إعلام "جبهة إسطنبول" إلى لندن.. فشل إخواني وهروب "إجباري"
تعتزم جماعة الإخوان الإرهابية، جبهة إسطنبول، تحجيم أنشطتها الإعلامية في تركيا، ونقلها إلى بريطانيا، ودمج فضائيتي "الشعوب" و"وطن"، وفي ذلك في حالة "هروب إجباري" تعكس أزمة تمويل التنظيم الإرهابي، وتشي بفشل أذرعه الإعلامية.
الخطوة الإخوانية، التي وصفها خبراء لـ "العين الإخبارية" بأنها "دليل فشل سياسيات الإخوان الإعلامية"، جاءت لمحاولة الهروب من شبح الإغلاق من جانب السلطات التركية، وتوفيرًا للنفقات بعد ضعف التمويل.
السلطات التركية أصدرت تعليماتها في وقت سابق لجماعة الإخوان، بوقف التطاول على الدول العربية ومصر تمهيدًا لتطبيع العلاقات، وإعادتها إلى مسارها الطبيعي.
وانطلقت فضائية "الشعوب" مؤخرًا من لندن بقيادة "معتز مطر" لمحاولة إثارة الفوضى في مصر، عبر تقديم محتوى إعلامي مزيف لتأليب الجماهير ونشر الشائعات، واستغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وبحسب مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" فإن "مدحت الحداد" القيادي الإخواني ونائب "محمود حسين" قام تحت مزاعم تطوير السياسة الإعلامية للإخوان بمجموعة إجراءات، من بينها تصفية العديد من العاملين في قناة "وطن" من المشكوك في ولائهم التام لمحمود حسين، ودمج الفضائيتين في كيان واحد.
دليل فشل
وحول أسباب تلك الخطوة وتداعياتها، يرى هشام النجار، الكاتب والباحث في جماعات الإسلام السياسي، في حديث لـ "العين الإخبارية"، أن هذا دليل ارتباك تنظيمي وفشل كبير داخل جبهات الإخوان.
وقال: إن" التنافس المتواصل بين جبهتي لندن وإسطنبول ترك آثاره السلبية على سلامة التنظيم وقرارات الجماعة، حيث تحرص كل جبهة على كسب جولات الصراع عبر الهيمنة على المنافذ الإعلامية للجماعة، وتركيز الخطاب التهيجي لكسب أنصار جدد، ما أفقد الإخوان مصداقيتهم لدى الشارع المصري ولدى أعضاء تنظيمهم، وبالتالي كانوا في حاجة واجهة إعلامية جديدة تجدد تسللهم للشارع المصري ووجدوها في قناة الشعوب.
ويستبعد النجار أن تكون تلك الخطوة لها أي تأثير يذكر على المشهد المصري أو الإقليمي والعربي، لأنه من غير الوارد أن تنجح الإخوان في مخططتها الإرهابي لإثارة الفوضى واستغلال الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة بسبب الأزمة العالمية".
وأضاف:" لكن هذا لا يعني أن فشلهم سيوقف محاولاتهم استهداف الدولة، فمن المرجح أن تستمر عمليات التحضير لإعادة وتكرار الدعوات للتظاهر في 25 يناير/كانون الثاني الحالي، التي ستفشل كما غيرها."
ويستطرد: وهذا السيناريو فشلت الجماعة في تحقيقه مرارا آخرها نوفمبر الماضي، مع رفض الشعب المصري الدعوات للنزول إلى الشارع، حيث يدرك جيدا خطورة هذه الدعوات.
ومن جانبه يرى عمرو عبد المنعم، الكاتب والباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، أن الدافع الحقيقي وراء القرار "ضعف الميزانية الإعلامية التي لا تتحمل الإنفاق على فضائيتين تقومان بنفس المهمة".
وقال لـ "العين الإخبارية" إن كلمة السر في هذا القرار هي "التمويل" ، خاصة أن جبهة إسطنبول تعاني منذ فترة من ضعف التمويل، بعد تخلي التنظيم الدولي عنه.
وأضاف أن قناة "الشعوب" يديرها "معتز مطر" تمتلك ميزة يمكن من خلالها توفر النفقات، منها امتلاك القناة لفكرة العمل من خلال الاستوديوهات المبتعدة، أي أن تظل الإدارة مركزية في إسطنبول، ويتم التنسيق مع لندن عبر حلقة الوصل، وتم تكليف الإخواني محمد جمال هلال بهذه المهمة لكونه مذيعًا في فضائية "وطن"، ومسؤولا عن عدد من الوسائل الإعلامية والمراكز البحثية مثل المركز المصري للدراسات، ومركز مرسي للديمقراطية وقناتي بلقاس وسوريا الديمقراطية وليبيا الأحرار .
بينما يرى منير أديب الكاتب والباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن القرار يؤكد "فشل وفساد الجماعة وعلى كافة المستويات، فالتنظيم الذي كانوا يفتخرون به أصبح عنوانا للفشل والانشقاقات".
وأضاف أديب: أما الفساد فقد وردت أنباء عن تفشي حالات الفساد المالي والإداري بين صفوف العاملين في جبهة وطن مما ترك أثرًا سلبيًا بالغًا في مدى صدق رسالة جهة إسطنبول، وكانوا في حاجة إلى واجهة جديدة مقبولة.
خلق مسار إعلامي مواز
ويضيف أديب أن جبهة محمود حسين تسعى منذ فترة طويلة لاستكمال مؤسساتها التنظيمية والإعلامية لتكون جديرة بأن تقود الجماعة، لتكون هي الإعلام الموازي والمساوي لإعلام جبهة إبراهيم منير .
وحول ملامح المسار الإعلامي الجديد يرى أديب أن الخطاب الإعلامي الإخواني التقليدي في كلتا الجبهتين لم يعد قادرا على تلبية احتياجات أعضاء التنظيم، بعد فشلهم في تأليب الجماهير على الوطن وفشلهم في تبرئة الجماعة من الإرهاب، وأصبحوا في حاجة إلى إعلام معارض، وتمثل الحل في قناة الشعوب لتقدم لهم محتوى يمكن نشره بين الناس.
ويقول إن الانتقال إلى لندن هو خطوة نحو إنقاذ المنصة الإعلامية وتجديدها، خاصة أن لندن لا زالت تقبل بالوجود الإخواني وترغب في استثماره، بخلاف تركيا التي اكتشفت فشل الجماعة في تحقيق مكاسب استراتيجية لها، وارتفعت الأصوات التركية بوقف دعم الجماعة ورفع مستوى التطبيع مع الدولة المصرية، التي لا زالت ترفض استقبالاً لأفراد من الجماعة صدر بحقهم أحكام قضائية بالإدانة في أعمال إرهابية.
وأكد أديب أن مصير السياسة الإعلامية الجديدة هو نفس مصير السياسة الإعلامية السابقة، وهو الفشل الذريع فلم يعد أحد يصدق أكاذيب الإخوان في الوقت الحالي.
خطوة متوقعة
ومن ناحيته يرى عمرو فاروق، الكاتب والباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن الانتقال بالمنصات الإعلامية إلى لندن هي خطوة متوقعة سواء من جبهة لندن أو إسطنبول.
وفي حديث لـ "العين الإخبارية" يرى فاروق" أن انحصار تمدد الإخوان في العالم، وفقدانهم الظهير السياسي في العديد من البلدان، لم يعد يتيح لهم فرصة للانتقال إلى ملاذات آمنة غير لندن، فهي الراعي الرسمي لكافة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وهي عاصمة الإخوان الأولى.
وأضاف فاروق:" يجب أن نعلم أن لندن لم ولن تتنازل عن الاستثمار في الإسلام السياسي بالمنطقة، فالإخوان أفضل عملاء يمكن أن يقوموا بمهمة تهديد سلامة المجتمعات، ونشر الفوضى، لهذا سمحوا لفضائيتهم أن تبث من العاصمة البريطانية لندن لتبدأ في مهاجمة مصر والدعوة لإسقاط الدولة والحشد لتظاهرات ضد النظام "
وحول إذا ما كان دمج الفضائيتين يعود لضعف التمويل يؤكد فاروق "رغم الانقسام والانشقاق بين تنظيم الإخوان إلا أن كل جبهة لديها ممولها الذي يضمن لها الاستمرار، وجبهة محمود حسين وإن كانت تعاني من ضائقة في التمويل إلا أن وجود رجل الأعمال الإخواني مدحت الحداد في "جبهة حسين" قد يكون كافيا لتمويل القناة فهو من أبرز الأذرع المالية للتنظيم ويدير عدة محافظ مالية وشركات استثمارية كبيرة".
وأكد فاروق أن التحرك الأخير نحو لندن يعود في الأساس كخطة استباقية إذا ما قررت السلطات التركية إغلاق كافة المنصات الإعلامية الإخوانية التي تبث من أراضيها، وتلك الخطة بدأت قبيل دعوات 11 نوفمبر/تشرين الأول الماضي، وقتها قام "معتز مطر" في استقطاب بعض المذيعين والإعلاميين الإخوان وغير الإخوان لشن حملات ضد الدولة المصرية بعيدًا عن تركيا، كما تم الاستعانة بعدد كبير من المعدين والمراسلين والفنيين التابعين للجماعة في المقر الرئيسي للفضائية في لندن".
ومن ناحية أخرى؛ تحاول الدولة التركية رفع مستوى التطبيع مع الدولة المصرية، وفي هذا المضمار سبق أن أعلنت استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر في مارس/آذار من العام قبل الماضي، حيث زار وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، مصر في مايو/ أيار عام 2021 في أول زيارة من نوعها منذ 2013.
وفي هذا المسار أيضا وبعد أربعة أشهر زار نائب وزير الخارجية المصري أنقرة على رأس وفد مصري دبلوماسي يومي7 و8 سبتمبر/ أيلول عام 2021، لإجراء جولة ثانية من المحادثات الاستكشافية تمهيداً لحل الخلافات العالقة وتطبيع العلاقات.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز