إثيوبيا، ما بات يطرح العديد من التساؤلات عن أسباب هذا التدهور، الذي ألقى بظلاله على أسعار السلع الغذائية والمنتجات الحياتية الأخرى، التي زادت فجأة، خاصة مع أزمة غذاء عالمية بسبب الحرب الأوكرانية.
زيادة أسعار الدولار والعملات الأجنبية الأخرى أمام العملة الإثيوبية تؤثر بشكل مباشر في السوق وأسعار السلع، خاصة في دولة مثل إثيوبيا تتحرك فيها أسعار العملات عدة مرات في اليوم الواحد.
لقد واجهت الحكومة الإثيوبية خلال السنوات الماضية تداول العملة الأجنبية داخل البلاد بإجراءات منع نقلها للخارج أو إدخال أي مبالغ كبيرة منها دون أوارق رسمية من البنوك، ولكن تجار العملة وبعض تجار السلع يقومون بتداول هذه العملات بطرق غير رسمية، وذلك عبر عمليات تبادل وتحويلات غير شرعية، ما أدى لتفاقم خطر تجارة العملة، وباتت خارج السيطرة وتشكل أزمة أمام المصارف الإثيوبية التي تعاني شُحًّا في العملات الأجنبية، ما يدفع السلطات الإثيوبية للبحث عن آليات توقف تحكم السوق السوداء في اقتصاد البلاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة