الاحتلال يطوق غزة بإغلاق المعابر.. عودة إلى المربع الأول للحصار
خبراء أجمعوا في حديث مع "العين الإخبارية"، أن تشديد إسرائيل لحصار غزة ينذر بانهيار شامل في القطاع
مع إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي، إغلاق المعبر التجاري الوحيد مع قطاع غزة، وفرض قيود على الصيد والاستيراد والتصدير، يبدو القطاع أمام انهيار شامل، في ظل الوضع المتردي أساسا منذ 12 عامًا، وفق خبراء فلسطينيين.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الإثنين، أن تل أبيب ستغلق المعبر التجاري الرئيسي مع قطاع غزة، في إجراء ضد حركة حماس، التي تسيطر على القطاع منذ 2007.
وفي تصريحات أمام نواب حزبه، قال نتنياهو: "سنضيق الخناق على نظام حماس في قطاع غزة على الفور؛ وفي خطوة مهمة، سنغلق المعبر كرم أبو سالم (الحدودي). ستكون هناك خطوات إضافية. لن أدلي بتفاصيلها"، وفقا لما نقلته وكالة أنباء رويترز.
عودة لمربع الحصار الأول
ويؤكد ماهر الطباع، الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، أن إسرائيل بإجرائها تعيد الأمور إلى اليوم الأول من حصارها المشدد لغزة عام 2007 الذي اختفت فيه السلع من السوق وارتفع سعر السلع المتوفرة بندرة.
ويدخل إلى قطاع غزة، وفق ما أفاد الطباع، ل"العين الإخبارية، نحو 9 آلاف سلعة عبر معبر كرم أبو سالم، مبينا أنه في الإجراء الجديد بالكاد تسمح إسرائيل لعشرات السلع الأساسية بالمرور لغزة وستضع على قوائم المنع أكثر من 9800 سلعة، مشيرا إلى أن "هذا الرقم خطير ومرعب ويحمل دلالات واضحة على تأثير الإجراء على غزة".
وأشار الطباع إلى أن المؤشرات الاقتصادية كافة تشير إلى التدهور الحاد في مختلف أوجه النشاطات الاقتصادية في غزة؛ فالفقر والبطالة يقتربان من حاجز 50 %، ومع الإجراء الإسرائيلي اليوم ستتفاقم أكثر مشكلتا البطالة والفقر.
ونبّه إلى أن الإجراء سيمس مختلف القطاعات الاقتصادية من إنشاءات ومقاولين وصناعات ومستوردين، مبينا أن هناك مئات التجار لهم بضائع في الموانئ الإسرائيلية او في الطريق إليها لنقلها لغزة لن تصل ما سيكبد التجار خسائر فادحة.
كما أشار إلى الأثر البالغ على الصناعة التي تأتيها المواد الخام من المعبر وهذا سيدفع المصانع لإغلاق أبوابها وتسريح عمالها فضلا عن قطاع الإنشاءات الذي سيتوقف تماما عن العمل.
وبحسب الطباع، كان يدخل عبر معبر أبو سالم، 350 شاحنة يوميا؛ ومع الإجراء الأخير بالكاد تصل 80 شاحنة تحمل المواد الأساسية فقط، علمًا بأن عدد الشاحنات قبل مدة كان يصل يوميا إلى ما بين 800 – 1000 شاحنة، لكن انخفض مع التدهور الاقتصادي الحادث في العام الأخير.
العقوبات الإسرائيلية
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي "إغلاق معبر كرم أبو سالم باستثناء الإمدادات الإنسانية (بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية) والتي ستتم الموافقة عليها كلُ على حدة من قبل منسق الأنشطة الحكومية في المناطق.
كما منع عمليات الاستيراد والتصدير لقطاع غزة، وتقليص مساحة الصيد من 9 أميال إلى 6 أميال"، لافتاً إلى أن ذلك يأتي "في ضوء استمرار أعمال (الإرهاب) والحرق المتعمد والمحاولات الإرهابية الأخرى التي تقودها منظمة حماس من قطاع غزة".
وتفرض إسرائيل حصارا على غزة منذ عام 2006، ولكنها شددته منتصف 2007 عقب سيطرة حماس بالقوة على غزة إثر اقتتال مع القوات التابعة للسلطة الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت يشهد القطاع تدهورا اقتصاديا وإنسانيا متصاعدا.
دوافع سياسية
ويتفق سمير دقران الخبير الاقتصادي، مع الطباع، في توقع كارثية الأوضاع في غزة، محذرا بأن وضع الاقتصاد الصعب بغزة لا يحتمل ضغوطات جديدة.
وقال دقران، لـ"العين الإخبارية"، إن هذه الضغوطات أكبر من طاقة غزة على تحملها، مشيرًا إلى الدوافع السياسية وراء هذه العقوبات و"الهدف من السياسات الاقتصادية الإسرائيلية دفع الفلسطينيين للتراجع عن مطالبهم والقبول بفتات وطن"، وفق تقديره.
ورأى أن "المصالح الاقتصادية الفلسطينية سيلحق بها أضرار فادحة جدا وهذا سنراه واقعا ملموسا حتى قبل نهاية الشهر الجاري"، مطالبا بخطوات سياسية فلسطينية داخلية تنهي الانقسام وتحقق المصالحة لمواجهة إجراءات إسرائيل الاقتصادية وسياستها الخطير ضد غزة.
تعميق الأزمات
وأكد علي الحايك رئيس جمعية رجال الأعمال بغزة، أن العقوبات الإسرائيلية الجديدة من شأنها تعميق الأزمات الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة، ورفع نسب البطالة والفقر والانعدام الغذائي في البلاد.
ووفق الحايك؛ فإن القرار الإسرائيلي الجديد من شأنه شل الحركة التجارية في غزة، وتكبيد التجار ورجال الأعمال والمستوردين خسائر مالية فادحة تضاف لخسائرهم السابقة التي تكبدوها جراء الحصار والحروب الإسرائيلية على القطاع.
وقال: "فرض عقوبات جديدة على غزة يعد أمرا خطيرا وسيسهم بوقف عمل المنشأة الاقتصادية والمصانع في غزة، و ينذر بخلل في حركة دوران السيولة النقدية في الأسواق، وشلل بالمعاملات المالية للتجار ورجال الأعمال وارتفاع كبير في أسعار المواد الممنوعة من الإدخال".
وأكد ضرورة عدم الخلط بين السياسة والاقتصاد داعياً لإخراج احتياجات غزة الإنسانية من الحسابات السياسية كون القطاع لا يحتمل فرض المزيد من العقوبات في ظل حالة الركود التي تطال غالبية النشاطات الاقتصادية.
ودعا الحايك لضرورة تكثيف الجهود لتطبيق المصالحة الفلسطينية كونها طوق النجاة الوحيد في المرحلة الراهنة، والتحرك بشكل عاجل من المجتمع الدولي لإنقاذ غزة من حالة انهيار اقتصادي تام تلوح بالأفق.