قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة تضع نفسها في مواجهة هذا التحدي، فهي قطعاً تدرك بكل شفافية وثقة ما لها وما عليها
"استراتيجية تنموية تستهدف الخمسين عاماً المقبلة التي ستتم صياغتها خلال عام 2020 وإطلاقها في 2021 الذي يصادف اليوبيل الذهبي على تأسيس البلاد في عام 1971، حيث تستهدف البلاد مرحلة ما بعد النفط بالاعتماد على اقتصاد المعرفة". الإعلان عن هذه الاستراتيجية جاء من خلال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
أن تضع قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة نفسها في مواجهة هذا التحدي، فهي قطعاً تدرك بكل شفافية وثقة ما لها وما عليها؛ فالخمسون عاماً من عمر الدولة وُضعَت خلالها الأسس والبنى الراسخة لوجودها وكيانها بجميع مقوّماتها السياسية والاقتصادية والتنموية، فأثبتت مع مرور الزمن أنها تجربةٌ رائدة خطّط لها وترجمها ورعاها على أرض الواقع القادة المؤسسون، وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، تجربةٌ خلاقة، ليس في معالمها ومآثرها القائمة في كثير من مجالات الحياة فحسب، بل في طاقتها الإبداعية الملهمة لقادة وشعب الإمارات على حد سواء، وهو ما يجعل مواجهة أسئلة الخمسين عاماً المقبلة أكثر سهولةً ويسراً بعد أن انحازت قيادة الدولة إلى المستقبل، مستلهمةً من الأمس مداد التجارب، ومن الغد مفاتيح الولوج الآمن والصعود المدروس..
لا استرخاءَ ولا استكانة لما كان وتم؛ بل رفعُ راية التحدي في وجه خمسين عاما مقبلة لتكون كما يريدها ويرغبها صنّاع المجد وأصحاب الذوات المبدعة انطلاقاً مما تحقق على مدار نصف قرن من عمر دولة الإمارات.
كل ذلك انعكس على مستويات المعيشة ورفاهية الأفراد حيث صنفت الإمارات من أوائل الدول في مستوى رفاهية الفرد، الأمر الذي من شأنه تفسير القرار الإماراتي الاستراتيجي بتطويع الخمسين عاما المقبلة لخدمة أهدافها بثقة وطمأنينة نابعة من امتلاك أدوات العمل والفعل والتخطيط والتنفيذ والإمكانات
التحولات والإنجازات المتراكمة بمنسوب تصاعدي دائماً وعلى الصعد كافة لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يتم الاحتفال بها وتبجيلها بالشعارات والهتافات، بل بمزيد من إعمال الفكر في المتطلبات والمستلزمات الناشئة المتولدة والمتجددة بفعل سيرورة الحياة وتطورها معرفياً وتقنياً واقتصادياً وسياسياً وتنموياً من خلال خطط وبرامج تستند إلى الفهم العلمي والعقلاني لقضايا التنمية المعاصرة ومتطلباتها، وتعمل على ترسيخ مبادئ ومفاهيم القدرة والتمكين للبناء والتقدم والرخاء وابتكار الفرص بثنائية تقوم على تلازم الحرية الاقتصادية والحرية الاجتماعية.
على مر العصور وفي مختلف الحضارات كانت العلاقة جدليةً بين الحرية والتطوير، وبإجماع علماء الاقتصاد وعلماء الاجتماع؛ فإن الحرية "آلية تطوير حضاري، وهي في الآن نفسه ثمرة متطورة النضج لهذا التطوير"، فالعمل والإنتاج والتعليم ومحو الأمية والرعاية الصحية والتنظيم كلها من أسس الحرية ومقوماتها الرئيسية التي تفضي حتماً إلى القدرة على الإنتاج والتقدم في ظل تفاعل الفكر والعمل، وهذا يحيلنا إلى التساؤل المهم: هل كانت الموارد المالية الضخمة لدولة الإمارات، وتحديدا من القطاع النفطي، هي السبب الوحيد في دفع عجلة التنمية، اقتصادياً وبشرياً، قدما إلى هذه المستويات ؟ هذا السؤال يستولد سؤالاً آخر: ألا تتمتع بعض دول العالم بموارد مالية ضخمة بسبب النفط؛ فلماذا لم تشهد استقراراً وتنميةً وازدهاراً مثيلاً لدولة الإمارات؟
ليس من شك في أن وفرة الموارد المالية النفطية لوحدها لم تكن المعيار الوحيد فيما حققته دولة الإمارات على مدى خمسين عاماً، بل تنوعت الأسباب وتعددت بدءاً من التخطيط العلمي للمشاريع بمختلف صنوفها وكذلك الإدارة الرشيدة للموارد ووضوح الأهداف التي يجري العمل لتحقيقها وسن تشريعات تخدم أهداف التنمية بمرونتها وملاءمتها للبيئة الاستثمارية.. ولا يجوز إغفال دور هذه الاستراتيجيات في نقل الاقتصاد المحلي القائم على النفط إلى اقتصاد متنوع تسهم فيه مختلف قطاعات الإنتاج؛ كل ذلك انعكس على مستويات المعيشة ورفاهية الأفراد، حيث صنفت الإمارات من أوائل الدول في مستوى رفاهية الفرد، الأمر الذي من شأنه تفسير القرار الإماراتي الاستراتيجي بتطويع الخمسين عاما المقبلة لخدمة أهدافها بثقة وطمأنينة نابعة من امتلاك أدوات العمل والفعل والتخطيط والتنفيذ والإمكانات، والوعي التام بأن التنمية بمفهومها الشامل باتت تفرض صيغ تحدٍ على القادة والمجتمعات بكل ما يقتضيه ذلك من شروط موضوعية لا بد من توفرها للتمكن من مواكبة تطورات العصر كالمؤسسات والسياسات والتشريعات والتنظيمات المدنية وشبكات الاتصالات والبحث والتطوير المستمرين على قاعدة أساسية وراسخة تتمثل بالتمكين البشري للإنسان.
بقدر ما تنطوي عليه هذه الاستراتيجية من تحديات، فإنها في الوقت ذاته ستكون غنية بالفرص على مستوى الدولة وعلى مستوى الإنسان..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة