أبرزها عودة حمدوك.. 3 سيناريوهات محتملة لأزمة السودان
تطرح الأوضاع الحالية في السودان سيناريوهات عدة، في ظل مشهد يكتنفه الغموض، عقب الإطاحة بالحكومة الانتقالية وتجميد عمل المجلس السيادي.
وتأتي الأزمة وسط تصاعد الاحتجاجات في الشارع، وإعلان جانب من المكون المدني بالسلطة حالة العصيان في بلد يعاني من وطأة أزمات اقتصادية كبيرة.
ووفقا لتقديرات خبراء في الشأن السوداني في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" فإنه يصعب التكهن بسيناريو محدد للأزمة الراهنة، وسط ضبابية المشهد وتفاعلاته السريعة، معربين عن مخاوفهم من انزلاق البلاد لحالة من الفوضى.
واستيقظت العاصمة السودانية، الخرطوم، الثلاثاء، على إغلاق عام، وانتشار عسكري مكثف، بعد يوم من إعلان حل مجلسي السيادة والوزراء.
وظهر الإثنين، قرر رئيس المجلس السيادي، عبدالفتاح البرهان، تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وحل المجالس الانتقالية، وتشكيل حكومة جديدة في البلاد.
وقال البرهان،في كلمة نقلها التلفزيون السوداني إن الجيش "اتخذ الخطوات التي تحفظ أهداف ثورة ديسمبر 2018" التي أطاحت بنظام عمر البشير، متحدثا عن "تصحيح الثورة"، بينما اعتبر مدنيون في السلطة قراراته "انقلابا".
ورسم خبراء سيناريوهات الأزمة الحالية في السودانية، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور.
عودة حمدوك
وتوقع السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لشؤون السودان، أن تشهد الفترة المقبلة قلاقل واضطرابات، معبرا عن مخاوفه من انزلاق السودان لحالة من الفوضى العامة، في ظل مشهد يكتنفه قدر كبير من الغموض والضبابية.
وفقا لتقديرات "حليمة"، فإنه تجنبا لأي سيناريوهات سيئة، ومع تصاعد حدة المظاهرات في الشارع، فقد يطلب "البرهان من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تشكيل الوزارة من جديد"، لافتا إلى أنه "حال قبول الأخير بهذا الأمر فسيكون هذا هو المخرج لتهدئة الأمور".
وأشار إلى أنه ربما يكون هناك نوع من الحوار مع القوى والأحزاب السياسية للعودة مرة أخرى إلى الوثيقة الدستورية، وإنفاذها بالشكل الذى لا يخلق أزمات"، مردفا :"إذا أمكن التوصل إلى تشكيل حكومة تحظى بالقبول لدى الشعب، فإنه سيتم التفاوض والتعامل معها".
لكن في ظل هذا التوقع، استبعد "حليمة" قيام البرهان بالإفراج عن وزراء وشخصيات في المكون المدني جرى اعتقالهم أمس الإثنين، لكنه سيكون ذلك عقب تشكيل حكومة يتم التوافق حولها، حين تصبح الأمور أكثر هدوءاً .
وما يعزز من توقعات "حليمة"، تأكيد الفريق عبد الفتاح البرهان، في كلمته اليوم الثلاثاء، أنه تم اختطاف مبادرة رئيس الوزراء من مجموعة معينة وتم إقصاء آخرين بمن فيهم القوات المسلحة السودانية.
كما نفى القائد العام للجيش السوداني، صحة ما تردد عن احتجاز حمدوك.
وقال البرهان، خلال مؤتمر صحفي: "حمدوك غير محتجز وموجود معي في منزلي للحفاظ على سلامته".
ولم يستبعد السفير صلاح حليمة أن تسير الأمور كما يخطط لها البرهان، في ظل الانقسامات الحادة التي تضرب المكون المدني السوداني.
وألمح نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية إلى أن البلاد تشهد انقساما حادا في المجتمع، في ظل مكون مدني يتمثل في أحزاب وقوى سياسية بدا عليها عدم التوافق والصراع على السلطة.
وأوضح أن هناك جزءا من الشارع السوداني يميل إلى الإجراءات الذي اتخذها البرهان، وآخر يرى أن هذا "عودة للنظام العسكري الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عاما وكانت الأوضاع السياسية والأمنية متدهورة".
ونبه إلى أن الاتجاه الغالب في الخرطوم هو استكمال مسيرة الانتقال الديمقراطي والحكم المدني وعودة حمدوك لرئاسة الوزراء، لكن في نفس الوقت ما يجري خارج الخرطوم يميل للمكون العسكري، خاصة الشرق وله وزنه وثقله سواء اقتصاديا أو أمنيا.
وفي تشخيصه للأسباب التي صاعدت حة الأمور لهذا المستوى، رأى "حليمة" أن الحكومة الانتقالية بالسودان كانت مسئولة بشكل أو بأخر عن ما آلت إليه الأمور.
وقال: "أعيب على المكون المدني عدم استكمال بعض الهياكل ومؤسسات وأجهزة الدولة مثل المجلس التشريعي، وهياكل السلطة القضائية، إضافة إلى قضية الشرق، والتي كانت تهدد المرحلة الانتقالية بشكل أكبر".
وأضاف حليمة: "أيضا مع احتدام الأزمة لم يكن هناك بديلا فيما يبدو أمام المكون العسكري وفى يده السلطة إلا أن يلجأ لهذه الإجراءات، لكن هذا لا يبرر الانتهاكات التي جرت، حيث كان من الأفضل محاولة التوصل لحلول عبر الحوار".
وأردف: "قد يرى البعض في إجراءات البرهان نوعا من إصلاح المسار، إلا أنها تعد خروجا وعدم احترام الوثيقة الدستورية، لاسيما مع اعتقالات التي جرت في صفوف المكون المدني".
3 سيناريوهات
ومن جانبه طرح الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث لـ"العين الإخبارية" 3 سيناريوهات للمشهد السوداني الحالي.
وقال إن تطورات الأوضاع لن تخرج عن 3 سيناريوهات؛ الأول: أن ينجح تحرك البرهان وعدم تمكن المعارضة الشعبية والسياسية من إعادة الأمور لما كانت عليه، والسيناريو الثاني: نجاح قوى ما سواء داخلية أو إقليمية أو دولية أو مزيج منهما في إيجاد وساطة بين الطرفين المتنازعين حاليا، وهذه "أفضل السيناريوهات" لكن لا يمكن أن "نحكم مدى تحقيقه من عدمه".
أما السيناريو الثالث- بحسب يوسف- فهو نجاح المعارضة السياسية والشعبية في إعادة الأمور لما كانت عليه، وهو أمر بالإمكان تحقيقه، حال استمرار الاعتراض الشعبي وتصاعد ذروته من جهة، وحدوث شرخ وعدم توافق داخل الجيش على إجراءات البرهان.
و"الحكم على مدى إمكانية نجاح أيا من السيناريوهات الثلاثة هو أمر صعب في ظل عدم توافر حتى الآن لمعلومات كافية حول ما يحدث"، وفقا ليوسف.
وأعرب يوسف عن أمله في حدوث توافق بين الطرفين، وأن تقوم القوي الإقليمية الحريصة على أمن واستقرار السودان بدور فعال في هذا الصدد.
وأرجع تصاعد الأزمة السياسية في البلاد إلى عدم وجود توافق وطني حول مسار المرحلة الانتقالية، وهو التوافق الذي يمكن تحقيقه إذا تم الالتزام بالوثيقة الدستورية التي تراضى حولها الأطراف.
واستطرد أن "ما حدث كان متوقعا بشكل كبير، حيث كانت المؤشرات واضحة للغاية إذا ما قرأنا نوايا الأطراف وتصرفاتها، بل كانت هناك تصريحات شبه مباشرة عن هذا الاحتمال، وللأسف لم يتم تفاديه".
غير مبشر
وفي توقعاته، قال الدكتور هاني رسلان، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام والمتخصص في الشأن السوداني، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إنه: "من المبكر الحديث عن استقرار الأوضاع بعد الإطاحة بالحكومة الانتقالية، وتولى قائد الجيش إدارة الأمور بالبلاد، لأن التداعيات وردود الأفعال لا زالت في بداياتها الأولى".
ولفت إلى أن "الأحداث لازالت تتفاعل خاصة مع إعلان البرهان اليوم الثلاثاء حل النقابات والاتحادات؛ لذا فسوف يتبين خلال الأيام القليلة المقبلة ملامح المشهد السوداني وهل ستنجح دعوات العصيان المدني أم أن قائد الجيش سيحكم قبضته على مقاليد الأمور؟".
ونوه رسلان إلى أن المؤشرات الحالية غير مبشرة؛ لأن الأرقام المتداولة حتى الآن تتحدث عن سقوط 4 قتلى ونحو 80 مصابا على خلفية المظاهرات التي انطلقت ضد إجراءات البرهان.
واليوم الثلاثاء،قرر القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حل لجان النقابات والاتحادات المهنية، بعد يوم حافل بالاضطرابات السياسية على إثر الإطاحة بالحكومة الانتقالية واعتقال وزرائها وسياسيين آخرين، خرجت على إثرها مظاهرات مناوئة للقرارات.
ولاقت قرارات المجلس العسكري السوداني تنديدات دولية واسعة ودعوات للإفراج الفوري عن المعتقلين والعودة السريعة للحوار والحفاظ على استقرار هذا البلد الأفريقي.
ودعا بيان أمريكي بريطاني نرويجي مشترك، فجر الثلاثاء، السلطات السودانية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.
وأعربت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، عن قلقهم بشدة بشأن ما وصفوه بـ"الانقلاب العسكري" في السودان، وإدانة تعليق عمل مؤسسات الحكومة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مغلقا بشأن السودان اليوم الثلاثاء، بناء على طلب 6 دول غربية.
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMzkg جزيرة ام اند امز