مؤسس "إيفرجراند" من قطع الأشجار إلى الثراء.. ثروة أتلفتها "قروض الظل"
نما حلمه مثلما تنمو الأشجار التي كان يقطعها والده في مقاطعة خنان الصينية، حتى أصبح قطب العقارات الصيني بثروة 42 مليار دولار.
إنه "هوي كا يان" مؤسس ورئيس إيفرجراند الصينية، الذي ولد في مقاطعة خنان عام 1958، وبعد أن فقد والدته عندما كان رضيعاً، تربى على يد جدته ووالده، ثم تخرَّج في معهد ووهان للعلوم والتكنولوجيا في عام 1982، تماماً في الوقت الذي كان فيه دينغ شياو بنغ يفتح الاقتصاد، وبعد العمل في شركة للصلب؛ استقال من وظيفته في عام 1992 لتجربة حظه في العقارات.
وأسس هوي "إيفرجراند" في عام 1996 في مدينة غوانزو الجنوبية، وعلى مدى العقود التالية بنى الشركة لتصبح عملاقاً سيطر على أرضٍ تبلغ مساحتها خمسة أضعاف مساحة مانهاتن.
ولم يكتفِ هوي بقطاع العقارات، إذ راكم حصصاً في فرق كرة القدم، و كرة الطائرة، والمياه المعبأة، والترفيه عبر الإنترنت، والخدمات المصرفية والتأمين، وتعهد أن يتفوَّق على إيلون ماسك بـ"أقوى شركة سيارات تعمل بالطاقة الجديدة في العالم".
ومع نمو الشركة؛ نمت ثروة هوي أيضاً، وتضخَّمت ثروته الشخصية إلى 42 مليار دولار في ذروتها في عام 2017، وكانت حصة الأغلبية التي يمتلكها في "إيفرجراند" تعني أنَّه استفاد بسخاء من توزيعات الأرباح، فقد حصل على 8 مليارات دولار وحده منذ عام 2011، وفقاً لحسابات "بلومبرج".
واشترت شركاته قصوراً فاخرة، بما في ذلك القصر الذي في سيدني، إذ كان لا بدَّ من بيعه في 2015 بعد أن وجدت الحكومة الأسترالية أنَّ الشراء ينتهك قواعد الاستثمار الأجنبي.
وكان هوي المدير الوحيد لشركة تمتلك منزلاً بقيمة 100 مليون دولار في التلال الواقعة فوق جزيرة هونغ كونغ، قبل أن يتخلى عن منصبه مؤخراً، وفق وثائق تسجيل الشركة.
ضحية للسياسات الجديدة
ولكن فقد هوي نحو 15 مليار دولار من ثروته، خلال العام الجاري فقط، بعد أن تخطت ديون شركته "إيفرجراند" حاجز 305 مليارات دولار، حيث اعتمد "هوي" في بناء "إيفرجراند" والشركات التابعة لها على مزيج عنيف من إصدار الديون المقوَّمة بالدولار، ومبيعات الأسهم، والقروض المصرفية، وتمويل الظل - طرق التمويل التي تمَّ القضاء عليها تقريباً، وتواجه المجموعة حالياً على أقل تقدير عملية إعادة هيكلة ديون، والتي قد تكون الأكبر في تاريخ الصين.
قد يرى بعض الخبراء أن إمبراطورية "إيفرجراند" تعد واحدة من أكبر ضحايا جهود الرئيس، شي جين بنج، للحد من الأحجام المفرطة للتكتلات التي تغذيها الديون، ولنزع فتيل مخاطر سوق الإسكان في الصين.
وبَنَت "إيفرجراند" والشركات التابعة لها من خلال مزيج عنيف من إصدار الديون المقوَّمة بالدولار، ومبيعات الأسهم، والقروض المصرفية، وتمويل الظل - طرق التمويل التي تمَّ القضاء عليها تقريباً، وتواجه المجموعة حالياً على أقل تقدير عملية إعادة هيكلة ديون، والتي قد تكون الأكبر في تاريخ الصين، حتى تفاقمت ديون الشركة في عام 2018 وبلغت 100 مليار دولار.
ثروة أتلفتها "قروض الظل"
وجفت قروض الظل - وهو التمويل غير المصرفي الذي شكَّل ما يقرب من ثلث ديون "إيفرغراند" في عام 2019 - وخضع الاقتراض المبهم من خلال المشاريع المشتركة للتدقيق، ومنع المنظِّمون الاقتراض الجديد من خلال سياسة "الخطوط الحمراء الثلاثة" للحدِّ من الاستثمار بالرافعة المالية.
وتسبَّبت هذه الإجراءات في أزمة سيولة في شركة "هوي" في 2020، وأدى فشل الاستحواذ العكسي لوحدة تابعة لـ"إيفرجراند" في البر الرئيسي إلى تعثرها عن سداد ما يصل إلى 20 مليار دولار من المدفوعات للمستثمرين.
وحذَّر خطاب مُسرَّب مرسل من "إيفرجراند" إلى حكومة مقاطعة قوانغدونغ (وهي وثائق قالت الشركة عنها إنها ملفقة) من أنَّ الشركة تواجه تعثراً محتملاً يمكن أن يفسد النظام المالي، وبعد فترة وجيزة، تمَّ التوصل إلى اتفاق لتجنُّب معظم المدفوعات، بدعم من المسؤولين المحليين، وتمكَّن "هوي" من التراجع عن حافة الهاوية، لكنَّ ذلك لم يدم طويلاً.
بكين ترفع يدها
قال "هو تشيجن"، رئيس تحرير صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية، في منشور على"وايبو" الشهر الماضي، إنَّ الشركات مثل "إيفرجراند" لا يمكن أن تكون "أكبر من أن تفشل" بمجرد أن تنهار، وقال: "يجب أن تكون لديها القدرة على إنقاذ نفسها عبر السوق".
ورغم أن حكومة بكين حاولت السيطرة على الأزمة من خلال ضخ 14 مليار دولار في النظام البنكي لتوفير السيولة، كما رهنت شركة إيفرجراند بعض ممتلكاتها ومعداتها لتأمين سداد جزء من القروض التي بلغ متوسط سعر فائدتها 9.02%، إلا أن الرئيس الصيني يتبع سياسة صارمة للقضاء على الكيانات العملاقة التي تعتمد على الديون، الأمر الذي ينذر بتخلي الحزب الحاكم عن أحد مستشاريه السياسيين.
وقالت أليخاندرا غريندال ، كبيرة الاقتصاديين في "نيد ديفيس ريسيرش"، إنَّ تقلُّص القوة العاملة يعني "أنَّ الصين يجب أن تعتمد حصرياً على الإنتاجية لتحقيق النمو الاقتصادي.. وشركات العقارات مفرطة المديونية وغير المنتجة، مثل "إيفرغراند"، لا تفضي إلى مستقبل منتج".
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA= جزيرة ام اند امز