العلاقات الزوجية في رمضان.. حكم وضوابط الجماع والكفارة
داعية أزهري يؤكد أن العلاقة الزوجية في شهر رمضان ليست محرمة كما يدعي البعض، ولكن تتم وفقا لقواعد شرعية حددها القرآن والسنة النبوية، منعا لتضارب الأقاويل.
العلاقة الزوجية أو الجماع بين الزوجين في رمضان لها حدود وضوابط شرعية فرضها الدين الإسلامي عليهما لضمان صحة صومهما خلال الشهر المبارك، وإذا ما خالفا أيا من تلك القواعد يبطل صومهما.
"العين الإخبارية" تقدم دليلا شرعيا لحدود وضوابط العلاقة الزوجية خلال شهر رمضان، يقدمها الداعية الإسلامي الأزهري تامر مطر الذي يؤكد أن الجماع في شهر رمضان ليس محرما كما يدعي البعض، ولكن يتم هذا الأمر وفقا لقواعد شرعية لا يجوز الخروج عنها.
ضوابط العلاقة الزوجية خلال رمضان
يقول الشيخ الأزهري إن: "العلاقة الصحيحة دينيا تقام بين الزوجين عقب الإفطار وقبل الفجر، ولا يجوز الجماع في نهار رمضان، حتى يحافظا على صحة وسلامة صيامهما، وفي حالة سقوطهما في فخ الجماع نهارا فلا بد من اتباع عدة كفارات حتى يعوضا يومهما الذي أفسداه".
فإذا قام المسلم الصائم بمعاشرة زوجته في نهار رمضان بطُل صومه ووجب عليه القضاء والكفارة؛ ويأتي حكم كفارة الجماع في نهار رمضان لما ورد :
أَن رجلا جاء إِلَى النبِيِ صلى اللَّه عليه وآله وسلم، وقال له: هلكت يا رسول الله، قال: (وما أَهلَكك؟) قال: وقعت على امرأَتِي فِي رَمَضَانَ، فقال الرسول: (هل تجِد ما تعتق بِه رقبة؟) قَالَ: لَا، قال: (فهل تستطيع أَن تصوم شهرين متتابعين؟) قال: لا، قال: (فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟) قال: لَا، ثُم جلس الرجل فجاء إِلَى النبِي بمكيال فِيه تمر، فقال لِلرجل: "تصدق بهذا"، قال: (ما بين لابَتيها -طرفَيها- أهل بيت أَحوج إِليه مني)، فضحكَ النبي وقال لِلرجل: (اذْهب فأَطْعِمه أَهلك)".
كثير من الفقهاء يرون أن هذه الكفارة واجبة على الزوج وحده، وتكون الكفارة على الترتيب الذي ذكره الحديث السابق: "فيلزمه عتق الرقبة إن استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن لم يستطع فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم 60 مسكينا من أوسط ما يطعم أهله.
وعن حكم الاغتسال من الجنابة بعد الفجر للصائم، أكد الشيخ الأزهري أن الصوم صحيح شرعا، مع مراعاة عدم تأخير الغسل لحين خروج وقت الصلاة.
حكم الجماع في نهار رمضان
يندرج الجماع في نهار رمضان ضمن مُفطرات الصوم، وهي الأشياء التي تبطل الصوم إمّا بانتفاء شرطٍ من شروطه، أو باختلال ركن من أركانه.
وأصل هذه المُفطرات ثلاثة وردت في كتاب الله في سورة البقرة، حيث قال تعالى: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ).
وقد أجمع علماء الأمّة على أنه يجب الإمساك وقت الصوم عن المطعوم، والمشروب، والجماع، وقسّموا المُبطلات إلى قسمين وفقا للحكم الشرعي لمسبب الإفطار.
القسم الثاني منها هو "ما يبطل الصيام ويوجب القضاء والكفَّارة"، ويشمل الجماع فقط باعتباره الفعل الوحيد الذي يبطل الصوم ويوجب القضاء والكفَّارة.
والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
وذكر مركز الأزهر العالمي للفتوى، في فتواه بعنوان "44 تساؤلا حول المفطرات"، أن الجماع في نهار شهر رمضان ولو بلا إنزال يندرج ضمن جدول المفطرات.
وأوضح مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، أن جماع الرجل لزوجته في نهار رمضان لا يصح ولا يحل ومحرم شرعًا، والشخص الذي يقع في مثل هذا الذنب عليه أن يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى وعليه أن يلتزم بما ألزمه به الرسول محمد.
وشدد المفتي على ضرورة أن "يتوب الرجل والمرأة إلى الله على ارتكاب ذنب الجماع في نهار رمضان بأن يندما على ما فات وأن يعزما ألا يحصل منهما هذا الفعل في المستقبل، وأن يتلزما بما جاء عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن".
.وعن حكم الجماع في ليالي رمضان قال: "يعتقد بعض الناس أن جماع الزوج لزوجته في ليالي رمضان حرام، ولكن هذا الأمر غير صحيح، فجماع الزوج لزوجته في ليالي رمضان جائز شرعا ما لم يكن هناك عذر شرعي كالحيض والنفاس،.
ويبقى آخر وقت للجماع في رمضان قبل الفجر، وذلك وفقا لقول الله تعالى في الآية 187 من سورة البقرة: (أحل لكم لَيلَة الصيام الرفث إِلى نسائكم)، والرفث هنا معناه الجماع".
حكم الإفطار في رمضان عمدا بالجماع
صيام رمضان واجب على كل مسلمٍ مكلَّفٍ صحيحٍ مُقيم، وحال الإفطار في نهار الشهر الكريم لأي سبب يستوجب القضاء أو الفدية، وهناك حالة استثنائية هي حكم الإفطار في رمضان بالجماع، وذلك طبقا لإجماع الفقهاء.
ويختلف حكم من أفطر في رمضان بالجماع عن أي حالة أخرى للإفطار، فلا يترتب عليه القضاء أو الفدية وإنما القضاء والكفارة سويا.
والكفارة هي عقوبة وضعت لمعالجة كل مخالفة غير مصرح بها أو غير مشروعة عن تفويت صيام يوم في رمضان أو ارتكاب محظور من محظورات الصيام.
بالنسبة لحكم الإفطار لمن جامع زوجه متعمدًا في نهار رمضان، فهو وجوب قضاء الزوجين يوما عن اليوم الذي حصل فيه الجماع، والزوج عليه كفارة وهي صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
ويستدل على ذلك بقوله تعالى:
"فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".
وأوضح مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، أن "الكفارة واجبة مع القضاء على من اقترف إثمًا يكفر عنه، كأن يجامع زوجه متعمدًا في نهار رمضان".
وقال علام إن "القضاء هو صيام الأيام التي أفطرها المكلف ذكرًا كان أو أنثى بعد انقضاء رمضان، وهو واجب في حق كل من أفطر في رمضان بعذر أو بغير عذر".
وأضاف: "يقضي أيامًا بعدد الأيام التي أفطرها، ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف، ويجوز عكسه، بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء، وعلى المكلف أن يسارع إلى قضاء ما فاته من أيام رمضان قبل دخول رمضان آخر".
بشأن الحكم الشرعي للجماع في رمضان قبل الفجر، فقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله إن "جامع الرجل أهله في الليل لا بأس في رمضان كله حتى في العشر الأخيرة، ويحرم عليه جماعها في نهار الصيام، أما كونه يقبلها أو يلمسها أو يضمها إليه أو ينام معها فكل هذا لا حرج فيه".
aXA6IDE4LjE5MS4xMjkuMjQxIA== جزيرة ام اند امز