نرجس محمدي.. أشهر معتقلة إيرانية تحصد جائزة دولية
ناشطة إيرانية بارزة تحصل على جائزة عالمية لدورها في فضح انتهاكات نظام الملالي وسجن مواطنين للتعبير عن آرائهم في إيران.
حصلت نرجس محمدي الناشطة الإيرانية البارزة المعتقلة بسجون نظام الملالي منذ عدة سنوات، على جائزة ساخاروف العالمية من الجمعية الفيزيائية الأمريكية، نظرا لدورها الفاعل في فضح انتهاكات النظام الإيراني بحق النشطاء والمعارضين لسياساته القمعية.
وذكرت شبكة دويتش فيله الألمانية، أن مراسم تسليم تلك الجائزة للناشطة الإيرانية، والتي تمنحها الجمعية الفيزيائية الأمريكية سنويا للناشطين المؤثرين بمجال حقوق الإنسان، عقدت أمس الأحد، بمدينة كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية، حيث تسلمتها نيابة عنها نيرة توحيدة الأستاذة الجامعية المقيمة بولاية كاليفورنيا، في الوقت الذي لم يتمكن زوج محمدي وأخوها من الحضور بسبب قرار حظر الولايات المتحدة منح المواطنين الإيرانيين تأشيرة لدخول أراضيها، في ظل السياسات العدائية التي ينتهجها النظام الحاكم في طهران.
وقرأت توحيدي التي تسلمت الجائزة من روجر فالكون، أستاذ الفيزياء بجامعة بيركلى بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وأحد أعضاء الجمعية الفيزيائية الأمريكية، رسالة أرسلتها نرجس محمدي القابعة في معتقل إيفين "سيئ السمعة" بشمال العاصمة الإيرانية طهران، أمام الحضور خلال تلك المراسم، والتي دعت فيها الناشطة الإيرانية إلى ضرورة تشكيل مجتمع مدني في إيران، مشيرة إلى أن رغبتها بالانفتاح على ثقافات العالم والتي زادت بعد دراستها الفيزياء الكمية بالجامعة، قد اصطدمت بواقع البلاد التي يتسلط فيها نظام الملالي على الجامعات، والمفكرين، والصحف، لافتة إلى ضرورة استمرار النضال السلمي ضد هذا القمع لنيل الحرية، بحسب قولها.
ووصفت محمدي في رسالتها النظام الإيراني بـ "الاستبدادي"، مشيرة إلى التضييق الذي ينتهجه إزاء كافة المعارضين لسياساته في الداخل، بما في ذلك المجتمع العلمي في البلاد، إلى جانب نهب مسؤوليه عوائد ثروات إيران النفطية، في الوقت الذي يتفشى به الفساد بأغلب المحافظات الإيرانية، إضافة إلى حرمان ملايين المواطنين الإيرانيين من أبسط حقوقهم المعيشية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بينهم، معربة عن شكرها في الختام للجمعية الأمريكية.
وأعلنت الجمعية الفيزيائية الأمريكية، ثاني أكبر منظمة لعلماء الفيزياء على مستوى العالم، أسباب منح جائزتها السنوية للناشطة الحقوقية الإيرانية، وإحدي أشهر المعتقلات في السجون الإيرانية نرجس محمدي، لكون دورها في هذا المجال يرجع لأحداث الانتفاضة الخضراء عام 2009 التي شهدت فيها إيران احتجاجات عارمة بعد تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية آنذاك لصالح الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، إلى جانب حرمانها من وظيفتها في إحدى الشركات وكذلك المجال العلمي، واعتقالها في ظروف سيئة خلال تلك الفترة، حيث تعرضت لمشكلات صحية من بينها الصرع، لإيداعها زنزانة انفرادية.
وتعتبر نرجس محمدي من أبرز الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران، حيث تتولى منصب نائبة مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، الذي تديره شيرين عبادي الناشطة الحقوقية الإيرانية، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2003، وبدأت ملاحقة محمدي بعد فضحها انتهاكات حقوقية يمارسها النظام الإيراني في تعامله مع الحريات الفردية ومبادئ الديمقراطية، حيث سبق وأن أغلق مركزها عام 2008 لتركيزه على دعم قضايا تعزيز القيم الديمقراطية والحرية في إيران.
وعرف عن محمدي أيضاً تنظيمها للقاءات عدة في العاصمة الإيرانية طهران لدعم الشفافية الانتخابية، حيث سعت إلى خلق قاعدة ضغط على النظام الإيراني للتوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق المواطنين الإيرانيين دون سن الـ18 عاما، إلى أن أصدرت السلطات الإيرانية عام 2012 حكما بسجنها لمدة ست أعوام ثم أفرج عنها بعد 3 أشهر من مكوثها في المعتقل بسبب تدهور أوضاعها الصحية، إلا ان المحاكمات طالتها مجدداً في عام 2016 بزعم تورطها في "الدعاية ضد النظام"، و"تهديد الأمن القومي"، إضافة إلى تأسيس مركز غير قانوني، حيث قضت محكمة إيرانية بسجنها 16 عاما، منها 10 سنوات واجبة التنفيذ، في الوقت الذي أدانت منظمة العفو الدولية تثبيت تلك الأحكام بحقها مؤخرا.
وفي السياق ذاته، تعود تسمية تلك الجائزة باسم "جائزة ساخاروف"، إلى العالم الروسي أندريه ساخاروف الذي كرس شبابه وعلمه لصنع القنبلة الهيدروجينية الفتاكة، ليصبح فيما بعد من ألد المعارضين لتجربتها أو استخدامها، ويعرف بعد ذلك بكونه رائدًا في صنع الحرب والسلام، وأسس البرلمان الأوروبي عام 1988 جائزة من أجل حرية الفكر تحمل اسم "ساخاروف" وتمنح سنويًا للبارزين في الدفاع عن حقوق الإنسان وتطوير الديمقراطية.
وتضم الجمعية الفيزيائية الأمريكية أكثر من 50 ألف عضو، وهي واحدة من أكبر الجمعيات في العالم، ومنحت الجمعية قبل 4 سنوات، جائزتها السنوية للعالم الفيزيائي الإيراني أميد كوكبي، الذي أفرج عنه بشروط في سبتمبر/ أيلول الماضي مع وضعه رهن الإقامة الجبرية في منزله تحت مراقبة السلطات.
وفي ظل الانتهاكات التي يمارسها نظام الملالي بحق المعارضين والمنتقدين لسياسياته القمعية، قضت محكمة إيرانية بسجن 3 مواطنين 5 سنوات بزعم تهديدهم الأمن القومي للبلاد بعد تعبيرهم عن آرائهم على منصتي فيسبوك وتليجرام للتواصل الاجتماعي، في الوقت الذي ادعى على خامنئي المرشد الإيراني مؤخرا عدم وجود تضييق أو ملاحقة لمخالفي النظام، على حد زعمه.
ولفتت لجنة لحقوق الإنسان في إيران التي يقع مقرها بولاية نيويورك الأمريكية، في تقرير لها عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر، أن المواطنين الإيرانيين الثلاثة هم علي رضا توكلي، ومحمد مهدي زمان زاده، ومحمد مهاجر، بسبب تعبيرهم عن آرائهم على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل علني، مشيرة إلى أن محكمة إيرانية وجهت لهم تهم "الدعاية ضد النظام"، و"إهانة المقدسات"، حيث يقبعون منذ أكثر من عامين في معتقل إيفين بشمال طهران.