معارض تركي عن سجون أردوغان: لا موضع لقدم بها
فاروق جرجرلي أوغلو تحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون والمعتقلات التركية
أعرب عمر فاروق جرجرلي أوغلو، نائب ولاية "قوجا إيلي" عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، والمدافع عن حقوق الإنسان، عن استيائه من الظلم الذي تشهده تركيا، في ظل حكم نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها المعارض التركي، خلال حوار أجراه مع موقع "أحوال تركية"، الإثنين، تطرق خلالها إلى الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون والمعتقلات التركية.
ومن ضمن الوقائع التي تحدث عنها جرجرلي أوغلو، واقعة المدرس مظفر أوزجنكيز الذي لقي حتفه مؤخرًا نتيجة تعرضه لأزمة قلبية في حبس انفرادي بأحد سجون مدينة "جوروم" الذي كان يقضي فيه عقوبة السجن بعد فصله من عمله في وقت سابق بموجب مرسوم رئاسي في حكم القانون.
وقال المعارض المذكور تعليقًا على الواقعة "مدرس دين يبلغ من العمر 58 عامًا فصل من عمله بموجب مرسوم رئاسي، ومعتقل منذ 22 شهرًا، وكان يقضي عقوبة الحبس الانفرادي لمدة 14 شهرًا.. ولقد التقيت أسرته والمحامي الخاص به. ولقد سبق أن تقدموا بكثير من الطلبات للجهات المعنية لتأكيد أنه يتناول كثيرًا من الأدوية لما لديه من أمراض عدة، كالقلب، والسكر، وانزلاق غضروفي بالرقبة، والغدة الدرقية، وفقدان السمع".
وتابع: "هذا الرجل المسكين كان يجد صعوبة بالغة في تلبية احتياجاته اليومية، ومع ذلك تم وضعه في حبس انفرادي بموجب أمر من وزارة العدل".
وأضاف: "أوزجنكيز منذ أشهر يطلب من الجهات المعنية السماح له بالعودة إلى العنابر مع المحكومين الآخرين بدلًا من الحبس الانفرادي، وقدم طلبات عديدة لهذا الغرض، قصّ فيها على مسؤولي السجون حالته الصحية، وشدد على أن ما يتعرض له أمر خطائي من الناحية القانونية. وخلال إحدى المرات التي يتم فحصه فيها طبيًا كل 3 أشهر قيل له إنه لا يوجد ثمة مانع في حبسه انفراديًا".
وأوضح أنه قبل نحو 20 يومًا ساءت حالة المدرس الصحية، وتقدم بطلبات لنقله إلى المستشفى، حيث كان يعاني من عدوى بكتيرية ضربت جسده بأكمله؛ وكل هذه مؤشرات لها علاقة مباشرة بمرض القلب.
وفي رسالته التي كتبها في هذه الأثناء كان يتحدث عن المشكلات الصحية التي عانى منها، وحالة العزلة الشديدة سببت له كثيرًا من المتاعب. فلم يكن من حقه الخروج لممارسة الرياضة، وفق المعارض المذكور.
وقال إن الطبيب المعالج بالمؤسسة، وكذلك الطبيب النفسي شددا على ضرورة نقله للمستشفى، إذ قال له الطبيب "لقد تأخرت حالتك كثيرًا"؛ "ورغم هذا أعادوه مجددًا إلى الحبس الانفرادي، فلماذا ؟"
وأضاف "لقد استشطت غضبًا وأنا أقرأ رسالة هذا المدرس المسكين؛ لأنني بين سطورها كنت أرى إنسانًا تم إرساله إلى الموت عن عمد. إذ كان يقول من ضمن ما قال "حقي في الحياة يتضاءل، أنا أُدفع إلى الموت دفعا". وأنا أرى أن قلبكم لا يمكن أن يطاوعكم لقراءة هذه الرسالة".
ولفت جرجرلي أوغلو إلى أنه "بهذه الواقعة نجد أنفسنا أمام إنسان خط بيده الجريمة التي ارتكبت بحقه، قبل موته بخمس أيام فقط".
واستطرد "ثانية أكرر هذه واقعة خطيرة للغاية إنسانيًا وطبيًا، ولقد شهدت الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في مثل هذه الوقائع. إذ بات من السهل جدًا أن يزج بأناس لا حول لهم ولا قوة في سجون لشهور بشكل تعسفي، وبموجب أوامر وقرارات تأتي من جهات عليا. ولقد كتب لي كثير من الأشخاص عددًا من الرسائل من داخل سجونهم. رسائل لا تتحملون قراءتها بأي حال من الأحوال".
وذكر أن "هناك واقعة أخرى كانت تقتضي استقالة وزير العدل لو كنا نعيش في بلد آخر غير تركيا. هذه الواقعة خاصة بالشابة نسرين جنتش عثمان التي توفيت في محبسها لأنها كانت تعاني من مرض السل. ومع هذا لم يتم فتح تحقيق في الأمر".
وتابع "هذا فضلا عن واقعة وفاة حقان تمام، في محبسه بقضاء (قاندره) التابع لولاية (قوجه إيلي)؛ جرّاء تعرضه لأزمة قلبية. وليس من الواضح ما حدث له. إذ سمعنا في ذلك اليوم عن حدوث حالة تمرد في السجن، ووقعت أحداث كثيرة".
وأضاف "قبل 15 يومًا أيضًا توفي يوسف باتشه جي، في محبسه بولاية باطمان؛ جراء تعرضه لأزمة قلبية. والواقعة تشير إلى حدوث إهمال كبير بحق الرجل المسكين".
واستمرارًا لسلسة الوقائع التي تعج بانتهاكات حقوق الإنسان، يؤكد المعارض جرجرلي أوغلو، أنه تم الزج بالمواطن غوكشين أوز في السجن بعد فصله بموجب مرسوم رئاسي، ولقد أصيب بالسرطان وهو في سجنه؛ ولما ساءت حالته الصحية تم إخلاء سبيله؛ لكن جاء الأمر متأخرًا للغاية ليلقى حتفه على الفور.
وأوضح أن "هؤلاء البشر يعيشون قهرًا لا وصف له. فمن جهة يتعرضون للإقصاء، ثم الاكتئاب، فضلا عن معاناتهم الكبيرة بسبب ما يفقدونه من مشاعر العدالة. فكل هذه السلبيات هي التي أنهكت أجسادهم، فخارت قواها ولم تستطع المقاومة".
في سياق سوء الأوضاع الأمنية بتركيا ذكر المعارض أنه "منذ 80 يومًا تم وبشكل مريب اختطاف 6 أشخاص في ولايات أنقرة، وإسطنبول، وأدرنة، وأنطاليا. وهذا الأمر ليس بجديد إذ شهدنا خلال فرض حالة الطوارئ بعد المحاولة الانقلابية عام 2016، خطف 20 شخصًا. ولقد تعقبت هذه الحوادث عن كثب. حيث كان يخطف الضحايا وهم يسيرون في الشوارع الرئيسية لمعظم المدن، وبعد فترة يتم إلقاؤهم بجوانب الطرق، ليقول الضحايا فيما بعد إنهم تعرضوا للتعذيب في مكان ما لا يعرفونه. ولعل آخر حالة اختطاف لا تزال مجهولة ولا يعلم أحد عنها شيئًا".
وبيّن أنه "سبق أن قدمنا استجوابًا في البرلمان حول الأشخاص الستة المختطفين. ولم تكلف أي مؤسسة تركية نفسها بالرد علينا. غير أن أسر هؤلاء الضحايا تبذل جهودًا مضنية لمعرفة مصير ذويهم، فكما تعلمون النار تحرق المكان الذي تسقط فيه. لكن المحصلة لا شيء إذ لا يتلقون أي إجابات على أسئلتهم من أي جهة. لكن المحامين الذين يمسكون هذه القضايا تقدموا بطلب عاجل إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية التي قبلت طلبهم، وتقدمت بأسئلة لتركيا حول شخصين من المختطفين. واتهمت المحكمة تركيا بالتقصير، وعدم بذل الجهود اللازمة لمعرفة مصير هؤلاء الأشخاص، لكن دون جدوى فلا رد يأتيها من أي جهة تركية".
وأشار جرجرلي أوغلو إلى أن "بسبب الظلم الذي تشهده تركيا امتلأت السجون عن آخرها، وثمة طريقان أمام النظام للتخلص من هذه المعضلة، أولهما إما (العفو السياسي) لتفريغ تلك السجون، وثانيها بناء سجون جديد لاستيعاب الأعداد المتزايدة في المعتقلين. وبالفعل سمعنا أن الدولة قامت بتشييد 193 سجنًا".
وشدد على "ضرورة البحث عن سبل لإنهاء الظلم الذي تشهده تركيا، فلا بد من إجراء إصلاحات سريعة في نظام القضاء، واتخاذ خطوات جادة من أجل التحول الديمقراطي؛ لأن البلاد وصلت إلى طريق مسدود، فتشييد سجون جديدة سيعزز استمرار الممارسات الظالمة".
في سياق انتهاكات حقوق الإنسان أيضًا ذكر جرجرلي أوغلو أن "هناك ما يقرب من 3 آلاف شخص يخوضون إضرابا عن الطعام في السجون التركية، ما يعني أن 3 آلاف جثة هامدة قد تخرج لنا من تلك السجون في أي وقت. هذا بحق شيء مرعب".
وتابع "هؤلاء المضربون عن الطعام يطالبون بإنهاء العزلة المفروضة على الزعيم الكردي، عبد الله أوجلان في محبسه بجزيرة (إيمرالي) ببحر مرمره. وإذا انتهت هذه الإضرابات بموت 3 آلاف شخص، فيؤسفني أن أقول إن القضية الكردية لن تحل مطلقًا، وسيؤدي ذلك إلى حدوث تطورات غير محمودة العواقب".
كما ذكر أن "القوات الأمنية التركية شنت ما يقرب من 511 ألف عملية أمنية منذ المحاولة الانقلابية، اعتقلت على إثرها بين 40 إلى 50 ألف شخص. ولقد شملت هذه الاعتقالات جنودًا، ورجال شرطة، على خلفية اتهامهم بالإرهاب. فهذا بحق أمر مبالغ فيه لأقصى حد".
ويوم 10 مارس/آذار الماضي، كشف سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، عن توقيف 511 ألف شخص، اعتقل منهم 30 ألفاً و821، في إطار العمليات التي استهدفت جماعة الداعية فتح الله غولن، وحزب العمال الكردستاني، منذ المحاولة الانقلابية المزعومة.
وفي 3 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن الوزير ذاته أن عدد المعتقلين في عام 2018 بلغ 750 ألفاً و239 شخصاً، بينهم أكثر من 52 ألفاً فقط بشبهة الانتماء إلى غولن.
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg جزيرة ام اند امز