تحذير "خطير" من "فيتش" لتونس.. إجراءات "موجعة" في الطريق
قالت وكالة التصنيف "فيتش" إن التوصّل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يبقى رهين توصّل الحكومة واتحاد الشغل لاتفاق بشأن الإصلاحات.
وكانت (أكبر نقابة عمالية) قد عبّرت تحفظات عديدة بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي طرحتها الحكومة مؤخرا، وخاصة فيما يتعلّق بمنظومة الدعم والمؤسسات العمومية.
كما حذّرت من أنّ الوقت ليس في صالح تونس وأنّه يتعيّن على الطرفين التوصّل إلى توافق قبل فوات الأوان، وحينها سيصبح المرور بنادي باريس لا مفرّ منه مع ما يفرضه ذلك من إجراءات موجعة على المجتمع التونسي الذي أنهكت الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار فئات واسعة منه.
واعتبرت الوكالة في مذكّرة حول تونس أنّ توصل الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل إلى اتفاق حول الإصلاحات الاقتصادية يمكن أن يفضي إلى صرف تمويل من صندوق النقد الدولي ودعم موقع تونس للحصول على تمويل خارجي.
ولاحظت الوكالة أن في صورة البقاء ضمن سيناريو دون إصلاحات، فإن تونس يتعيّن عليها اللجوء إلى نادي باريس لجدولة ديونها قبل أن تصبح قادرة على الحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي مع انعكاسات على الدائنين من القطاع الخاص.
وأكدت "فيتش رايتنغ" أن مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل تزيد من مصداقية برنامج الإصلاحات الاقتصادية ويزيد من فرضية التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
واعتبرت أنّ الدعم الشعبي للرئيس التونسي قيس سعيد على أهميته، لا يمكّنه من تنفيذ برنامج الإصلاحات التي قدّمتها الحكومة خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد، في غياب دعم الاتحاد العام التونسي للشغل.
وتسعى تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، إلى الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار. ويدعو صندوق النقد الدولي إلى خفض العجز المالي وخفض فاتورة الأجور والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين وتعزيز عدالة النظام الضريبي وتشجيع القطاع الخاص وتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات الحكومية. ولاقت هذه الشروط والإصلاحات رفضا من قبل أكبر منظمة عمالية في تونس الاتحاد العام التونسي للشغل.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، أنه في صورة تنفيذ الاتحاد العام التونسي للشغل لإضراب الوظيفة العمومية والقطاع العام، فإن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لن ينفذ.
وقال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" ضرورة المرور للإصلاح والاتفاق والتقليص من الاحتقان والتشنج من أجل إنقاذ البلاد" .
ودعا سعيدان إلى التعجيل بالانطلاق في الإصلاحات لأنه السبيل الوحيد للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. موضحا أنه وفي حال عدم الدخول جديا في الإصلاحات سيصبح الدين غير مستدام، مما يؤدي إلى دخول في مفاوضات مع نادي باريس ونادي لندن لجدولة الديون، وفق تعبيره.
وسبق أن أكد معز حديدان الخبير الاقتصادي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه "خلافا للإصلاحات المطلوبة، أصبح صندوق النقد الدولي يطلب شيئا جديدا وهو أن تعيد تونس جدولة ديونها"، قائلا إن "الدولة التي تطلب القرض هي التي يجب أن تطلب جدولة ديونها وليس العكس".
وأكد أن الصندوق لديه قناعة بأن تونس في القريب المتوسط، ستعلن عدم قدرتها على خلاص البعض من ديونها الخارجية.
وأكد حديدان أن جدولة الديون بالنسبة للدول التي تمر بصعوبات اقتصادية مثل تونس يعني اللجوء إلى نادي باريس حتى تعيد جدولة الديون. وتابع: "الذهاب إلى نادي باريس وجدولة الديون أفضل من إعلان إفلاسها مثلما حدث في سريلانكا ".ومضى يقول "حسب رأيي، يجب أن تأخذ تونس الخطوة الأولى وتجدول ديونها".
وقد عبر أمس الإثنين المتحدث باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، عن التزام الحكومة بكل الاتفاقيات الممضاة مع الاتحاد العام التونسي للشغل في إطار استمرارية الدولة، وذلك في تعليقه على إقرار الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد لإضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام.
وكشف النصيبي، أن جلسة ستجمع هذا الأسبوع الحكومة بالمنظمة الشغيلة، مبينا أن الطرف الحكومي يُعول على تفهم الاتحاد خاصة وأن تنفيذ الاتفاقيات يتطلب اعتمادات مالية.
وقال المتحدث، إن الحكومة موافقة على جميع الاستحقاقات الاجتماعية لكن يجب وضع رزنامة لدخول الاتفاقيات حيز التطبيق، مبينا أن هذه الرزنامة يجب أن تكون ذات مصداقية.
وتابع أن وضع البلاد يستوجب الجلوس إلى طاولة الحوار.
وقد سبق أن أبلغ الاتحاد العام التونسي للشغل، وفد خبراء صندوق النقد الدولي رفضه أي إصلاحات تتسبب في هزات اجتماعية في البلاد وأنه لن يقبل بإجراءات تجميد الرواتب ورفع الدعم وكل الإصلاحات التي تضرب الحقوق الاجتماعية للتونسيين.
وكانت ''فيتش رايتينغ'' قد خفّضت في تصنيف تونس السيادي من " ب سلبي " إلى " "سي سي سي" بفعل تنامي المخاطر المتصلة بسيولة الميزانية والخارجية نظرا لحالة التأخر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.