سد النهضة وتأجيل الانتخابات.. الخارجية الإثيوبية تكشف الجديد لـ"العين الإخبارية"
بين الشأنين المحلي والإقليمي رسم المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي خارطة طريق بلاده في ملفاتها الحساسة من سد النهضة للحدود والانتخابات.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، تمسك بلاده باتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة فقط حاليا وتأجيل مفاوضات "حصص مياه النيل".
وأعرب عن تطلع بلاده لنجاح الحراك الأفريقي بشأن مفاوضات سد النهضة، الذي يقوده الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي.
وقال مفتي: "إثيوبيا تأمل في أن تثمر اللقاءات التي أجراها تشيسكيدي مع قادة البلدان الثلاثة (إثيوبيا ومصر والسودان) بشأن القضايا العالقة حول سد النهضة، بحيث يتمكن البلدان الثلاثة من استئناف المفاوضات واختتامها بحلول مربحة للجميع".
وتابع: "موقفنا الحالي هو الدعوة لاتفاق بشأن الملء والتشغيل فقط وتأجيل أي اتفاق شامل حول الحصص لمياه النيل لوقت آخر بمشاركة دول حوض النيل".
وأشار إلى أن المبادرة الإثيوبية هذه مقبولة ويمكن أن توصل الأطراف الثلاثة إلى إيجاد حلول مربحة بشأن سد النهضة، مؤكداً أن المفاوضات الماضية كانت قد حسمت العديد من نقاط الخلاف الفنية والقانونية.
المسؤول الإثيوبي مضى في حديثه بالقول: "هدفنا الآن هو إنهاء هذه المفاوضات الماراثونية برعاية الاتحاد الأفريقي يكون فيها الكل رابح وتنتقل الدول الثلاث إلى تعاون إقليمي لتنمية شعوب المنطقة".
وعن زيارتي المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، والرئيس الكونغولي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسكيدي إلى بلاده، قال: "نعتقد أنها كانت مثمرة وأوضحت موقف أديس أبابا حول مفاوضات سد النهضة التي يمكن أن يكون السودان ومصر رابحين فيه".
ومع أمله في انتهاء المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي لحل مربح لجميع الأطراف، أكد على الأخذ في الاعتبار تمسك إثيوبيا بحقها في عدم التوقيع على أي اتفاق يحرم الأجيال القادمة من حقوقها في التنمية.
والثلاثاء الماضي، أجرى الرئيس الكونغولي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسكيدي محادثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا حول مفاوضات سد النهضة.
وتصاعد التوتر بين إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى، مع إعلان أديس أبابا موعد الملء الثاني للسد، في خطوة تعتبرها الخرطوم "خطرا محدقا على سلامة مواطنيها" وتخشى مصر من تأثيرها السلبي على حصتها من مياه النيل.
ويرفض السودان الخطوة ويطالب بمفاوضات برعاية الأمم المتحدة وواشنطن والاتحادين الأفريقي والأوروبي، وهو ما تدعمه مصر.
الحدود مع السودان
وحول الخلافات الحدودية مع السودان، قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية إن موقف بلاده من هذا القضية يتبنى إيجاد حل دبلوماسي سلمي ينهى هذا الخلاف، مضيفا: "ولا خيار سوى ذلك".
وتابع مفتي: "لم يحدث أن وصلنا لهذه الخلافات بشأن الحدود مع السودان رغم أنها مشاكل قديمة ومتجددة لكنها أخذت بعدا آخر مؤخرا بعد ربط الخرطوم ملف الحدود بسد النهضة".
وأضاف: "نعتقد أن المشاكل الحدودية بين البلدين يجب أن يكون حلها طاولة اللجان الحدودية المشتركة والآليات القائمة حول هذا الملف".
وأردف بالقول: "نعتقد أن المفاوضات التي كانت تجريها اللجنة الحدودية المشتركة بين البلدين قادرة على التوصل لحلول سلمية لتسوية الخلافات غير أننا لا نقبل ربط موضوع الحدود بسد النهضة لممارسة ضغوط على إثيوبيا".
وعبر عن تقدير أديس أبابا للمبادرات المتعددة التي تقدمها الدول الصديقة لإنهاء مشكلة الحدود مع السودان، لكن "إثيوبيا تفضل أن تعطي الآليات المشتركة القائمة بين البلدين دورها بالمضي قدما في إكمال المفاوضات وإنهائها".
ويتنازع السودان وإثيوبيا على منطقة الفشقة الخصبة التي تصاعد فيها التوتر مؤخرا بسبب نزاع حدودي يعود إلى عام 1957، حيث تتهم الخرطوم أديس أبابا باحتلال جزء من أراضيها عبر المزارعين الإثيوبيين، ودعم مسلحين في الفشقة الحدودية.
فيما ترد إثيوبيا بالتأكيد على أن السودان احتل أراض تتبع له أثناء انشغال الجيش الإثيوبي بعملية إنفاذ القانون في إقليم تجراي شمالي البلاد نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
انتخابات منتظرة
وبالوصول إلى محطة الانتخابات البرلمانية المقبلة، تحدث دينا مفتي عن أن إرجائها لـ3 أسابيع بعد أن كان مقررا لها في 5 يونيو/حزيران المقبل يعود لأسباب لوجستية حددها مجلس الانتخابات السبت.
وقال إن حكومة بلاده تبذل كل ما في وسعها من جهود لإنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل الذي تأمل منه إرسال تجربة ديمقراطية في إثيوبيا، مضيفا: "نسعى لتكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة تمكن أديس أبابا من الانتقال الديمقراطي.. الأمور تسير في هذا الاتجاه بخطى جيدة".
وأعاد المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية التأكيد على قيام الحكومة الإثيوبية بمسؤولياتها لإجراء الانتخابات البرلمانية في أجواء سلمية مواتية تمكن الشعب الإثيوبي من الاختيار.
تحديات لإثيوبيا
وعلى صعيد التحديات الراهنة التي تواجه إثيوبيا، قال مفتي إنها ستمر وتتجاوزها ببلاده بكل حكمة ومسؤولية، مضيفا: "تواجه بلادنا تحديات عديدة لكن قدرتها على المقاومة كبيرة".
وضرب مثالا على نجاح بلاده في مواجهة التحديات بقوله: "أبدينا مرونة في التصدي لجائحة كورونا والفيضانات واستطاعت إثيوبيا تجاوزها بالفعل".
ومضى في سرده: "ما نؤمن به في إثيوبيا أن لدينا قيادة إصلاحية قوية قادرة على تجاوز التحديات والصعاب مهما كانت والعبور بالبلاد للتنمية والازدهار، ونحن عازمون على عدم إعطاء المتربصين فرصة لخلق صراعات ونزاعات ببلادنا".
وتجري إثيوبيا انتخاباتها العامة في 5 يونيو/حزيران المقبل، وكان من المتوقع أن يشارك فيها أكثر من 50 مليون ناخب، وفق مجلس الانتخابات، لكن معدلات تسجيل الناخبين حتى الآن لا توحي بذلك.
واستثني إقليم تجراي من الانتخابات المقبلة فيما يتعافى من عملية عسكرية ضد جبهة تجراي المتمردة التي صنفتها الحكومة المركزية مؤخرا كحركة إرهابية.
ولا تزال التحديات الأمنية التي طالت عدة أقاليم ومناطق إثيوبية تشكل تهديدا للعملية الانتخابية في البلاد.
والسبت أعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي (هيئة دستورية مستقلة) عدم تمكنه من إجراء الانتخابات المقررة في يونيو/حزيران المقبل، وإرجاء الاستحقاق 3 أسابيع لأسباب لوجستية.
وقالت رئيسة المجلس الوطني للانتخابات برتوكان ميدقسا، خلال مؤتمر صحفي إن قرار المجلس جاء بسبب تأخير تسجيل الناخبين وعدم التمكن من طباعة بطاقات الاقتراع.
وجاء القرار بعد يوم واحد من إغلاق باب تسجيل الناخبين بعد أن سجل نحو 36 مليون ناخب في الانتخابات التي كانت قد تأجلت العام الماضي بسبب جائحة كورونا.
يذكر أن مجلس الانتخابات المعني بإجراء الانتخابات العامة في إثيوبيا، كان قد مدد عملية تسجيل الناخبين أسبوعا حتى 14 مايو/أيار الجاري، لأسباب أمنية، ما يعد ثاني تمديد، إذ كان مقررا أن تنتهي أواخر أبريل/نيسان الماضي.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في وقت سابق، استعداد حكومته لإجراء الانتخابات وتجاوز التحديات، وقال إن تشكيلته "تتحمل مسؤولية مزدوجة لضمان أن تكون الانتخابات سلمية وحرة ونزيهة".
وتعد الانتخابات المقبلة السادسة من نوعها منذ إقرار البلاد الدستور الوطني عام 1994، والأولى في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.
ويشارك أكثر من 152 ألف موظف في عملية تسجيل الناخبين، بحسب بيانات مجلس الانتخابات الإثيوبي، فيما ينخرط نحو 254 ألف موظف أثناء إجراء عملية الاقتراع في أكثر من 50 ألف مركز للتسجيل.
وتتبع إثيوبيا نظام الجمهورية البرلمانية الفيدرالية، ويمثل رئيس الوزراء رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية.
وكان مجلس الانتخابات الإثيوبي قد أعلن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن الانتخابات العامة المؤجلة بسبب جائحة كورونا، ستقام في 5 يونيو/حزيران المقبل، متوقعا أن يشارك فيها أكثر من 50 مليون ناخب.
aXA6IDMuMTQzLjIzLjM4IA== جزيرة ام اند امز