لم يكد المصري محمد صلاح، نجم ليفربول الإنجليزي، يضع هاتفه جانبا بعد أن كتب تغريدته، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي كما لم تشتعل من قبل.
كلمات محمد صلاح قليلة في عددها، بسيطة في معناها، مبالغة في وصفها، تقدّم بها للعزاء في وفاة ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية، بالتزامن مع مراسم جنازتها وظهورها الأخير قبل الانتقال إلى حيث يُوارى جثمانها.
وبعد التغريدة، تعرّض محمد صلاح لهجمات قوية، سواء من قبل جماهير ليفربول، التي تحمل عداوة معروفة للملكة أو العائلة الملكية بشكل كامل، وكذلك من قبل الجماهير المصرية.
الجماهير المصرية انتقدت نجم ليفربول أيضًا، بعدما غادر معسكر منتخب مصر دون خوض مباراة ليبيريا الودية، رغم أنه لم يشارك سوى في مباراة النيجر، رغم أنه لن يكون مُجبرًا على السفر إلى أدغال قارة أفريقيا.
صلاح يُدرك جيدًا أن هذا الهجوم طبيعي، فهو جزء من ضريبة كبيرة يدفعها النجوم، وقد لا يدفعها غيرهم، مقابل امتيازات أخرى يحصلون عليها أيضًا دون أن يُحصّلها غيرهم.
نجوم اللعبات الرياضية، وفي مقدمتها كرة القدم، يحصلون على امتيازات عدة تتمثل في رواتب طائلة، وشهرة واسعة، ويدفعون مقابلها فقدان جزء من خصوصيتهم، حتى إنّ كلمة واحدة منهم قد تُقيم الدنيا وتُقعدها.
يُدرك النجم المصري هذه الضريبة، لذا لم يرد، ولا أحسبه أبدًا سيرد، غير أن ما يدركه صلاح لا يدركه بعض محبيه، فسارعوا إلى الدفاع عنه، كما يفعلون دائمًا، وهو حقهم، غير أن بعض ردودهم أرادت منح اللاعب حقًا لم يمنحه هو لنفسه.
جاءت بعض التعليقات لتُطالب المُنتقدين بأن يفعلوا ما فعل صلاح أولًا قبل انتقاده، بل وطالب بعضهم أن يتوقف المنتقدون عن مشاهدة الدوري الإنجليزي لكي يحق لهم الانتقاد، وكأن رابطة البريميرليج هي التي كانت تُسيّر الأمور في البلاد!
تسبب مبابي في خروج فرنسا من بطولة يورو 2020 بعدما قدم أداءً مُخزيًا، فنال الانتقادات من كل جانب، وطلب رونالدو الرحيل عن مانشستر يونايتد، ففتحت جماهير الفريق النار عليه، ولا أحسب أحدًا من المنتقدين قدم أفضل مما قدم مبابي ورونالدو.
كرة القدم لعبة عالمية، يتكسب منها اللاعبون والمدربون والإداريون والإعلاميون، ولا يدفع أحدٌ أمواله سوى هذا الجمهور.. يدفعه لأنه يحب فريقه ومنتخب بلاده ولاعبيه، وكما يحبهم ويكيل الثناء عليهم، قد ينتقدهم ويصب عليهم ويلات غضبه.. صحيح أن الفيصل هنا هو الالتزام بحدود آداب الانتقاد، لكن غير ذلك فلا تكُن مَلَكيًا أكثر من الملك، ولا صلاحًا أكثر من صلاح!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة