الفيضانات ترفع إنتاج السد العالي من الكهرباء للذروة.. خبراء يوضحون التفاصيل

ارتفع إنتاج السد العالي من الكهرباء بنسبة 100% مع فيضان نهر النيل، وفقًا لتصريحات مصدر حكومي مصري لـ"العين الإخبارية"، مع ارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر، بسبب الأمطار الشديدة التي حدثت في منابع النيل في موعد غير معتاد وهو نهاية سبتمبر/أيلول.
وأوضح خبير الموارد المائية حسام عبد العزيز لـ"العين الإخبارية" أن مساهمة السد العالي في شبكة الكهرباء المصرية لم تعد كما كانت عند افتتاحه، حيث لا تتجاوز 5% من إجمالي الإنتاج الوطني بقدرة تقدَّر بـ1900 ميغاواط سنويًا، مقارنة باستهلاك يتجاوز 40 ألف ميغاواط حاليًا.
وأضاف أن مصر كانت تعتمد سابقًا بشكل أساسي على السد العالي، غير أن التوسع في المحطات الغازية والمتجددة قلل من مكانته بشكل واضح.
وفيما يتعلق بتداعيات سد النهضة، أشار عبد العزيز إلى أن التهديد الأكبر كان يكمن في احتمال تزامن الملء الإثيوبي مع سنوات جفاف ممتدة، وهو ما قد يؤثر على مخزون بحيرة ناصر، لكن الواقع جاء مغايرًا، إذ تزامنت سنوات الملء مع فيضانات كبرى ساعدت في الحفاظ على السعة التخزينية القصوى للبحيرة، البالغة 162 مليار متر مكعب.
وأكد أن مصر تحصل على نحو 55 مليار متر مكعب سنويًا من مياه النيل، يأتي معظمها من النيل الأزرق بنسبة تصل إلى 65%، إضافة إلى روافد أخرى مثل السوباط وعطبرة والنيل الأبيض، محذرًا من أن أي جفاف طويل في النيل الأزرق سينعكس مباشرة على الأمن المائي المصري.
يُذكر أن السد العالي أُنشئ عام 1960 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واستغرق بناؤه نحو ثماني سنوات قبل افتتاحه رسميًا عام 1971 في عهد الرئيس أنور السادات، بتكلفة بلغت مليار دولار. ويمتد السد بطول 3.6 كيلومتر وارتفاع 111 مترًا، ويضم نحو 43 مليون متر مكعب من الخرسانة والحديد، وأسهم في تكوين بحيرة ناصر، أكبر بحيرة صناعية في العالم بطول 500 كيلومتر وعرض 10 كيلومترات.
من جانبه، أكد خبير الطاقة والموارد المائية تامر البيومي لـ"العين الإخبارية" أن مساهمة الطاقة المائية في إنتاج الكهرباء لا تتجاوز 7% من إجمالي الإنتاج المحلي، لافتًا إلى أن السد العالي يظل المصدر الأكبر للطاقة الكهرومائية بقدرة تقارب 2100 ميغاواط، إلا أن النمو المتسارع في الاستهلاك جعل الاعتماد عليه محدودًا مقارنة بمحطات الغاز والطاقة المتجددة.
وبحسب بيانات الشركة المصرية لنقل الكهرباء، تخطط الحكومة لاستثمار نحو 11 مليار جنيه خلال الفترة المقبلة لإنشاء محطات جديدة وتعزيز شبكات النقل بالمناطق التي تعاني من ضعف الأحمال، على أن تدخل هذه المشروعات الخدمة قبل صيف 2026 لتلبية الطلب المتزايد.
كما أعلنت وزارة الكهرباء عن توقيع اتفاق تعاون مع الجانب اليوناني لتنفيذ الدراسات الفنية والاقتصادية لمشروع كابل بحري ضخم لنقل 3 آلاف ميغاواط من الكهرباء إلى أوروبا، بتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومن المتوقع تنفيذه خلال 3 إلى 4 سنوات، في خطوة تستهدف تعزيز صادرات مصر من الطاقة المتجددة.
وكان مصدر حكومي قد كشف عن قفزة في إنتاج السد العالي إلى 2100 ميغاواط، وهي طاقته القصوى، بدعم من زيادة تدفقات المياه القادمة من السودان، مشيرًا إلى خطة لرفع القدرة إلى 2400 ميغاواط عبر تطوير المحولات.
وأكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن السد حجز نحو 15 مليار متر مكعب من المياه مؤخرًا، مما ساعد في حماية البلاد من الفيضانات وضمان استقرار الدورة الزراعية، إلى جانب مساهمته في توليد الكهرباء.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع الذكرى السنوية لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر، الذي ارتبط اسمه بهذا المشروع العملاق الذي شكّل حجر الأساس في مسيرة التنمية المصرية.
وفي سياق متصل، شهدت منطقة طرح النهر بمحافظة المنوفية ارتفاعًا ملحوظًا في منسوب مياه فرع النيل، ما أدى إلى غمر مساحات واسعة من الأراضي والمباني الواقعة على جانبي المجرى المائي، في مشهد أطلق عليه الأهالي "فيضان المنوفية".
وأصدرت محافظة المنوفية بيانًا حذرت فيه المزارعين والمقيمين على أراضي طرح النهر من البقاء فيها، داعية إلى الإخلاء الفوري، خصوصًا في قرى مركز أشمون الأكثر عرضة للخطر، مشيرة إلى أن قوة اندفاع المياه قد تسبب خسائر جسيمة إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
من جانبه، حذّر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي من احتمالية غمر بعض الأراضي الزراعية والمناطق المنخفضة في محافظات المنوفية والبحيرة خلال أكتوبر، لافتًا إلى أن هذه المحافظات إلى جانب الغربية تُعد الأكثر عرضة للخطر نتيجة مرور فرع رشيد بها.
وفي تفسير الظاهرة، أوضح خبير المياه الدكتور أحمد فوزي لـ"العين الإخبارية" أن منطقة طرح النهر بطبيعتها أرض منخفضة مخصصة لاستيعاب المياه الزائدة في مواسم الفيضان، مؤكدًا أنها ليست صالحة للبناء أو الزراعة الدائمة، بل تمثل نطاقًا طبيعيًا لتصريف الفيضانات وحماية المناطق العمرانية والزراعية المحيطة.
ونددت وزارة الري المصرية في بيانها بالتصرفات الإثيوبية في إدارة "سدها غير الشرعي المخالف للقانون الدولي"، مضيفة: "هذه الممارسات تفتقر إلى أبسط قواعد المسؤولية والشفافية، وتمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب، كما تكشف بما لا يدع مجالاً للشك زيف الادعاءات الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالغير، وتؤكد أنها لا تعدو كونها استغلالاً سياسياً للمياه على حساب الأرواح والأمن الإقليمي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز