خبير أمريكي يشرح لـ«العين الإخبارية» خطة الانتصار في معركة «البكتيريا الخارقة» (حوار)
تصف منظمة الصحة العالمية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية بأنها من أخطر المشاكل التي تشكل تهديدا للنظام الصحي العلمي، حيث أصبحت نسبة كبيرة من المضادات الحيوية بلا قيمة، بعد أن أصبحت البكتيريا قادرة على تشكيل مقاومة ضدها.
وبينما تسعى الفرق البحثية حول العالم إلى حل تلك المشكلة بابتكار مضادات حيوية جديدة، يظل التخوف من أن البكتيريا ستشكل مقاومة مستقبلية لها، فكيف يتم التعامل مع تلك المشكلة؟ وهل توجد حلول أكثر فاعلية؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها كوينتين ميشوديل، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء بجامعة "تكساس إيه آند إم" الأمريكية.
هل مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية مشكلة علمية كبيرة؟
مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية هي مشكلة صحية عالمية تنشأ عندما تتطور البكتيريا وتتكيف لتتحمل تأثيرات المضادات الحيوية المصممة لقتلها أو تثبيط نموها، وحجم المشكلة كبير ويشكل تهديدا للصحة العامة في جميع أنحاء العالم.
ما أبرز معالم هذا التهديد؟
تتسبب المشكلة في انخفاض فعالية المضادات الحيوية، فمع مرور الوقت، ومع تعرض البكتيريا للمضادات الحيوية بشكل متكرر، فإن بعضها يطور تغيرات جينية تجعلها مقاومة للأدوية، وهذا يعني أن المضادات الحيوية تصبح أقل فعالية في علاج الالتهابات البكتيرية.
وعندما يحدث ذلك تكون هناك صعوبة في علاج العدوى، ما يؤدي إلى أمراض طويلة الأمد، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة خطر حدوث مضاعفات، وقد تصبح حالات العدوى الشائعة التي كان من السهل علاجها في السابق أكثر صعوبة في إدارتها.
وليس ذلك فحسب، بل إن تطوير بعض البكتيريا مقاومة للعديد من المضادات الحيوية، يؤدي إلى تحولها إلى "جراثيم خارقة"، وتعتبر هذه الجراثيم الخارقة مثيرة للقلق بشكل خاص لأنه لا يمكن علاجها بسهولة بالمضادات الحيوية الموجودة، ويمكن أن تكون العدوى الناجمة عنها شديدة، وحتى مهددة للحياة.
هل تختلف المشكلة من دولة لأخرى؟
الحجم الكبير للمشكلة يظهر في البلدان محدودة الدخل، والتي عادة يغيب عن أنظمتها الصحية التثقيف والتوعية، فيكون هناك إفراط في استخدام المضادات الحيوية وإساءة استخدامها، وهذا يسهم في تسريع مقاومة المضادات الحيوية، ولكن رغم ذلك فإن هذه المشكلة توصف بأنها عالمية، حيث يمكن أن تنتشر البكتيريا المقاومة عالميا من خلال السفر والتجارة وحركة الأشخاص والحيوانات.
هل سيكون كافيا لحل تلك المشكلة الدخول في سباق مع البكتيريا بإنتاج أدوية جديدة؟
يؤسفني القول إننا لن نستطيع ذلك، فعملية تطوير الدواء تمر بمراحل طويلة تأخذ سنوات، لذلك عندما ننتج دواء لا بد من التأكد من أنه لن يسمح للبكتيريا بطوير مقاومة ضده، وبالتالي نكون قد ربحنا السباق مع البكتيريا، قبل أن يبدأ.
أعلنت في دراسة حديثة عن أحد الحلول لمواجهة المشكلة فما هي فكرته؟
قمنا بتطوير نوع جديد من البوليمرات يمكنها قتل البكتيريا بشكل فعال دون أن تجعلها مقاومة للمضادات الحيوية.
ما المميز في هذا البوليمر؟
ابتكرنا جزيئات خاصة ذات شحنة موجبة، باستخدام محفز يسمى (AquaMet)، وقمنا بربط هذه الجزيئات معا، لتكوين بوليمر كبير، كان فعالا ضد البكتيريا ولم تنجح في تكوين مقاومة ضده.
ما السر في فعالية «البوليمر الكبير»؟
يمتلك البوليمر الكبير آلية تعطيل أغشية البكتيريا، ويعد الغشاء جزءا مهما من الخلايا البكتيرية، ومن خلال استهدافه يمكن للبوليمر قتل البكتيريا بشكل فعال.
كما أن البوليمر يتكون من جزيئات موجبة الشحنة تم تصميمها بعناية، وتسهم هذه المكونات الموجبة الشحنة في فعالية البوليمر ضد البكتيريا.
وأخيرا، فإن استخدام محفز قابل للذوبان في الماء يسمى "AquaMet" في تصنيع البوليمر، يعد أمرا بالغ الأهمية، لأنه يمكنه تحمل تركيزات عالية من الشحنات، كما أن قابليته للذوبان في الماء غير شائعة في هذا النوع من العمليات.
كيف تأكدتم من فعالية البوليمرات؟
اختبرنا البوليمرات ضد نوعين من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهي الإشركية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية، وكانت قادرة على قتل هذه البكتيريا بشكل فعال، وتأكدنا من التجارب أن البوليمرات كانت قادرة على استهداف البكتيريا دون الإضرار بالخلايا الأخرى.
متى يتحول البحث لمنتج دوائي في الأسواق؟
نعمل الآن على تحسين قدرة البوليمرات على استهداف البكتيريا، وسنجري المزيد من الاختبارات، قبل الانتقال إلى التجارب السريرية التي تمهد لإنتاج الدواء.