باحثة أمريكية: إنتاج الغذاء يهدد بنسف أهداف باريس للمناخ (حوار)
تركز جهود العديد من الدول على منح قطاع الزراعة القدرة الكافية على التكيف مع التغيرات المناخية، التي قد تنال من كمية الإنتاج وجودته.
لكن في المقابل، فإن دراسة أمريكية نشرت في 6 مارس/آذار الجاري بدورية "نيتشر كلايمت تشانغ"، كشفت أن قطاع الزراعة والغذاء يتحمل بعض المسؤولية عن التغيرات المناخية.
وذهبت الدراسة إلى أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نظام إنتاج الغذاء ستضيف ما يقرب من درجة واحدة مئوية إلى درجات حرارة سطح الأرض بحلول عام 2100، وفقا للاتجاهات الحالية، مما يلغي أهداف المناخ لاتفاقية باريس.
فما هي أبرز مصادر الانبعاثات التي يسببها قطاع الزراعة؟ وما هو السر خلف حجم التأثير الذي تحدثه على تغير المناخ؟ وكيف يمكن السيطرة على هذه الانبعاثات؟
هذه الأسئلة وغيرها تجيب عليها كاثرين إيفانوفيتش، من قسم علوم الأرض والبيئة بجامعة كولومبيا الأمريكية، وإحدى المشاركات في الدراسة، وذلك في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".
* بداية: تحمل دراستكم عنوان "الاحترار المستقبلي من استهلاك الغذاء العالمي"، فما هي الحقائق خلف هذا العنوان الصادم؟
يجب معرفة أن درجة حرارة سطح الأرض ارتفعت بمقدار 1.2 درجة مئوية منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولم يتبق سوى هامش ضيق للبقاء تحت الهدف الأساسي لمعاهدة باريس 2015 المتمثل في وضع حد للاحترار عند "أقل بكثير من 2 درجة مئوية".
والأبعد من ذلك هو الحد الطموح البالغ 1.5 درجة مئوية، والذي أظهر العلم لاحقا أنه عتبة أكثر أمانا لتجنب الآثار المناخية المدمرة والتي لا رجعة فيها، بما في ذلك الفيضانات الساحلية وموجات الحر والجفاف.
ولكن الحقيقة، أننا أبعد ما نكون عن الالتزام بالحد الطموح، بل إننا قد نتجاوز أهداف اتفاقية باريس المناخية، لأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نظام إنتاج الغذاء ستضيف وحدها ما يقرب من درجة واحدة مئوية إلى درجات حرارة سطح الأرض بحلول عام 2100.
* ما حجم الانبعاثات التي يسببها القطاع الزراعي في الوقت الراهن؟
يمثل حوالي 15 في المئة من مستويات الاحترار الحالية، ورغم ذلك، فإن ثلث خطط خفض الانبعاثات الوطنية فقط، بموجب اتفاق باريس، تتضمن إجراءات لخفض التلوث الناجم عن الزراعة أو الثروة الحيوانية.
* كيف رصدتم التأثيرات المستقبلية التي أوصلتكم لتلك النتيجة الصادمة؟
نظرنا بشكل منفصل في غازات الدفيئة الثلاثة الرئيسية، والتي تختلف في الفاعلية والقدرة على البقاء في الغلاف الجوي، فبمجرد انبعاث ثاني أكسيد الكربون، يبقى في الغلاف الجوي لعدة قرون، ويظل الميثان باقيا لمدة عقد من الزمان تقريبا، ولكن في هذا النطاق الزمني، يكون أكثر كفاءة بنحو 100 مرة في الاحتفاظ بحرارة الشمس.
ووجدنا أن الميثان الناتج عن تجشؤ الماشية وحقول الأرز والأطعمة المتعفنة يمثل حوالي 60 في المئة من الانبعاثات المرتبطة بالأغذية، مع ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الآلات والنقل، إلى جانب أكسيد النيتروز الناتج عن الاستخدام الزائد للأسمدة الكيماوية، المسؤولة عن 20 في المئة لكل منهما، كما جمعنا بيانات عن انبعاثات الكربون لما يقرب من 100 عنصر غذائي فردي.
* ماذا وجدتم؟
وجدنا أنه بدون تغيير حاد في الإنتاج والنظام الغذائي، فإن استهلاك الغذاء العالمي سيرفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض 0.7 درجة مئوية و0.9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وهذا الاحترار الإضافي وحده يكفي لتجاوز هدف 1.5 درجة مئوية للاحتباس الحراري والاقتراب من عتبة 2 درجة مئوية.
* لكن على ما يبدو فإن الميثان يتحمل المسؤولية الأكبر؟
بالضبط، فغالبية الاحترار المستقبلي من قطاع الغذاء من انبعاثات غاز الميثان؛ ونظرا لأنه ملوث قصير العمر، فإن التخفيضات الفورية في انبعاثاته يمكن أن تؤدي إلى فوائد مناخية في المستقبل القريب.
* كيف يمكن تخفيض انبعاثات الميثان؟
تحسين طرق إنتاج اللحوم والألبان والأرز وحده يمكن أن يقلل من توقعات الاحترار الإضافي من قطاع الأغذية بمقدار الربع، كما أن استخدام مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل الآلات الزراعية، وتقليل هدر الطعام، من شأنه أن يقلل نسبة 25 في المئة أخرى.
* كيف يمكن الموازنة بين تخفيض انبعاثات قطاع الزراعة وبين دعم القطاع للتكيف مع تبعات تغير المناخ؟
التقاطع بين الغذاء والمناخ معقد بسبب ردود الفعل الديناميكية ثنائية الاتجاه، وكما يتضح من بحثنا، يلعب إنتاج واستهلاك الغذاء العالمي دورًا مؤثرًا بشكل كبير في تشكيل مناخنا في المستقبل، وفي الوقت نفسه.
ويؤثر الاحترار العالمي وما يرتبط به من تغيرات مناخية محلية بقوة على الإنتاج الزراعي، من خلال مدى كفاءة نمو المحاصيل أو من حيث كون بعض المحاصيل قابلة للحياة، على سبيل المثال، ومن الضروري أن تأخذ تدابير التخفيف والتكيف المستقبلية هذه العلاقات المعقدة في الحسبان.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز