تجربة مصر في مواجهة الإرهاب.. خبراء: نموذج ملهم
باتت تجربة مصر في القضاء على الإرهاب نموذجا ملهما ورائدا، بعد أن عملت منذ عام 2014 على كسر حدة الموجة الإرهابية بكافة الطرق والوسائل.
هذا ما أكده خبراء سياسيون عقب حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عن جهود بلاده و"الثمن" المبذول في سبيل القضاء على الإرهاب، خلال احتفالية يوم الشهيد، أمس الخميس.
وأشار الخبراء إلى أن النجاح المصري في مكافحة الإرهاب أهل البلاد إلى مد يد العون لغيرها من الدول لمساعدتها في هذا الملف الخطير، بما تملكه من خبرات وإمكانيات.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في كلمته بمناسبة "يوم الشهيد "خلال الندوة التثقيفية الـ 37 للقوات المسلحة، أمس، أن "الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفعوا ثمنا كبيرا من أجل أن تنعم مصر بالأمن والأمان والسلام"، مشددا على "قدرة مصر الكبيرة على تخطي الصعاب والتحديات".
وأضاف: "هذا الثمن الذي تم بذله من أجل الوطن كان كبيرا للغاية، عندكم وعندي أيضا، وعند جميع المصريين الذين يشاهدوننا خلال تلك الاحتفالية، ويشعرون بمدى الثمن الكبير الذي تم بذله لتعيش مصر في أمن وأمان وسلام".
وبمناسبة "يوم الشهيد"، كشف السيسي عن أن الحرب على الإرهاب التي خاضتها بلاده كلفتها مليار جنيه شهريا، مضيفا: "كلفت الحرب على الإرهاب في سيناء كل شهر مليار جنيه لمدة 90 شهرا على الأقل".
وأضاف السيسي أنه منذ توليه المسؤولية عام 2014 كان أمامه خياران، الأول أن يُحمل المصريين الهم ويوقف كل الأعمال التي تشهدها الدولة حاليا، ويقوم بحشد إعلامي ضخم على كل الأمور الخاصة بالحرب على الإرهاب في سيناء".
"الطريق الثاني"
وقال "اتخذنا الطريق الثاني، وهو أولادنا يحاربون في سيناء، والبلد تحارب هنا في معركة تانية، والحمد لله أنجزت هذه المهمة بنجاح"، مؤكدا ضرورة الاستمرار في اليقظة، قائلا "لا بد أن نكون دائما منتبهين".
وأشار إلى أن الحرب على الإرهاب كانت أشرس من الحرب التقليدية، وقال إن "العدو التقليدي تعرفه وتراه وتتعامل معه وجها لوجه، لكن العدو في الحرب على الإرهاب يختفي في وسطنا ويهاجم بخسة وجبن ويهرب، وتبقى الناس موجوعة على أولادها ومستقبل بلدها".
وفي تعقيبه على جهود الدولة المصرية في القضاء على الإرهاب، يقول الكاتب الصحفي بالأهرام والخبير السياسي الدكتور هشام النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب رائدة ويلزم تدريسها والوقوف على خبراتها وتضحياتها وخططها وتكتيكاتها ورؤاها الاستراتيجية.
ويفسر: "أنزلت مصر هزيمة ساحقة ليس فحسب بالتنظيمات بالثلاث التقليدية الكبرى التي يعاني منها العالم حاليا وهي داعش والقاعدة والإخوان، وإنما بعدد هائل من جماعات العنف المسلح حديثة النشأة والتكوين مثل، السلفية القطبية وجماعة حازمون وأجناد مصر وغيرها الكثير".
ويتابع "لقد امتدت رقعة الصراع مناطقيا بطول مصر وعرضها وشرقها وغربها، فلم تقتصر الحرب على ساحة سيناء فقط وإنما شملت محافظات الوادي والدلتا والصعيد وقلب العاصمة، كما هدمت مصر أسطورة التنظيم الحديدي للإخوان وأثبتت عمليا فشله وسقوط حجج أحقيته بالسلطة".
ويمضي قائلا "فضحت مصر مزاعم وأكاذيب أن تنظيم الإخوان مجرد جماعة سياسية أو دعوية بعد العمليات الإرهابية التي ارتكبتها الجماعة بعد عزلها شعبيا عن السلطة".
"حرب التنمية"
واستنادا لحديث الرئيس المصري، قال النجار إن "مصر لم تحارب الإرهاب فقط بالسلاح والمواجهات في الميدان، وإنما خاضت حرب التنمية وأزالت مسببات التطرف والإرهاب على الأرض، وفرضت حضور الدولة ومؤسساتها في كافة مناطق الجمهورية حتى لا تترك فراغات تنفذ منها تلك الجماعات وتقدم نفسها كبديل عن الدولة".
ويتابع: "ترتكز هذه النجاحات الكبيرة على خبرة الدولة المصرية ومؤسساتها في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وتراكم خبرات أجهزتها المعنية بهذه التيارات وعلى قدرات وإمكانيات جيشها وأجهزتها الأمنية وعلى جرأة وحنكة واحترافية قادتها وسياسييها، علاوة على ما يتمتع به ضباطها وجنودها من استبسال وروح قتالية فائقة وشجاعة نادرة واستعداد دائم للتضحية والبذل".
وبين أن النجاح المصري في مكافحة الإرهاب أهل مصر، لمد يد العون الآن لغيرها من الدول لمساعدتها في هذا الملف الخطير بما تملكه من خبرات وإمكانيات، وهذا أمر مهم ليس فقط لتلك الدول، بل لمصر أيضا حيث يهمها ألا تجد تلك الجماعات ملاذات في دول أخرى".
تبادل المعلومات
ومن جهته، يقول الأكاديمي المصري والخبير السياسي طارق فهمي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن حديث الرئيس عن الثمن الذى دفعته مصر للقضاء على الإرهاب مهم للغاية؛ بعد أن ربطه بما دفعته أجهزة الدولة ومؤسساتها خاصة القوات المسلحة في القضاء على الإرهاب.
ويتابع فهمي: "أصبح للدولة المصرية خبرة في تبادل المعلومات والبيانات بشأن مكافحة الإرهاب ومواجهته بصورة كبيرة"، مضيفا "شرح الرئيس هذا الأمر مهم للغاية؛ لأنه تُبنى عليه سياسات تؤكد أن مصر ما زالت تواجه الإرهاب".
فهمي يقول أيضا، إن "مصر أصبحت لديها خبرات كبيرة فى مواجهة الإرهاب ومد العون والمساعدة للدول المجاورة في تتبع العناصر الإرهابية؛ لا سيما أن هناك موجة جديدة لتحرك الإرهابيين من وإلى مناطق تمركزهم بعد انتهاء وجودهم فى مناطق مستقرة في العراق وسوريا والحدود السورية الأردنية، لذلك هناك خبرات كبيرة لمصر يمكن تقديمها".
ونوه إلى أن "هناك جهدا كبيرا قطعته الدولة المصرية وأجهزتها طوال الفترة الماضية، لتبادل المعلومات والبيانات، ما يمكن أن يٌبنى عليه سياسات واستراتيجيات عربية وإقليمية لمواجهة التحديات الخاصة بقضية مواجهة الإرهاب".
3 محاور
وفي وقت سابق، رصدت دراسة صادرة عن المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الاستراتيجية المصرية لمواجهة الإرهاب، وجاء فيها أن الدولة المصرية عملت منذ عام 2014 على كسر حدة الموجة الإرهابية بكافة الطرق والوسائل، وعملت على تقوية الأجهزة الأمنية، وإعادة صياغة استراتيجيات المواجهة لتتناسب مع حجم التطور الإرهابي القائم.
وأشارت الدراسة إلى أنه تم إحباط الكثير من العمليات الإرهابية، نتيجة للضربات الأمنية المتلاحقة التي تنفذها قوات إنفاذ القانون هناك.
ونوهت الدراسة إلى أن جهود الدولة المصرية لمكافحة الإرهاب وتحديدًا من عام 2014 ترتكز على 3 محاور أساسية، المحور الأول: يقوم على رصد وتتبع كافة الشبكات الإرهابية داخل مصر وتفكيك قواعد الدعم اللوجستي لها وقطع أوصالها، وتجفيف منابع التمويل سواء من الداخل أو الخارج وتشديد الحصار المفروض عليها.
أما المحور الثاني، فيقوم على تنفيذ حملات المداهمة والضربات الاستباقية بالتعاون مع المواطنين فى مختلف المحافظات وأهالي سيناء، والمحور الثالث يقوم على البدء الفوري في مشروعات التنمية الشاملة والتنمية المستدامة في كافة أنحاء البلاد للارتقاء بالأوضاع المعيشية والاجتماعية للقضاء على البيئة المغذية للإرهاب، بالإضافة إلى تمكين الشباب واحتوائهم لحمايتهم من مخاطر الفكر والاستقطاب المتطرف.
aXA6IDMuMTM5LjIzNC4xMjQg
جزيرة ام اند امز