على الرغم من مرور التكنولوجيا النووية بتاريخ طويل من التطوير العلمي والتكنولوجي، فإن الصناعة النووية تواجه تحديات جمَّة.
ويُعَدّ تخفيض تكاليف تشغيل محطات الطاقة النووية إحدى أهم القضايا التي يواجهها مشغلو هذه المحطات.
وليس غريبًا أن يعتمد حل هذه القضية على تعزيز عملية الأتمتة التي تساعد على اتخاذ القرار بسرعة ودقة. ومع أن التكنولوجيا الحديثة تقدم قدرات كبيرة في هذا الصدد، فإن الطلب على قوة حاسوبية أكبر يزداد يومًا بعد يوم.
ويُقدّم الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكميَّة وسائل عملية لتعزيز القدرات الحاسوبية عن طريق تعلُّم الآلة والأجسام المادية دون الذرية. وثمَّة اهتمام كبير على مستوى العالم بالتطبيقات المُحتمَلة لهذه التقنيات.
ويمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة في تشغيل المفاعلات النووية إلى تخفيف ضغط العمل على مهندسي هذه المفاعلات، والمساعدة على تطوير إجراءات تحكم وخطط صيانة جديدة ربما تؤدي هي أيضًا إلى تخفيض تكاليف الصيانة والتشغيل.
ويمكن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بوجه خاص على البيانات الضخمة المستقاة من محطات الطاقة النووية وشبكة الكهرباء، من أجل تقدير سيناريوهات بعينها مثل معايرة النماذج المرتبطة بحركيات المفاعلات، بهدف وضع حد للتقلبات الأساسية في توزيع الطاقة المكانية المحورية، أو تعزيز إدارة التفاعلات الإشعاعية الأساسية في المفاعلات في أثناء ظروف التشغيل المؤقت لنظام التشغيل الذي يعتمد على الحمولة.
وفي مثل هذه التطبيقات يمكن جَمْع بيانات المحاكاة والبيانات الآنيَّة المتاحة، ومقارنتها بمختلف السيناريوهات، من أجل تعزيز الثقة بالنتائج المتوقعة ضمن مجموعة محددة من الاحتمالات.
ويرتبط تاريخَا الحوسبة والطاقة النووية ببعضهما ارتباطًا قويًّا، فعلماء الفيزياء هم مَن طوروا إحدى أشهر فئات الخوارزميات الحاسوبية –وأقصد أساليب مونت كارلو– في مشروع منهاتن، إذ حاولوا محاكاة سلوك النيترونات في المواد الانشطارية.
وعلى الرغم من ثبوت تفوق بعض الخوارزميات الكميَّة في قدرتها على حل المشكلات بالطرق الكلاسيكية القديمة، فإن الحد الفاصل بين الحوسبة الكلاسيكية والحوسبة الكميَّة لا يَثْبت على حال واحدة.
ويمكن أن تكون الخوارزميات الكميَّة الجديدة في أحوال كثيرة مصدر إلهام لدفع التقدم في الخوارزميات الكلاسيكية، وهو ما يُشار إليه بالخوارزميات المستوحاة من الكم.
وقد أدى هذا التفاعل بين الخوارزميات الكلاسيكية والخوارزميات الكميَّة إلى تطوير كثير من الخوارزميات الكلاسيكية التي تعتمد اعتمادًا جزئيًّا على التقدم في الحوسبة الكميَّة.
ولا تتمتع الأجهزة الكميَّة في الوقت الراهن بالقوة التي تمكنها من تشغيل خوارزميات الكم التنافسية. وقد تجاوز التطورُ في تصميم الخوارزميات الكميَّة، أخيرًا، التطورَ في أجهزة الكم، ونتيجةً لذلك ما زلنا نحتاج إلى استكشاف سُبُل أخرى من أجل تحقيق فوائد عملية قبل إنتاج أجهزة مقاوِمة للأعطال.
نقلا عن "مفكرو الإمارات"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة