تسريب الفيديو الذي ظهر للعلن مؤخراً يكشف بوضوح صارخ التزوير والكذب والخداع على الشعب الإيراني.
اعتمد النظام الإيراني في شرعيته على نظرية (ولاية الفقيه) التي أوجدها الخميني، حيث لم تكن موجودة عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية قبل ذلك، ولم يقل بها سوى أحمد النائيني بشكل محدود في كتابه: "عوائد الأيام".
وهو ما أكّده الشيخ مرتضى الأنصاري في كتابه المكاسب "الكتاب المعتمد في الحوزات الشيعية مرحلة السطوح"، قال الأنصاري: (إنّ إقامة الدليل على وجوب طاعة الفقيه كالإمام، دونه خرط القتاد). كناية عن ضعف أدلتها ووهن من يقول بها.
تسريب الفيديو الذي ظهر للعلن مؤخراً يكشف بوضوح صارخ التزوير والكذب والخداع على الشعب الإيراني، حيث يعترف أعضاء المجلس أن خامنئي ليس فقيهاً ولا يقبله الأعضاء فقيها، فكيف يصير ولياً للفقيه!؟
قدَّم الخميني بحثه (ولاية الفقيه) في النجف عندما كان لاجئاً لأكثر من أربعة عشر عاماً قادماً من قم، ولم يحظ بحثه آنذاك باهتمام أو قبول في الحوزات الشيعية في العراق بسبب المستوى الضعيف لقائله وأدلته الفقهية، كان بحثه بسيطاً ساذجاً بل موضع سخرية من مراجع العراق العرب، لأن أدلته كانت دون المستوى المطلوب بشكل كبير، من أهم أدلة الخميني هي بعض الآيات القرآنية التي لا علاقة لها بالفقهاء، لا من قريب ولا من بعيد، وكذا بعض الأحاديث المنسوبة إلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت الأحاديث والمرويات ضعيفة جداً من حيث السند، "فالقائلون بها معروفون بالدس والوضع وعدم الثقة"، وكذلك ضعف الدلالة على المراد، لأنها تحدثت عن وقائع خاصة يصعب تعميمها على ولاية الفقيه. لذا كانت حوزات العراق الدينية ترى تلك النظرية بدعة غريبة ساذجة لا دليل عليها ولا تستحق الاهتمام، فلا تؤمن بها إطلاقاً.
إن نجاح الثورة الإيرانية ووصول الخميني إلى السلطة ووضعه هذه النظرية (ولاية الفقيه) في الدستور الإيراني، حيث "يعتبر المخالف لها محارباً لله ورسوله ويكون دمه حلالا"ً؛ هي العوامل التي فرضتها على الشعوب الإيرانية المغلوب على أمرها، فقد قام الخميني بتصفية جميع زعامات التيارات الإسلامية وغير الإسلامية التي لا تؤمن بولاية الفقيه، وعلى رأسها المرجع الإيراني الكبير محمد كاظم شريعتمداري الذي أنقذ خميني من الإعدام، ليكافئه الخميني بأسوأ مكافئة، حيث فُرضت على شريعتمداري الإقامة الجبرية في منزله، ومُنِع من التدريس في الحوزة، وتعرض أتباعه للتنكيل وتعرض هو للضرب والإهانة وتم إحراق مكتبته. وبعد تعرضه للمرض تم منع إسعافه وعلاجه فتوفي في بيته، ومنع رضا الصدر "حسب وصية المرحوم" من الصلاة عليه. ودفن شريعتمداري سراً من قبل الأجهزة الأمنية بالليل في مقبرة مهجورة، كما فعل بعشرة مراجع معروفين لا يؤمنون بولاية الفقيه كالروحاني والخاقاني والقمي والمامقاني والكرمي والمنتظري والشيرازي ما يشبه ذلك لمخالفتهم ولاية الفقيه.
قريباً قام الشعب الإيراني بمظاهرات عارمة تجاوزت مائة وخمسين مدينة منها قم وطهران ومشهد، كلها تنادي بالموت لولي الفقيه خامنئي الدكتاتور وقاموا بحرق صوره ودعسها بالأقدام.
خاطب أخيراً ثلاثمائة شخصية إيرانية مهمة من مسؤولين وأكاديميين، ونخب فكرية وسياسية معروفة في رسالة شديدة اللهجة إلى الخامنئي، يتحدثون فيها عن مسؤوليته في الأوضاع المتأزمة الراهنة وضرورة شروعه بالإصلاحات الجذرية الحقيقية الشاملة موضحين: (الوضع الحالي هو ما دفعنا إلى ذلك، فالنظام الإيراني أصبح هشاً من الداخل، وعرضة للانكسار، ونظراً إلى أن البلد بحاجة إلى إجراء إصلاحات عاجلة، فإنه لا يوجد مسؤول في إيران يمتلك السلطة التي بيدكم شخصياً كمرشد للبلاد، لذلك فإن طلب المساعدة من شخص آخر في النظام لا تجدي نفعاً).
وكذا كانت رسالة أحمدي نجاد للمرشد شديدة اللهجة وهو يحمّله مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من ترد وفساد وظلم؛ لاسيما القضاء الإيراني والحرس الثوري، علماً أنّ الكثير من شخصيات النظام باتت تعلن مخالفتها لولي الفقيه أو تمت تصفيتها أو تقبع في السجون أو الإقامة الجبرية.
تتهم جهات كثيرة المرشد بتصفية "هاشمي رفسنجاني" رئيس "مجلس تشخيص مصلحة النظام"، وبات ذكر "محمد خاتمي" الرئيس الإيراني لدورتين سابقتين ممنوعاً في الإعلام، كما بات هو وأمثال مير حسين موسوي ومهدي كروبي وغيرهم تحت الإقامة الجبرية منذ الثورة الخضراء والاتهام بتزوير الانتخابات.
أخيراً تسرب من الداخل لأول مرة منذ صعود خامنئي ولياً للفقيه، الفيديو الحقيقي لقصة انتخاب خامنئي من "مجلس الخبراء" بعد وفاة الخميني. حيث وظيفة مجلس الخبراء هي مراقبة ولي الفقيه وانتخاب الجديد، وتسريب الفيديو الذي ظهر للعلن مؤخراً يكشف بوضوح صارخ التزوير والكذب والخداع على الشعب الإيراني، حيث يعترف أعضاء المجلس أن خامنئي ليس فقيهاً ولا يقبله الأعضاء فقيهاً، فكيف يصير ولياً للفقيه؟
ثم يطلب رفسنجاني من مجلس الخبراء التصويت على خامنئي مؤقتاً، إلى حين ينتخب الشعب ولي الفقيه... وكل ذلك لم يطلع عليه الشعب، فإذا لم يكن خامنئي فقيهاً ولا مجتهداً، فقد بطلت شرعيته وشرعية ولاية الفقيه التي قام عليها الدستور، ولكنهم لم يقولوا للناس ذلك، كما لم يقولوا أنه مؤقت، ولم يطلبوا من الناس انتخاب ولي الفقيه أصلاً.
وهكذا بطلت ولاية الفقيه إلى خامنئي لأنه لم يصل مرتبة الفقهاء ولا القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، بل كان رئيس الجمهورية دورتين كسياسي لا كفقيه لمقام ولاية الفقيه كما يعترف نفسه بالفيديو الذي تسرب.
ومازالت المظاهرات العربية في الأحواز وغيرها من المدن العربية هذه الأيام منتفضة ضد الطغاة وممارساتهم العنصرية ضد العرب، رافضين ولاية الفقيه وطغيانها.
إن رفض الشعوب الإيرانية بمختلف قومياتها وأصنافها في مظاهراتهم وشعاراتهم نظرية ولاية الفقيه، يجعلها غير مقبولة عند الغالبية الساحقة من الشعوب الإيرانية المتطلعة للحرية والكرامة والإنسانية وحقها في الحياة الكريمة كبقية شعوب العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة