محور أوروبا-أفريقيا.. المعادن تغير مراكز الثقل العالمية
اجتمع قادة أفارقة وأوروبيون في أنغولا الإثنين لتعزيز العلاقات التجارية ومناقشة قضايا الهجرة والمعادن الاستراتيجية، وذلك في قمة أجريت على هامشها محادثات طارئة حول الخطة الأمريكية بشأن أوكرانيا.
ترأس رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا صباحاً قمة طارئة للاتحاد الأوروبي في أحد فنادق لواندا، في خضم سعي أوروبا وكييف للتباحث في مقترح أمريكي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، اعتُبر مراعياً إلى حد كبير لمصالح موسكو.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بعد الاجتماع الذي عقد غداة محادثات أجريت في جنيف بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين وأوروبيين "ما زال هناك عمل يتعين القيام به"، مشيرة إلى وجود "أسس متينة للمضي قدما".
لاحقا، توجّه قادة الاتحاد الأوروبي، وبينهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البولندي إلى مركز مؤتمرات في العاصمة الأنغولية لعقد قمة مع نظرائهم الأفارقة.

هذه القمة التي يترأسها الرئيس الرواندي جواو لورنسو، يشارك فيها إضافة إلى ميرتس وتوسك، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الكيني ويليام روتو ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا.
وقال رامافوزا لدى وصوله "نتوقع أن تزداد الشراكة بين القارتين متانة".
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إن "محور أوروبا-أفريقيا" يجب أن يصبح "المحور المركزي للمجتمع الدولي".
- ميزانية المملكة المتحدة.. «حكومة العمال» أمام اختبار الشعبية
- جزيرة «هوكايدو» اليابانية.. مركز مستقبلي لصناعة الرقائق عالمياً
التزامات قابلة للتطبيق
قمة أنغولا التي تستمر يومين هي السابعة للاتحادين الأوروبي والأفريقي، وتأتي في أعقاب اجتماع مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا الذي قاطعته الولايات المتحدة في تطوّر سلّط الضوء على الانقسامات الجيوسياسية.
التعاون قائم بين الاتحادين منذ 25 عاماً، ويقول محلّلون إن العلاقات تحتاج إلى تجديد إذا أرادت أوروبا الحفاظ على دورها كشريك رئيسي للقارة.
وقالت فون دير لايين في كلمتها الافتتاحية إن "ازدهارنا أصبح أكثر ترابطاً من أي وقت مضى. نحن بحاجة إلى بناء صناعات المستقبل معا. نحن بحاجة إلى الاستفادة القصوى من مواهبنا ومواردنا والتخلص من التبعيات الخطيرة".
يعد الاتحاد الأوروبي أكبر مصدر للاستثمارات الخارجية المباشرة في القارة وأكبر شركائها التجاريين.

وبلغت قيمة التبادلات التجارية من سلع وخدمات 467 مليار يورو (538 مليار دولار) في العام 2023، وفقاً لبروكسل.
كما عززت دول الخليج العربية وتركيا حضورها في القارة، ما أتاح للدول الأفريقية مزيداً من الفرص التجارية، ومنحها تالياً قوة تفاوضية أكبر في مواجهة الاتحاد الأوروبي، على ما يوضح غيرت لابورت من المركز الأوروبي لبحوث السياسات العامة (ECDPM).
ويُشير إلى أنه "لم نعد في وضع كانت فيه أوروبا الشريك الوحيد"، وبات يتعين على عواصم الاتحاد الأوروبي أن تُقدّم شيئا "جذاباً بما يكفي للتغلب" على المنافسة.
يتطلب ذلك، وفق خبراء، استثمارات في البنية التحتية والطاقة والمشاريع الصناعية التي تُولّد فرص عمل وتُعزز النمو الاقتصادي في أفريقيا، ما يتعارض بالكامل مع مخرجات القمم السابقة عن القارة الأفريقية والتي اقتصرت بدرجة كبيرة على النوايا الحسنة من دون كثير من الإجراءات الملموسة.
يُلخص المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي نور محمود شيخ، الوضع، قائلاً: "لا تبحث أفريقيا عن تصريحات جديدة، بل عن التزامات موثوقة وقابلة للتحقيق".
سيناقش رؤساء الدول والحكومات سبل تعزيز التجارة خصوصاً إثر زيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرسوم الجمركية على بلدان الاتحادين.
البوابة العالمية
ومن المتوقع أن يقدم الاتحاد الأوروبي خبراته للمساعدة في تطوير التجارة البينية الأفريقية، والتي لا تمثل حالياً سوى 15% من إجمالي التجارة في القارة، وفق دبلوماسيين أجرت وكالة "فرانس برس" مقابلات معهم.
كما سيسعى الاتحاد الأوروبي إلى تأمين المعادن الاستراتيجية اللازمة لعملية الانتقال البيئي، وتقليل اعتماده على الصين في الحصول على العناصر الأرضية النادرة الضرورية للتكنولوجيا والمنتجات الإلكترونية.
ستُدرج بعض المشاريع ضمن "البوابة العالمية"، وهي خطة بنية تحتية واسعة تهدف إلى مواجهة النفوذ العالمي المتنامي للصين.
وأعد الاتحاد الأوروبي واحداً من أبرز مشاريعه في أنغولا وهو ممر لوبيتو، وهو خط سكك حديد ممول بالشراكة مع الولايات المتحدة لربط المناطق الغنية بالمعادن في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا بالساحل الأطلسي.
ويسعى دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي لتقديم مثل هذه المشاريع على أنها مكاسب متبادلة. لكن معارضي المشروع يرون فيه استعادة لممارسات استعمارية ويشيرون إلى أنه لا يخدم على نحو ملموس المجتمعات المحلية.
ويقول إيكيميسيت إيفيونغ من شركة الاستشارات النيجيرية "إس بي إم إنتليجنس" إن "صدقية أوروبا باتت تعتمد على قدرتها على دعم المشاريع التي تخلق قيمة في أفريقيا، وليس فقط على رؤية بروكسل".