إثيوبيا والغرب.. هل تكسر اللقاءات قطيعة العلاقات؟
مساعٍ تقودها إثيوبيا لنزع فتيل توتر شاب علاقاتها مع الغرب على خلفية الصراع في شمالها عبر كسر قطيعة استمرت لأكثر من عام.
محاولات لإعادة علاقات أديس بابا مع واشنطن والاتحاد الأوروبي إلى ما كانت عليه قبل عامين، ورأب صدع ناجم عن تحميل واشنطن وبروكسل الحكومة الإثيوبية مسؤولية الأوضاع الإنسانية المترتبة على الصراع، وهو ما اعتبرته أديس أبابا آنذاك دعما لـ"جبهة تحرير تجراي".
واندلع الصراع إثر اتهام الحكومة الفيدرالية، في4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، الجبهة بالاعتداء على القيادة الشمالية لقوات الجيش الإثيوبي في مدينة مقلي عاصمة الإقليم.
وبعد قطيعة استمرت لأكثر من عام بين أديس أبابا وواشنطن من جانب، والاتحاد الأوروبي من جانب آخر ، تظهر بالأفق من وقت لآخر لقاءات وحوارات منفصلة بين مسؤولين حكوميين من الأطراف الثلاثة.
واشنطن
فالأسبوع الماضي، زار المبعوث الأمريكي الخاص بالقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد، أديس أبابا، والتقى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية دمقي مكونن، وأجريا مباحثات ثنائية حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ومطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت واشنطن تعيين ديفيد ساترفيلد، سفيرها السابق لدى تركيا، مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي خلفا لجيفري فيلتمان، حتى "تظل منخرطة بنشاط في هذه المنطقة الاستراتيجية".
وجاءت زيارة المبعوث الأمريكي لإثيوبيا في ظل تحديات، خاصة فيما يتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية بين أديس أبابا وواشنطن التي شهدت فتورا جراء الصراع الأخير بشمال البلاد، وفي ظل قرارات جديدة فرضتها واشنطن على هذا البلد الأفريقي.
وقبل أن يمضي أكثر من أسبوع على زيارة المبعوث الأمريكي، استقبل وزير المالية الإثيوبي أحمد شيدي، القائم بالأعمال السفير جاكوبسون من السفارة الأمريكية في أديس أبابا، ورئيس بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في إثيوبيا شون جونز، لمناقشة التعاون التنموي بين البلدين.
وبحسب بيان صدر الخميس عن وزارة المالية الإثيوبية، فقد ناقش اللقاء النتائج الإيجابية للهدنة الإنسانية، بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية خلال الأيام الأخيرة إلى الإثيوبيين في مناطق تجراي وعفار وأمهرة شمالي البلاد.
وفي 24 مارس/آذار الماضي، أعلنت أديس أبابا رسميا عن هدنة إنسانية غير محددة مع "جبهة تحرير تجراي"، وهو ما قبلته الأخيرة، الأمر الذي عبّد الطريق لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب الأخيرة بالمناطق المذكورة.
ووجد إعلان الحكومة الإثيوبية عن هدنة إنسانية غير محددة، وضمان وصول المساعدات دون عوائق إلى إقليم تجراي، ترحيبا غربيا ومن المنظمات الدولية والإقليمية بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وضمن سياق اللقاء الذي جمع وزير المالية الإثيوبي والمسؤولين الأمريكيين، أشاد ممثل واشنطن بالوضع المشجع للعمليات الإنسانية في منطقة تجراي، وأشار إلى حاجة الجانب في الإقليم لضمان وصول المساعدات.
كما شدد الجانب الأمريكي على أهمية مواصلة الجهود نحو المساءلة عن حقوق الإنسان أثناء النزاع في شمالي إثيوبيا وإحلال السلام المستدام في جميع أنحاء البلاد.
فيما أطلع الوزير الإثيوبي المسؤولين الأمريكيين على خطة الحكومة المستمرة للتعافي وجهود تعبئة الموارد لدعم المناطق المتضررة من الصراع، وقال إن بلاده ستسعى للحصول على مساعدة شركاء التنمية للتعافي بشكل مناسب من آثار الصراع الذي أثر بشكل كبير على سبل عيش الناس ورفاههم، فضلاً عن الاقتصاد والبنية التحتية.
من جانبه ، أطلع رئيس بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في إثيوبيا الوزير على برنامج مساعدات إنسانية إقليمية جديد للاستجابة للجفاف هذا العام، والذي سيتم إطلاقه قريبًا في إثيوبيا وكينيا والصومال.
وأكد الجانبان الإثيوبي والأمريكي على التزامهما بمواصلة وتعزيز أنشطة التعاون بين البلدين، وفق بيان وزارة المالية الإثيوبية.
الاتحاد الأوروبي
لم تكن جهود أديس أبابا لإعادة علاقاتها مقتصرة على واشنطن، حيث تبذل جهودا على مسار آخر مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما عبّر عنه منتدى الأعمال الأوروبي بإثيوبيا، حيث جرى توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون، وفق بيان لوزارة المالية الإثيوبية.
والمذكرة وقعتها، الأربعاء الماضي بأديس أبابا، عن الجانب الإثيوبي، سيمريتا سيواسو ، وزيرة الدولة للمالية، وعن الجانب الأوروبي بن ديبرايتير رئيس مجلس إدارة الاتحاد الأوروبي لمنتدى الأعمال الأوروبي في إثيوبيا.
وأكدت وزيرة الدولة للمالية الإثيوبية أن الشراكة يجب أن تركز على تنمية الاستثمار والقطاع الخاص كركيزة أساسية للتعاون، وقالت إن حكومة بلادها حريصة على مواصلة الاطلاع على خطوط الحوارات المفتوحة لتعزيز شراكتها طويلة الأمد.
ولفتت سيواسو إلى أن جهود الإصلاح بالبلاد ساعدت في بناء بنيتها التحتية، بما في ذلك قطاع الخدمات اللوجستية وتطوير رأس المال البشري وتحسين إطارها التنظيمي ومواصلة بناء المعاهد التي يمكن أن تدعم عمل القطاع الخاص.
من جهته، قال رولاند كوبيا رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في إثيوبيا، إن الاستثمار الأوروبي في إثيوبيا ظل ثابتًا حتى خلال الفترات الصعبة، معربا عن أمله في أن يوفر منتدى الأعمال الأوروبي فرصًا متنوعة للقطاع الخاص لمواجهة تحدياته من خلال حوار أكثر بناءً وانفتاحًا مع حكومة إثيوبيا.
وأضاف أنه من المهم لإثيوبيا أن تحقق السلام والقدرة على التنبؤ لازدهار القطاع الخاص.
ومذكرة التفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون بين وزارة المالية والقطاع الخاص بشكل عام، وتخلق آليات لنشر أفضل الممارسات وتسهيل التشاور الوثيق لتعزيز الأهداف ذات المنفعة المتبادلة والتعاون بين الطرفين.
ومنتدى الأعمال الأوروبي في إثيوبيا هو الرابطة الأوروبية للمستثمرين الأجانب، وتنشط في البلاد منذ عام 2012، بهدف توفير منصة لمواجهة التحديات والعمل على الترويج لهذا البلد الأفريقي كوجهة تجارية جذابة للمستثمرين والشركات في الاتحاد الأوروبي.
وكانت الحكومة الإثيوبية عقدت عدة اجتماعات مع مجموعة شركاء التنمية لبحث إعادة إعمار المناطق المتضررة من الصراع الأخير الذي شهدته البلاد، وقدمت خطتها لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الصراع الذي شهدته مناطق واسعة من شمال البلاد وشرقها.
ومجموعة شركاء التنمية التي أنشئت عام 2001 ، تتألف من 30 وكالة تنمية ثنائية ومتعددة الأطراف تقدم المساعدة الإنمائية لإثيوبيا، بينها البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز