خبراء: اتفاق تقاسم السلطة في السودان لن ينهار
تأجيل انعقاد الاجتماع بين المجلس العسكري والحرية والتغيير للتوقيع على الوثيقة مرتين متواليتين يثير مخاوف البعض من العودة للمربع الأول.
استبعد خبراء سياسيون فرضية "انتكاسة" الاتفاق الذي توصلت إليه قوى المعارضة في السودان والمجلس العسكري لتقاسم السلطة، مؤكدين أن غالبية السيناريوهات تقود إلى إكمال التسوية السياسية.
- توافق المعارضة السودانية على تضمين مسودة للسلام بالإعلان الدستوري
- فشل عقد جلسة تفاوض الأطراف السودانية للمرة الثانية
وأثار تأجيل انعقاد جلسة التفاوض بين المجلس العسكري والحرية والتغيير للتوقيع على وثيقة الإعلان الدستوري، مرتين متواليتين، مخاوف البعض من العودة إلى المربع الأول، لكن تحليلات الخبراء جاءت عكس ذلك، حيث أكدت أن عملية التسوية سوف تسير بشكل جيد.
ومن المنتظر أن يعقد اجتماع مباشر بين المجلس العسكري الانتقالي، غد الثلاثاء، بالخرطوم، بعد تأجيله بناء على طلب قوى إعلان الحرية والتغيير مهلة "48" ساعة لإكمال مشاوراتها الداخلية حول وثيقة الإعلان الدستوري.
وتجري جولة التفاوض التي ينتظر أن تكون حاسمة وسط حضور دولي وإقليمي لافت، حيث استبق المبعوث الأمريكي الخاص للسودان دونالد بوث جولة الغد بلقاءات اليوم الاثنين، شملت رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وينتظر أن تمتد إلى قوى الحرية والتغيير لدفع العملية السلمية.
ويجري وفد أوروبي رفيع لقاءات مماثلة مع الأطراف السودانية، فضلاً عن جهود الوسيطين الإفريقي محمد الحسن ولد لباد، والإثيوبي محمود درير لتقريب وجهات النظر، حيث يرى محللون أن هذه التحركات الدولية والإقليمية ستكون عاملاً حاسماً في جولة التفاوض المرتقبة.
ضغوط دولية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسن فاروق، أن ضغوطا كبيرة ستمارس على المجلس العسكري الانتقالي، والحرية والتغيير سوف تقود إلى التوافق حول وثيقة الإعلان الدستوري خلال جلسة المحادثات المقرر لها غداً الثلاثاء.
وقال "فاروق" خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "إن قوى الحرية والتغيير تواجه ضغوطا من الشارع، ولن تستطيع إبرام أي تسوية لا تلبي تطلعات الجماهير، والغرض الذي خرجوا من أجله في تظاهرات، وتواجه شبح الانشقاق لأن داخلها مكونات مرنة وأخرى متشددة المواقف، فهي ليست على قلب رجل واحد".
وأضاف "انقسام الحرية والتغيير لن يكون في صالح المجلس العسكري كما يعتقد كثيرون، بينما يعطل مساعي التسوية السياسية في البلاد، لأن المكونات صاحبة المواقف المتشددة ربما تجد تعاطفاً كبيراً من الشارع السوداني، وهذا ما لا يرغبه المجتمع الدولي والإقليمي".
وتابع: "من الواضح أن الشارع هو صاحب المبادرة في الوقت الحالي، وقد يتجاوز كافة الأطراف حال لم يجد مطالبه في أي تسوية يتم التوصل إليها، مما يجعل الأوضاع أكثر تعقيداً وتكون بحاجة إلى تأنٍ وحكمة لتجاوز المعضلات".
وتوافق المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير على وثيقة الاتفاق السياسي، بينما لا يزال هناك خلاف حول عدد من بنود وثيقة الإعلان الدستوري النهائية.
ووفق مصادر لـ"العين الإخبارية" فإن كتل قوى الحرية والتغيير تتحفظ على عدد من بنود الإعلان الدستوري، بعضها متعلق بعدم وجود نصوص صريحة لتصفية مؤسسات النظام البائد والقوات العسكرية التابعة، كالدفاع الشعبي وجهاز الأمن.
وتتباين وجهات نظر الأطراف حول بند تعيين القضاة والنائب العام، حيث يرى المجلس العسكري أن تكون من اختصاص مجلس السيادة، وتتمسك قوى الحرية والتغيير بأن تؤول لصلاحيات مجلس الوزراء، وتبعية الأجهزة لمجلس الوزراء كذلك.
تباين المواقف
وبحسب ذات المصادر، فإن الحرية والتغيير ترفض نص وثيقة الإعلان الدستوري على إعطاء أعضاء مجلس السيادة حصانة من الملاحقات القضائية والعدلية، وربط قرارات مجلس الوزراء بموافقة "مجلس السيادة".
ورغم تباعد مواقف الطرفين حول الإعلان الدستوري، يبدي أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، إبراهيم كباشي ثقته في اختراق كبير سيحدث في جولة الثلاثاء، لأن خيارات العودة للمربع الأول محدودة.
وقال "كباشي" خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "إن اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي وإعطاءه محفزات بتجفيف ديون السودان الخارجية، ورفع اسمه من لائحة واشنطن للدول الراعية للإرهاب، سيكون دافعا قويا للتقدم الإيجابي في مسار التسوية السياسية".
وأشار إلى أن جوهر الانتقال الديمقراطي قانوني ومرتبط بالمؤسسات العدلية والقضائية، لذلك من الطبيعي أن يتم التوقف عن وثيقة الإعلان الدستوري.
ولكن المحلل السياسي السوداني، عمار عوض قال: "إن الاحتمالات ستظل مفتوحة، والراجح أن المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير لن يتوصلا إلى اتفاق سريع كما يتمنى الجميع".
وقال "عوض" لـ"العين الإخبارية": "وصل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان دونالد بوث إلى الخرطوم، الاثنين، لتحريك ساكن الاتفاق بمعاونة الوساطة الأفريقية الإثيوبية، لكن الراجح أن إبرام الاتفاق لن يتم على وجه السرعة من واقع التباينات بين الطرفين".
ونص الإعلان السياسي الذي حسمه الطرفان، الخميس الماضي، على "أن تكون فترة انتقالية مدتها 39 شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق، منها 21 شهراً تكون فيها الرئاسة للعسكريين، و18 شهراً تكون الرئاسة لمدني تختاره قوى إعلان الحرية والتغيير".
وقضى الإعلان السياسي على تشكيل مجلس وزراء تختار رئيسه قوى إعلان الحرية والتغيير، ويقوم رئيس الوزراء باختيار وزراء لا يتجاوز عددهم العشرين بالتشاور مع قوى إعلان الحرية والتغيير.
ونص على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي لفترة أقصاها 3 أشهر، مع تمسك قوى إعلان الحرية والتغيير بالنسب المتوافق عليها سابقاً، وطلب المجلس العسكري مراجعة هذه النسب.
وقضى بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في مجزرة القيادة العامة في الـ3 من يونيو/حزيران وغيرها من الجرائم التي ارتكبت منذ 11 أبريل/نيسان، ودعوة المجتمع الدولي والإقليمي لحشد الدعم لهذا الاتفاق.