منح شرف تنظيم إكسبو الدولي لبلد عربي للمرة الأولى في تاريخه، الذي يمتد لما يقرب من 170 عاماً، خير دليل على ثقة العالم بمنطقتنا.
لا تزال الأزمة الصحية العالمية تهيمن على وسائل الإعلام، وتداعياتها تؤثر على المجتمعات. إلا أن الأمل في تجاوز هذا التحدي العالمي معقود على قدرة جميع الدول على العمل يداً بيد، والإسراع في تبني الحلول الناجعة، للتخفيف من تداعيات هذه الأزمة.
كان علينا جميعاً أن نتأقلم مع ظروف غير مسبوقة دفعتنا لإحداث تغييرات كبيرة وتبنّي أساليب جديدة في حياتنا. وكانت العوامل الأبرز التي ساعدتنا على عبور هذه المرحلة هي تضامن الناس وتعاونهم لحماية المجتمع وأفراده والقدرة على الابتكار لنتمكن من العمل والدراسة والتواصل بطرق جديدة.
أثبتت هذه الجائحة العالمية أن مصيرنا واحد وأن ما يجمع العالم أكثر مما يفرقه، وأن التعاون والتضامن ليسا هدفين بعيدي المنال، بل حاجة ملحة إذا ما أردنا مواجهة هذه الظروف الاستثنائية بنجاح. وسيكون إكسبو 2020 دبي، الذي سينطلق بعد عام من الآن في 1 أكتوبر "تشرين الأول" 2021، المنصة المثالية لهذا الغرض؛ حيث سيجتمع فيه أكثر من 190 دولة لتحقيق شعار "تواصل العقول وصنع المستقبل" والعمل معاً نحو غدٍ أفضل لكل البشر.
بدأ العد التنازلي لعام على انطلاق حدث، أرادت قيادة دولة الإمارات أن يكون استثنائياً، يليق بإنجازات دولتنا الطموحة التي ستوقد العام المقبل شمعتها الخمسين، وستحتفل مع العالم بيوبيلها الذهبي وباستراتيجيتها التنموية لـ50 سنة مقبلة.
في إكسبو الإمارات، ستجتمع الشعوب لتكتشف النتائج المذهلة التي يمكن أن تتحقق عندما نتحد وراء أهداف سامية. كما سيطّلع العالم على خصلة التسامح الراسخة في نفوسنا، وقيمتها المتأصلة في مجتمعنا؛ وسنوضّح لشعوب الأرض كافة كيف جعلنا التسامح نهجاً نستذكره في معاملاتنا وقراراتنا اليومية، وكيف باتت قيمة التعاون مستدامة في نفوسنا نورثها للأجيال، وكيف أن التسامح أساس لمواصلة النمو والتطور؛ فمن غير التسامح لا يؤتي التعاون أفضل أكله.
إن منح شرف تنظيم إكسبو الدولي لبلد عربي للمرة الأولى في تاريخه، الذي يمتد لما يقرب من 170 عاماً، خير دليل على ثقة العالم بمنطقتنا، واهتمامه باكتشاف الفرص الكثيرة الموجودة فيها، واستعداده لتعزيز التعاون وتطوير العلاقات، بما فيها مصلحة البشرية. ويدرك العالم أن هذه المنطقة قد ساهمت منذ آلاف السنين في التقدم البشري، ابتداء من الرياضيات والكيمياء، ومروراً بعلوم الطب والفلك، ووصولاً إلى الفنون والعمارة؛ وأن في جعبتنا كثيراً مما تحتاجه البشرية لمواصلة مسيرة التقدم.
سيجمع إكسبو 2020 دبي الضيوف والمشاركين من جميع أرجاء العالم في دولة التسامح والمحبة، ويأخذهم في رحلة يعيشون فيها تجارب جديدة وملهمة. سنحتفل بمسيرة تقدم الإنسان وإنجازاته المدهشة وبفطرته المُحبّة للخير والعمل النافع؛ وسنظهر للجميع أن التواصل وتبادل الأفكار والخبرات يحقق أفضل النتائج في مسيرة تقدم البشرية. سنسلط الضوء في إكسبو الإمارات على أحدث ما توصل إليه عالمنا العربي من تقدم؛ ونريد لشبابنا العربي أن يتواصل من خلال هذا الحدث مع أقرانه حول العالم لمد جسور التآخي وتبادل المعارف، ليأخذوا مكانهم الذي يستحقون بين الأمم، فهم أبناء ثقافة بُنيت على العطاء والعلم وأنبل القيم الإنسانية.
ومنذ الفوز بشرف استضافة هذا الحدث العالمي، ونحن نعمل بجد بالتعاون مع الجميع داخل دولة الإمارات وخارجها، مع المؤسسات الحكومية والخاصة، والشركاء والمشاركين من جميع أنحاء العالم لإنجاز مشروع وطني وعربي وإنساني بكل تجلياته وفعالياته. وبجهود الجميع، وعلى رأسهم آلاف العمال والفنيين والمهندسين الذي بذلوا ملايين ساعات العمل في الموقع، بنينا مدينة متطورة ومُلهمة، ستكون من أكثر الأماكن اتصالاً على مستوى العالم، على مسافة غير بعيدة عن أهم مطارات وموانئ المنطقة والعالم، فضلاً عن تمتعها ببنية تحتية رقمية رائدة وعدد قياسي من المباني الصديقة للبيئة والمستدامة. كما تواصلنا مع إخوتنا في الدول العربية كافة لتمكينها من بناء أجنحة ملهمة، ووفرنا لهم خدمات ذات جودة عالية لضمان مشاركة متميزة، وتقديم أفضل ما يمثل تقدمهم وابتكارات شعوبهم وثقافاتهم.
نعم، يمر العالم بأزمة؛ ولكن ما تعلّمناه من تاريخنا وثقافتنا ومن قياداتنا في دولة الإمارات هو أن مسيرة التقدم لا ولن تتوقف مهما كبرت الصعاب، وهي رسالة ننقلها للعالم ليس من باب الشعارات، بل من خلال فتح أبوابنا في إكسبو للجميع من أجل توحيد رؤانا لمستقبل الإنسانية، وليكون إكسبو 2020 في الإمارات العربية المتحدة نقطة تحول لمنطقتنا وللعالم، تُسهم في دعم الابتكار والإبداع وتبادل الأفكار وتطويرها من أجل خير البشرية، كل البشرية.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة