لماذا تخلت فنلندا والسويد عن الحياد أمام روسيا؟
"اختارتا الحماية".. هكذا علّق ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولة بجامعة هارفارد، على ترك فنلندا والسويد حيادهما بالانضمام إلى "الناتو".
وأضاف "والت"، الكاتب بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن تفسير هذا القرار، للوهلة الأولى، يبدو واضحا، إذ "بدأت روسيا الحرب الأكثر تدميرا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".
وتابع أن الحرب في أوكرانيا "مستمرة وتهدد بأن تصبح مأزقا مدمرا"، وقد خلصت السويد وفنلندا إلى أن بيئتهما الأمنية "تتدهور، فاختارتا الحماية الأكبر التي يعتقدان أن عضوية الناتو ستوفرها".
لكن هذا التفسير، بحسب الكاتب الأمريكي، يترك أسئلة دون إجابة، قائلًا إن التخلي عن سياسة الحياد الناجحة طويلة الأمد يعتبر خطوة كبيرة، وقد تنطوي على "تكلفة باهظة ومخاطر في المستقبل".
وقال إن هذه النقطة تتمتع بأهمية خاصة في حالة السويد، التي تعاونت مع الناتو لسنوات، وكانت بالفعل تحصل على العديد من فوائد العضوية وقليل من الأعباء، متسائلا: "لماذا يجرى تغيير المسار الآن؟".
وقال: "كان المرء يعتقد أن الأداء العسكري لروسيا في أوكرانيا قد يجعل السويد وفنلندا تشعران بأمان أكثر وليس أقل".
ورأى أن الحرب أظهرت أن القوات المسلحة الروسية "ليست جيدة في مهاجمة الدول الأخرى"، كما أن مزيج العقوبات الغربية وتكلفة الحرب نفسها وهجرة الكفاءات من شباب روسيا "سيقلص إمكانات البلاد لسنوات مقبلة".
واستكمل: "عندما يتذكر المرء أن السويد ظلت محايدة طوال الحرب الباردة، عندما كانت قوة الاتحاد السوفييتي في أوجها، فمن المحير إلى حد ما أن تختار السويد (وفنلندا) هذه اللحظة لتقررا أنهما بحاجة إلى احتضان الناتو".
وأضاف: "هذه الحيرة تختفي إذا أدركنا أن نظرية توازن القوى التقليدية غير مكتملة. بالفعل تنتبه الدول لتوازن القوى، لكن ما يهتمون بشأنه هو التهديدات".
وأشار إلى أن نظرية "توازن التهديد" تفسر لماذا ردت أوروبا بقوة على الحرب الروسية-الأوكرانية، فيما لم تتخذ إلا خطوات متواضعة للرد على تصاعد قوى الصين، التي تعتبر أقوى من روسيا، ومن المرجح أن تصبح تحديا أكبر على المدى الطويل، لكنها –بحسب الكاتب الأمريكي– على الجانب الآخر من أن روسيا تفتقر للقدرات العسكرية التي يمكن أن تهدد أوروبا نفسها بصورة معقولة.
وفي حالة السويد وفنلندا، بحسب "والت"، كان من الواضح أن نقطة التحول هي وجهة نظر مختلفة للنوايا الروسية.
وكما قالت رئيس وزراء السويد ماجدالينا أندرسون للصحفيين نهاية الأسبوع: قررت السويد التقدم بطلب للانضمام إلى الناتو لأنها "غيرت وجهات نظرها بشأن استعداد روسيا لاستخدام العنف والإقدام على مخاطر جمة".
وبحسب "والت" فإن "بوتين" "استهان بالقومية الأوكرانية، وبالغ في تقدير القدرات العسكرية الروسية، كما أغفل فهم درس مهم بواقعية السياسة الخارجية: توازن الدول ضد التهديدات".
وأشار إلى أن "بوتين" ربما اعتقد أن أوروبا منقسمة وتعتمد على الغاز والنفط الروسي بدرجة أكبر من أن تعارض تصرفه، لذا راهن على أنه يمكنه تحقيق أهدافه بسرعة.
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز