مسؤولة في المفوضية الأوروبية لـ"العين الإخبارية": القارة "استعادت الطبيعة" في لحظة محورية
COP28 فرصة لدفع جهود العمل المناخي عالميا
وصفت نور يافاي ستروباند، منسقة لجنة التنوع البيولوجي بالمفوضية الأوروبية، موافقة البرلمان الأوروبي على قانون استعادة الطبيعة، في 12 يوليو/ تموز الجاري، بأنها "لحظة محورية" في تاريخ الطبيعة، تجعل القارة أكثر قرباً من تحقيق أهداف التنوع البيولوجي.
وفي جلسة تاريخية، شهدت معارضة شديدة من جانب جماعات المزارعين، وافق البرلمان الأوروبي على قانون يسمح باستعادة مناطق الغابات السابقة، والعمل على تعافي الأراضي الرطبة التي أصابها الجفاف، بهدف جعل الاتحاد الأوروبي أكثر مرونة في مواجهة التغيرات المناخية.
وقالت خبيرة المناخ والطاقة المتجددة والسياسات البيئية على المستويين الأوروبي والدولي، في حوار مع "العين الإخبارية"، إن مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة، أواخر هذا العام، يشكل فرصة لدفع جهود استعادة الطبيعة، وتحسين حياة البشر في أنحاء العالم.
وأضافت "ستروباند" أن القانون الجديد يفرض على دول الاتحاد الأوروبي مجموعة من الأهداف الملزمة، لاستعادة المناطق البرية والبحرية، التي أصابها الضرر نتيجة التلوث، أو تغير المناخ، أو بسبب الاستثمارات الجائرة، بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي، وفقاً لما يتضمنه إطار "كونمينغ - مونتريال" العالمي للتنوع البيولوجي.. وفيما يلي نص الحوار:
في البداية، كيف تنظرين، بصفتك خبيرة في العمل المناخي، إلى مؤتمر (COP28) والاستعدادات الجارية من جانب الاتحاد الأوروبي للمشاركة في المؤتمر؟
لاشك أن مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام، يمثل فرصة لدفع جهود العمل المناخي على الصعيد العالمي، من خلال العمل على التصالح مع الطبيعة، واستعادة النظم الطبيعية المتضررة، بما يهدف في النهاية إلى تحسين صحة كوكب الأرض، وبالتالي توفير حياة صحية للبشر.
وفي إطار الاستعدادات الجارية لمؤتمر أطراف اتفاقية تغير المناخ في دبي لعام 2023، فقد تبنت المفوضية الأوروبية خطة للعمل بشكل وثيق مع كافة الأطراف، من أجل التأكيد على ضرورة الالتزام بأهداف اتفاق باريس، وتعزيز المرونة والتدفقات المالية، لتحقيق هدف الحياد المناخي، والتنمية منخفضة الانبعاثات، والتقدم نحو تحقيق انتقال تدريجي في قطاع الطاقة، ويعمل الاتحاد الأوروبي مع الرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف، لضمان أقصى قدر من الطموح على صعيد العمل المناخي.
وتحظى هذه الخطة بدعم على أعلى مستوى، حيث سبق وعبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن أن مؤتمر (COP28) يشكل فرصة للتحرك من أجل مكافحة التغيرات المناخية، كما دعت إلى ضرورة الوفاء بالتعهدات الخاصة بتوفير 100 مليار دولار لتمويل العمل المناخي خلال العام الجاري، وأن الاتحاد الأوروبي على استعداد للعمل بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين لمكافحة تغير المناخ.
ويجب الإشارة هنا إلى أن البرلمان الأوروبي صادق رسمياً على قانون استعادة الطبيعة، في 12 يوليو/ تموز 2023، بعد مفاوضات شاقة استمرت أكثر من عام، ويُعد هذا القانون أحد بنود مبادرة الصفقة الخضراء، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي، بهدف تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
بعد مصادقة البرلمان الأوروبي على قانون استعادة الطبيعة، ما هي الإجراءات التي يتعين القيام بها بهدف تحقيق الهدف من صدور ذلك القانون؟
يجب التأكيد على أن قانون استعادة الطبيعة، الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي هذا الشهر، يشكل انتصاراً كبيراً للحفاظ على الطبيعة ولمكافحة التغيرات المناخية، ليس فقط بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وإنما لجميع أنحاء العالم، ويتضمن القانون مجموعة من التدابير التي تهدف إلى تحسين استدامة الزراعة، ويدعو إلى تعزيز الفهم المشترك لأهمية دور التنوع البيولوجي في استدامة الزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي.
ويتضمن القانون برامج عملية لاستعادة الطبيعة، بحيث تكون كل دولة مسؤولة عن التنفيذ على أرض الواقع، استناداً إلى مجموعة من العوامل، تتضمن طبيعة أنشطة استعادة المناطق المتضررة، وإجراءات المراقبة والإبلاغ، وقد انطلقت بالفعل مفاوضات بهذا الشأن يوم 19 يوليو/ تموز، أي بعد أسبوع واحد من مصادقة البرلمان الأوروبي على القانون، ونأمل أن تنتهي المفاوضات قبل نهاية العام الجاري.
ماذا يقدم القانون الجديد للدول الأوروبية في سبيل تحقيق الإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي؟
يُعتبر قانون استعادة الطبيعة للاتحاد الأوروبي بمثابة حافز أساسي لتحقيق أهداف إطار "كونمينغ - مونتريال" العالمي للتنوع البيولوجي، وفقاً للجدول الزمني الذي تم الإعلان عنه في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (COP15) الذي عُقد في مدينة مونتريال بكندا، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، من خلال تقديم أهداف ملزمة قانوناً لاستعادة ما لا يقل عن 20% من الأراضي والبحار في دول الاتحاد الأوروبي، بحلول عام 2030.
ويوفر التشريع الجديد الكثير من الإمكانات اللازمة لتنمية الدور الفعال لاستعادة الطبيعة، من خلال تقديم الحلول المستندة إلى الطبيعة، للمساعدة في التخفيف من التغيرات المناخية والتكيف من التداعيات الناجمة عنها، بما يتجاوز الأهداف الملزمة التي يتضمنها القانون، بالإضافة إلى توفير الكثير من المرونة للدول الأعضاء لتقرر كيفية تنفيذ إجراءات استعادة الطبيعة، ويتم تمويل هذه الإجراءات من خلال صندوق مخصص لهذا الغرض، كما يجري حشد مزيد من مصادر التمويل الإضافية.
كيف يمكن للقانون الجديد الاستفادة من إمكانيات الشركات الكبرى والمؤسسات المالية في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاقتصادية؟
هناك الكثير من الفرص لإدخال آليات تمويل مبتكرة، تكون بمثابة مكاسب متبادلة للناس والطبيعة، على سبيل المثال، في المملكة المتحدة وأستراليا، يتم تقديم دعم مالي للمزارعين وملاك الأراضي، لتشجيعهم على تبني ممارسات استعادة الطبيعة، ويمكن الاستفادة من شركات القطاع الخاص ومؤسسات التمويل لتوفير ذلك الدعم، بعيداً عن الموازنة العامة لكل دولة، ويجب الإشارة هنا إلى أن تقييمات رسمية أظهرت أن كل يورو يتم استثماره في استعادة الطبيعة، سوف ينتج عنه عائد اقتصادي يتراوح بين 8 و38 يورو.
ولعل ما يدعو للتفاؤل أن كثيراً من الشركات العاملة في قطاعي الطاقة المتجددة والزراعة انضمت بالفعل في الحملات الرامية لدعم قانون استعادة الطبيعة، بما يتضمنه من إجراءات تنفيذية، كما أن منتدى مستقبل الزراعة في أوروبا، رغم أنه أكد عدم وجود أي تهديد للأمن الغذائي في أوروبا اليوم، إلا أنه حذر من مخاطر مستقبلية، نتيجة استمرار تدهور الطبيعة وفقدان التنوع البيولوجي.