خبراء لـ"العين الإخبارية": مبادرة السعودية فرصة تاريخية للحوثي
سعت السعودية إلى تبديد غيوم الحرب باليمن عبر مبادرة لإحلال السلام الشامل، تاركة الكرة بملعب مليشيا الحوثي للانصياع للحل السياسي من عدمه.
لكن يبدو أن مليشيا الحوثي تصر على العزف على نغمة الحرب، ولا تعبأ بمصلحة اليمنيين في سبيل تنفيذ أجندة طهران، حيث جاء ردها الأول بالرفض، كاشفة وجهها الخبيث أمام المجتمع الدولي.
- قيادي يمني لـ"العين الإخبارية": مبادرة السعودية "تختبر" الحوثي
- مسؤولون يمنيون عن موقف الحوثي من مبادرة الرياض: قراره بيد إيران
وفور إطلاق المبادرة السعوية لم تتأخر مليشيا الحوثي في رفض المباردة ، حيث زعم المتحدث باسم المليشيا، محمد عبد السلام، أن هذه الخطة "لا تتضمن جديدا".
ويرى خبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن "مبادرة المملكة العربية السعودية مثلت إشراقة لانفراج الأزمة اليمنية، ووضعت الكرة في ملعب الحوثي لاختيار موقفه في التعامل بإيجابية مع خيارات السلام".
ورغم حالة عدم التفاؤل التي سادت أحاديث الخبراء بعد ردة الفعل الأولية للحوثي تجاه المبادرة، لكنهم فضلوا ترقب موقف الحوثي النهائي، مشددين على أنها "فرصة تاريخية لن تعوض لللتوصل إلى اتفاق سلام عادل وإنهاء حرب دامت لأكثر من 6 سنوات".
الكرة بملعب الحوثي
ضرار بالهول الفلاسي، عضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي قال لـ"العين الإخبارية"، إن "المبادرة السعودية تأتي لإحلال السلام في اليمن وسط ترحيب عربي وعالمي بجهود المملكة في مبادراتها الدائمة لإحلال السلام في المنطقة".
وأضاف:" نحن في الإمارات نقف دائماً صفاً واحداً مع السعودية في قراراتها وخطواتها الإيجابية نحو السلام، وكما يعلم الجميع بأن دولة الإمارات تتميز بكونها يد تحرر ويد تعمر في اليمن ونرى في هذه المبادرة إشراقةً جديدة على انفراج الأزمة اليمنية".
وحول بنود المبادرة، يرى "الفلاسي" أنها "تمثل فرصة نجاح قريبة جداً كونها تفتح الطريق أمام الجميع لفتح باب النقاش والتوصل إلى اتفاق سلام عادل".
وتشمل المبادرة السعودية "فتح مطار صنعاء أمام الرحلات المباشرة، الإقليمية والدولية، والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية ثم بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة، بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني".
وأضاف "الفلاسي"، أنه:" ما أراه جلياً هو أن الكرة الآن في ملعب الحوثيين للموافقة على المبادرة السعودية في اليمن لتدخل حيز التنفيذ وتكتمل الأركان للوصول إلى انفراج في الأزمة، كون اليمن اليوم يعاني جراء تلك الحروب والنزاعات بين الأطراف الداخلية ولا بد من إيجاد حل شامل من خلاله يسعد الإخوة اليمنيين بسلام واستقرار شامل وعادل.
وتابع: "وهنا سنرى إن كان الحوثيون سيفتحون باب النقاش والتوصل إلى حل وستتكشف الأمور على نصابها وتتضح توجهات الحوثيين ومسؤولياتهم أمام التعامل بإيجابية مع الحل السياسي إن كانت ترى في ذلك حلاً وطريقاً وإن كانت بالفعل تريد مصلحة اليمن بعيداً عن التدخلات الخارجية التي تحركها وتحرك مصيرها في اليمن وتغليب مصلحة الشعب اليمني وتهيئة الأجواء بهدف التوصل لحل شامل للأزمة اليمنية".
الأمل محدود ولكن
متفقا معه، قال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع، لـ"العين الإخبارية" إن "المبادرة السعودية هي مبادرة طيبة وتنم عن رغبة حقيقة في إنقاذ الشعب اليمني من أتون الحرب الذي زجه فيه التمرد الحوثي".
وأضاف، أن "السعودية لم تدخل إلى اليمن لأي عمل بخلاف تنمية وتطوير اليمن ولعقود من السنين أنفقت مليارات الدولارت على اليمن، وهي تقدم كل الدعم والإسناد لليمن حتى في ظل الحرب هناك، مستشهدا بجهود مركز الملك سلمان والدعم المالي المقدم للبنك المركزي اليمني".
وفي مقابل جهود السعودية، رسم المحلل السياسي الكويتي صورة لممارسات الحوثي طوال السنوات الماضية بقوله: "جماعة الحوثي سبق لها وتمردت على حليفها لاحقا علي عبدالله صالح في 6 حروب، ومن ثم انقلبت على الوضع الذي ترتب على استقالة علي عبدالله صالح، واحتلت صنعاء وبدأت تتوسع بكل الاتجاهات، حتى اضطر الرئيس عبدربه منصور هادي بالاستعانة بالمجتمع الدولي وكانت السعودية في مقدمة المستجبين لنداء الرئيس الشرعي لليمن".
ويرى "المناع" أن "المبادرة فرصة ذهبية وثمينة للحوثي ليبدي نوعا من المرونة"، قائلا: "هذا من مصلحته لأنه لن يحقق انتصارا عسكريا لو بقي يقاتل لمئة عام، ولذلك الأجدى له أن يتفاهم ويعمل على حل سياسي مع الحكومة الشرعية والقوى السياسية اليمنية".
وأكد الخبير الكويتي أن "الحوثي لو أعطى إشارة إيجابية تجاه المبادرة السعودية فإن السعوديين والتحالف العربي سيكونوا أكثر حرصا ورغبة على نجاح الحل السياسي في اليمن".
وعاد "المناع" ليكشف عن أن الواقع يقول إن "الأمل محدود في استجابة الحوثي للمبادرة"، مفسرا الأمر بأنه "ليس لأن مليشيا الحوثي تستمع فقط لطهران ولكنها أيضا تستخدم تكتيكات فاشلة تعتقد بأنها بمزيد من القتال يمكن أن تضعف إرادة الدول الأخرى وتضحي بدماء اليمنيين وتستجلب عطف العالم".
واستكمل رؤيته، قائلا: "هذا العطف موجود بالتأكيد، لكن لن يجدي ولن يؤدي إلى أن يحقق الحوثي تسلطه على رقاب اليمنيين.. هم لن يقبلوا بذلك".
مسارين لإجبار الحوثي
أما الكاتب والمحلل السياسي البحريني عبدالله الجنيد يرى بدوره، أن "المبادرة السعودية تنطلق من مسؤوليتها الدولية العربية المركزية"، مشيرا إلى أن "من تسبب في الأزمة اليمنية فصيل سياسي فرض إرادته الخاصة على الإرادة اليمنية".
وأضاف "الجنيد": "المبادرة السعودية تضع ذلك الطرف أمام مسؤولياته الوطنية وكذلك تعهداته الإقليمية والدولية"، في إشارة إلى مليشيا الحوثي.
ووصف المحلل السياسي البحريني ردود الفعل الأولية التي صدرت عن الحوثي بأنها "غير مشجعة وتأكد أن استدامة الأزمة تخدم مصالح الراعي السياسي والمعنوي لذلك الفصيل، وأقصد إيران حيث تستخدم إطالة أمد الازمة لاستخدامها في أكثر من ملف إقليمي ودولي".
وحول استشراف موقف الحوثي، وما إذا كان سينخرط بمسار داعم للمبادرة انطلاقا من مسؤوليته الوطنية. قال "الجنيد": "يجب عدم التفاؤل كثيرا بذلك. والأمثلة على سلوك التنظيمات ذات الرعاية الإيرانية كثيرة في العالم العربي".
وذهب إلى أن "إقناع ذلك الطرف يجب أن يكون عبر مسارين، الأول عسكري يجبره على الجلوس لطاولة مفاوضات حسب المرحعيات الوطنية، والاقليمية والدولية. أما ثانيا، فهو سياسي، عبر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، من خلال ممارسة الولايات المتحدة دوراً ضاغط على الحوثي بعد رفضة ما توافقت عليه مع السعودية".
فرصة تاريخية
سالم بن حمد الجهوري، الباحث العماني في الشؤون الدولية قال لـ"العين الإخبارية" إن "المبادرة السعودية فرصة تاريخية لإنهاء الحرب في اليمن وعودة الاستقرار إليها بعد 6 سنوات من العناء والمعاناة الإنسانية".
وأضاف "الجهوري"، أن : "هذه المبادرة تقلص الخيارات أمام جماعة الحوثي مما يستدعي أن تتمعن فيها وتفاضل بين ربح القبول وخسائر الرفض، خاصة أن المبادرة ألقت بثقلها في جانب صنعاء وهو أمر يحتاج إلى مزيد من الحكمة والتعقل، وأن يتم فيها مراعاة الإنسان اليمني قبل كل شئ".
ووفق المحلل السياسي العماني، فإنه "يجب على الحوثي ألا يفوت الفرصة في الانضمام إلى قافلة السلام وحالة الاجتماع وأن يكون جزءا من المكون اليمني يستطيع أن يبني دولته بالتعاضد والتعاون مع الأطياف اليمنية الأخرى".
ويرى "الجهوري" أن "هذه المبادرة هي نتاج الجهود التي بذلت طيلة السنوات الماضية وخاصة في السنتين الماضيتين عندما زار سلطنة عمان في الربع الأخير من عام 2019 نائب وزير الدفاع السعودي والتقى خلالها بالسلطان قابوس بن سعيد، وكذلك الاجتماعات غير المباشرة في مسقط بين وفدي المملكة والحوثيين، والتي تبلورت في إمكانية إيقاف الحرب وعودة الأطراف إلى طاولة الحوار، إلى جانب تغير مواقف الإدارة الأمريكية".
بالإضافة إلى رغبة الأطراف الحقيقية الداخلية والخارجية في إنهاء النزاع المسلح، وجهود المبعوث الأممي لليمن مارتن جريفث، ومبادرة الأفكار التي قدمها المبعوث الأمريكي قبل أسبوعين حول حل النزاع وجهود عدد من الدول الإقليمية أيضا".
وأكد أنه "تقديرا من السعودية التي قبلت بالجهود المبذولة، فإنها قررت إيقاف الحرب وقفا مشروطا في حال قبول الحوثيين ذلك، ما سيمكن اليمن من العودة إلى مساره الطبيعي بين دول العالم".
والإثنين، أعلنت السعودية، مبادرة لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل يتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة.
ودعت المبادرة لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن تحت مراقبة الأمم المتحدة، مؤكدا أنه سينفذ فورا عند موافقة الحوثيين على المبادرة.
وتشمل المبادرة إيداع الإيرادات الجمركية والضرائب في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة (غرب)، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الإقليمية والدولية.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA==
جزيرة ام اند امز