خبراء: تركيا تتعرض لمرحلة "صعبة للغاية" من التضخم.. و"البكاء ممنوع"
معدلات تضخم أسعار السلع الغذائية وصلت لمستوى 30-31% خلال الربع الأول من العام الجاري، واستقرت عند مستوى 31% بحسب آخر معطيات.
أكد خبراء اقتصاديون وشركات استثمار وتداول أوراق مالية، أن بيانات البنك المركزي التركي التي تشير إلى انخفاض معدل التضخم لـ 14.6% بنهاية العام الجاري، ما هي إلا توقعات بنيت على تطلعات لا سند لها من أرض الواقع، ولكن المتوقع أن يتراوح معدل التضخم بين 15 إلى 17% بنهاية 2019، كما حذرت شركة "خلق للاستثمار والأوراق المالية" من أن المرحلة المقبلة من التضخم صعبة للغاية، خاصة أن معدلات تضخم الأسعار وصلت لمستوى 30-31% خلال الربع الأول من العام الجاري.
ويقول عطا الله يشيل أدا، المحلل الاقتصادي، إن جميع قرارات البنك المركزي التركي، يتم اتخاذها في القصر الرئاسي، منذ تولي مراد كايا، رئاسته، ومن ثم لا يمكننا هنا أن نتحدث عن أي استقلالية لمؤسسات القطاعين العام والخاص.
وتابع أن "البنك المركزي في تقريره الثاني لهذا العام توقع أنه سيقترب من تحقيق الأهداف التي وضعها بالتدريج، وذلك من خلال تنسيق سياسي، واتباع موقف سياسي صارم يركز على خفض معدلات التضخم، ومن ثم نذكر أن معدلات التضخم بحلول نهاية 2019 ستصل إلى 14.6%".
- 13 مليار دولار واجبة السداد.. ديون الطاقة زلزال يضرب البنوك التركية
- البنوك التركية في مأزق لتدبير قروض بـ6 مليارات دولار
وأشار البنك إلى أن هذه المعدلات ستتراجع في نهاية عام 2020 إلى 8.2%، وفي نهاية 2021 إلى 5.4%، على أن يتحقق بعد ذلك الاستقرار في تلك المعدلات عند مستوى الـ5 في المئة على المدى المتوسط".
من جانبه، انتقد الخبير الاقتصادي تطلعات البنك بأن هناك أراء تؤكد أن التضخم الذي حقق رقمًا قياسيًا، سيتراجع في النصف الثاني من العام؛ بفضل "تأثير القاعدة"؛ على أن ينهي العام الحالي عند مستوى يتراوح بين 15 إلى 17%، بحسب مقال نشرته صحيفة أحوال تركية.
وأضاف: "أنا بالتأكيد لا اتفق مع هذه الآراء شكلًا وموضوعًا، إذ أن معدل مؤشر أسعار المستهلك سينهي هذا العام عند 20% أو أكثر، وذلك بسبب الغذاء والطاقة، فضلًا عن المخاطر السياسية".
وأوضح أن أسعار الخضار والفاكهة قد تشهد هوادة بشكل موسمي؛ لكن ثمة أزمة طفت على السطح في الحبوب، إذ حدثت زيادة تقدر بـ20% على الخبز بكل من العاصمة أنقرة، ومدينة إزمير، قد تجدون هذا تحيزا وغير رسمي؛ لكن تقرير شهر أبريل الصادر عن اتحاد الشغل العام في أنقرة لفت إلى أن معدلات التضخم في أسعار الغذاء على أساس شهري قد تفاقمت بشكل كبير، ووصلت لمستوى 6%.
ووفق توقعات البنك المركزي التركي، فإن معدلات التضخم في الغذاء رفعت في 2019 من 13% إلى 16%، ومن 10% إلى 11% بالنسبة للعام 2020.
وتقول شركة "خلق للاستثمار والأوراق المالية": "نريد أن نوضح أن مستوى الأهداف المتوقع تحقيقها بحلول نهاية هذا العام بخصوص تضخم أسعار الغذاء، لا يزال يشير إلى أن هناك مرحلة مقبلة من التضخم ستكون صعبة للغاية؛ لا سيما أن معدلات تضخم هذه الأسعار وصلت لمستوى 30-31% خلال الربع الأول من العام الجاري، واستقرت عند مستوى 31% بحسب آخر معطيات".
وهذا يعني أن الحظ لن يكون مع البنك المركزي؛ لأنه حتى يتسنى له خفض معدلات التضخم تلك بهذا الشكل، فيتعين عندئذ صيام الشعب بأكمله عن الأكل والشرب.
فضلا عن ذلك، ثمة مشكلة أخرى تتمثل في الطاقة، فأسعار خام نفط برنت سجلت 73 دولارا للبرميل الواحد، ومن المتوقع أن يلامس الـ100 دولار تقريبا حتى لو لفترة قصيرة، متأثرا بالتوترات الاقتصادية والحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على العديد من الدول.
وسبق أن أقدمت الحكومة التركية على اتخاذ خطوات من شأنها الحيلولة دون ظهور معدلات التضخم بشكل ملحوظ في محطات الوقود، والغاز الطبيعي، وبالتالي لم يشعر المواطنون بذلك في التدفئة بالمنازل، ومن هذه الخطوات تحويل الحكومة وبشكل مباشر مبالغ مالية من الميزانية لشركة خطوط الأنابيب الحكومية (بوتاش)، لكن العجز الذي قدر بـ90 مليار ليرة في الميزانية خلال الربع الأول من العام الجاري، يؤكد أن أمرًا كهذا لن يستمر طويلًا، والأهم من ذلك هو أن ارتفاع أسعار واردات المواد البترولية والكيميائية سيلعب دورًا في بروز معدلات التضخم في هذا القطاع بشكل محسوس.
كما أن الدولار حقق منذ بداية العام الجاري وحتى الآن تفوقًا على العملة المحلية الليرة، يقدر بـ13%، وهذا أمر من شأنه أن ينعكس بمقدار 200 إلى 250 نقطة على مؤشر أسعار المستهلك خلال 3 أو 6 أشهر مقبلة.
وأكد الخبير الاقتصادي أن السبب وراء تدهور قيمة الليرة هو سياسات حكومة أردوغان وليس الوضع الاقتصادي لأنقرة، ودلل على صحة كلامه بالإشارة إلى الخلاف الدائم بين تركيا من جهة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، بخصوص منظومة الدفاع الصاروخي الروسية (إس-400)، فواشنطن حتى يتسنى لها الفوز بمعركة ليّ الأذرع هذه ستدفع الدولار ليصل سعره إلى 6.5 ليرة بل إلى 7 ليرات، وبعدها سنقول للنظام "هنيئاً"، لأنه لن يبقى حينها ما يسمى بـ"تأثير القاعدة".
وبالتالي "على الجميع أن يضعوا في حسبانهم من الآن أن معدلات التضخم ستصل إلى 20%، وعلى من وضع نفسه في هذا المأزق ألا يبكي، على حد قوله".
aXA6IDMuMTYuODIuMTgyIA==
جزيرة ام اند امز