"الفاو": البدانة تقتل 4 ملايين إنسان سنويا
مدير عام منظمة الفاو قال إن القضاء على الجوع لم يعد التحدي الوحيد الذي نواجهه؛ فمكافحة السمنة أيضا أمر أساسي للتنمية المستدامة.
قال جوزيه جرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إن البدانة تحصد أرواح 4 ملايين إنسان سنويا، ووصف نظم الأغذية الموجودة بالعالم بأنها "مشوهة"، داعيا إلى اتخاذ إجراءات جريئة لإصلاحها، وإلا ستكون الإنسانية معرضة لخطر شديد يتمثل في زيادة معدلات الجوع والبدانة والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي.
وقال دا سيلفا، في بيان أصدرته المنظمة، الثلاثاء، بمناسبة إصدار تقرير "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2019"، إنه على الرغم من أن النسبة المئوية للذين يعانون من الجوع في العالم ظلت مستقرة في السنوات الثلاث الماضية؛ فإن عدد الجياع لا يزال يزداد ببطء؛ فأكثر من 820 مليون شخص ما زالوا لا يملكون ما يكفيهم من الطعام كل يوم.
وفي مقابل انعدام الأمن الغذائي؛ فإن هناك مشكلة أخرى تبدو على النقيض منها وهي البدانة، والتي قال عنها دا سيلفا إنه لا توجد منطقة في العالم خالية من هذا الوباء الذي ازدادت حدته في جميع المناطق، لا سيما بين الأطفال والبالغين في سن الدراسة، حتى إن عدد من يعانون من البدانة يفوق عدد الجياع في العالم حاليا.
وأشار دا سيلفا إلى أن أحد الأسباب المهمة لزيادة نسبة البدانة أن النظم الغذائية الحالية زادت من توافر وسهولة الوصول إلى الأغذية فائقة التجهيز ذات الطاقة العالية، حيث تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر بالإضافة إلى الملح والمكونات الصناعية.
وقال: "غالبا ما يكون هذا النوع من الطعام أرخص وأسهل في الوصول إليه من الأطعمة الطازجة، ولا سيما للفقراء في المناطق الحضرية الذين يعانون من شح الموارد، كما أن التوتر الناجم عن عدم التأكد من القدرة على توفير الطعام وقضاء فترات طويلة بدون طعام قد يؤدي أيضا إلى تغييرات فسيولوجية يمكن أن تسهم في زيادة الوزن والبدانة، كما أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية معرضون بشكل أكبر لخطر البدانة في وقت لاحق من حياتهم".
وأشار إلى التكاليف الاقتصادية-الاجتماعية لسوء التغذية، وقال: "هناك توافق طبي عام على أن البدانة هي عامل خطر للكثير من الأمراض غير السارية، مثل أمراض القلب والجلطات الدماغية والسكري وبعض أنواع السرطان".
وأضاف: "تُبيّن أحدث البيانات أن السمنة تُسهم في 4 ملايين حالة وفاة كل عام على المستوى العالمي، مع خسارة سنوية تقدر بـ2 تريليون دولار أمريكي في الإنتاجية الاقتصادية وتكاليف الرعاية الصحية المباشرة في جميع أنحاء العالم".
وعن كيفية مواجهة هذه المشكلة شدد دا سيلفا على ضرورة اتخاذ إجراءات على 3 اتجاهات؛ الأول يتمثل في زيادة توافر الأغذية الصحية، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق تنظيم مستويات الملح والدهون والسكر في المنتجات الغذائية، ومنع أو تقييد المرطبات المحلاة بالسكر في المدارس، وتعزيز الوصول إلى أسواق الأغذية الطازجة.
أما الاتجاه الثاني الذي أشار إليه مدير عام الفاو؛ فهو تنفيذ سياسات مالية وتسعيرية مناسبة؛ لأن الناس يحتاجون إلى حوافز مالية لشراء الأطعمة الصحية. يشمل ذلك فرض ضرائب على المرطبات المحلاة بالسكر أو على الأطعمة ذات النسب العالية من الأملاح والسكر والدهون، وكذلك تقديم كوبونات للناس الضعفاء لشراء الأطعمة الطازجة من الأسواق.
وأخيرا، يتعلق بالمعلومات والتعليم والتسويق؛ حيث يجب أن يكون المستهلكون على دراية بما يأكلون، وأن يتم أيضا تشجيعهم على تناول الأطعمة الطازجة؛ فمن الأمور الأساسية، على سبيل المثال، وجود ملصقات مفهومة وكاملة لعامة الناس، ومن المهم بالدرجة نفسها أيضا القيام بحملات إعلامية لتحفيز خيارات الغذاء الصحي، وتقييد تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال، وجعل تعليم التغذية إلزاميا في المدارس.
واختتم البيان بتأكيد دا سيلفا على أن "القضاء على الجوع لم يعد التحدي الغذائي الوحيد الكبير الذي نواجهه؛ فمكافحة السمنة هي أيضا أمر أساسي للتنمية المستدامة".