خبراء: دبلوماسية الإمارات الواعية تنهي 20 عاما من الصراع الإثيوبي الإريتري

المصالحة الإثيوبية الإريترية، رآها خبراء في أديس أبابا، أنها جهودٌ تبذلها الإمارات في إطار دبلوماسية ناعمة تستند لمبادرات حل الأزمات التي تعصف بأمن القرن الأفريقي
20 عاما من الصراع بين إثيوبيا وإريتريا أنهاها "إعلان سلام وصداقة" وقّعه البلدان قبل أيام، في لحظة تاريخية توّجت جهود دولة الإمارات العربية المتحدة، للمصالحة بين الجانبين، في إطار دبلوماسية ناعمة وهادئة، كما رآها خبراء في أديس أبابا، تحدثت لهم "العين الإخبارية".
عقدان من العداء، غيبتهما لحظة لقاء تاريخية بين الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي الشاب أبي أحمد علي، بالعاصمة أسمرا.
عناقٌ حار كتب وثيقة سلام بين الجارتين، نصت على "إعلان نهاية الحرب"، و"فتح صفحة جديدة من السلام والتعاون"، و"تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية".
كما نصت أيضا على "استئناف رحلات النقل والتجارة والاتصالات، والعلاقات الدبلوماسية، و"تنفيذ قرار ترسيم الحدود، وضمان السلام والتنمية والتعاون الإقليميين"، وهو ما بدأ بالفعل بالدخول حيز التنفيذ باليومين الماضيين.
الإمارات.. وساطة تاريخية
دورٌ تاريخي يرى خبراء أن دولة الإمارات لعبته في حسم الصراع المزمن بين إثيوبيا وإريتريا، ما يشكل منعطفا حاسما وتحولا لافتا للوضع الجيوسياسي بمنطقة القرن الأفريقي التي تعتبر من أكثر مناطق العالم اضطرابا.
مصالحةٌ تعد ثمرة جهود إماراتية حثيثة بذلها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدفع عملية السلام إلى الأمام.
جهودٌ تبذلها الإمارات في إطار دبلوماسية ناعمة تستند إلى جملة من المبادرات لحل الأزمات التي تعصف بأمن منطقة القرن الأفريقي، والتي كان في مقدمتها النزاع المزمن بين أديس أبابا وأسمرا.
استراتيجيةٌ ذللت جميع الصعوبات، وكسرت الحواجز، لتحقق في النهاية المصالحة المنشودة بين شعبي البلدين، وتفتح صفحة جديدة من الاستقرار الداخلي والإقليمي.
وجاءت المصالحة بين الدولتين بعد زيارات متتالية لمسؤولي البلدين إلى الإمارات، فضلا عن الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى أديس أبابا، والتي فتح من خلالها علاقة جديدة بين دول الخليج والقرن الأفريقي، عبر بوابة الاستثمارات والمساعدات.
كما أن رغبة رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، أبي أحمد، في إنهاء حالة الصراع بين بلاده وأسمرا، شجعت دولة الإمارات على الانفتاح على البلد الأفريقي، ودعم خيار السلام مع إريتريا، وهو ما تكلل بتوقيع "إعلان أسمرا" للسلام والصداقة وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين.
في 15 يونيو/ حزيران الماضي، عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جلسة محادثات رسمية مع أبي أحمد، في أديس أبابا، تناولت تعزيز علاقات الصداقة والتعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ومجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وشدد الجانبان، خلال اللقاء، على أهمية مضاعفة المجتمع الدولي جهود تحقيق السلام والأمان في المنطقة والعالم، وترسيخ مفاهيم التسامح والحوار والتعايش المشترك بين مختلف شعوب العالم.
إشادة إقليمية ودولية
الدور الإماراتي في طي صفحة الصراع الإثيوبي الإريتري، حاز إعجاباً إقليمياً ودولياً، ولاقى إشادات من كل جانب.
وزير الخارجية الإثيوبي، ورقني جبيو، أشاد، قبل يومين، بدور الإمارات في إصلاح العلاقات بين بلاده وإريتريا، مشيرا إلى أن الاتفاق التاريخي بين أديس أبابا وأسمرا جاء نتيجة جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
جهود إماراتية جاءت منسجمة مع تطلعات دول المنطقة والعالم في ترسيخ مفاهيم التسامح والحوار والتعايش بين بلدين حصد الصراع فيهما آلاف الأرواح وشرّد عشرات الآلاف.
كما ترجمت سياسة دولة الإمارات المبنية على نشر السلام، وحل النزاعات بين الشعوب، سياسة تنبع من تقليد أصيل أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في رؤية تستدعيها اليوم القيادة الإماراتية الحالية لحل الإشكالات الإقليمية.
تغيير نوعي
في تصريحات متفرقة مع "العين الإخبارية"، رأى خبراء في إثيوبيا، أن الدور الإماراتي في المصالحة بين أديس أبابا وأسمرا، سيدفع إلى تغيير نوعي في منطقة القرن الأفريقي المثقلة بصراعات عرقية تغذيها تدخلات خارجية متعددة.
الدكتور محمد عز، مدير "مؤسسة النيل للدراسات الأفريقية"، اعتبر أن الدعم الاقتصادي الإماراتي لإثيوبيا، واحتفاظ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعلاقات خاصة مع الرئيس الإريتري، شكلا قوة دفع لتحريك رغبة الدولتين في إنهاء القطيعة بينهما.
من جانبه، قال زكريا إبراهيم، الباحث بشؤون القرن الأفريقي، إن التقارب الإثيوبي الإريتري يمثل نقطة تحول تاريخية، من شأنها أن تحدث تغيرا نوعيا في الميزان الإقليمي، وستكبد الدول التي تعمل على تأجيج الصراع وصناعة الأزمات بالمنطقة، خسائر فادحة.
بدوره، رأى الباحث المصري في الشأن الأفريقي، عزالدين إدريس، أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قام بدور تاريخي في تسريع المصالحة بين الجارتين، وتقريب وجهات النظر بين البلدين لتوقيع الاتفاق التاريخي.
آدم جبريل المهتم بالشأن السياسي الإثيوبي، اعتبر أن الدور التاريخي الذي لعبه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تلطيف الأجواء بين إثيوبيا وإريتريا، سيظل خالدا في ذاكرة مواطني البلدين.
منوها بأن عودة العلاقات بين البلدين ستعيد لم شمل آلاف الأسر بعد عقدين من الزمن، مشيدا في الوقت ذاته، بالدور البنّاء الذي لعبته الإمارات قيادة وشعبا في إعادة الأمل لشعبي البلدين.
وتوقع آدم جبريل، أن تتحول المنطقة بأسرها، بعد الحالة الإثيوبية الإريترية، إلى سلام واستقرار وتبادل تجاري يسهم في تعويض ما فقدته شعوب المنطقة خلال السنوات الماضية.