عندما يستيقظ الإنسان بلكنة لم يتعلمها قط.. متلازمة نادرة تحير الأطباء

تخيل أن تستيقظ ذات يوم وتتحدث بلكنة فرنسية أو إيطالية دون أن تطأ قدماك تلك البلاد أو تتعلم لغتها.
هذا ليس مشهدا من فيلم خيال علمي، بل ظاهرة طبية حقيقية تُعرف باسم "متلازمة اللكنة الأجنبية".
ورغم أنها نادرة، إلا أن متلازمة اللكنة، تُعد من أكثر الاضطرابات العصبية غرابة، إذ تسببت في تبدل لهجات أشخاص حول العالم بعد إصابتهم بأمراض أو إصابات دماغية، وكأن أدمغتهم قررت فجأة "إعادة برمجة" نبرة صوتهم.
ما هي متلازمة اللكنة الأجنبية؟
تم توثيق الحالة لأول مرة في عام 1907، ولكنها لم تُعرف رسميا حتى أربعينيات القرن الماضي. وتحدث المتلازمة غالبا نتيجة إصابة في الدماغ تؤثر على مراكز التحكم في اللغة، مثل السكتة الدماغية أو إصابات الرأس أو حتى بعض العمليات الجراحية.
وفقًا لدراسة منشورة في مجلة " بي إم جيه كيس ريبورتيز"، عام 2021، فإن معظم الحالات المُسجلة ترتبط بتلف في القشرة الحركية المسؤولة عن تنسيق حركات الفم واللسان، ما يؤدي إلى تغييرات في التنغيم والنطق والإيقاع، فيبدو الصوت وكأنه بلكنة أجنبية، رغم أن الكلمات المستخدمة ما زالت بلغته الأم.
دراسات وأرقام
وأشارت مراجعة علمية نُشرت في مجلة "فورنتيرز إن هيومان نيروساينس" عام 2016 إلى أن عدد الحالات المسجلة عالميا لا يتجاوز 100 حالة منذ اكتشاف المتلازمة.
وفي دراسة نشرتها دورية "علم النفس العصبي"، وُجد أن أكثر من 80% من المرضى المصابين بالمتلازمة تعرضوا لسكتة دماغية، في حين كان السبب لدى آخرين هو إصابات في الرأس أو صدمات نفسية شديدة.
ودرست دراسة حديثة من جامعة تكساس عام 2022 نشاط الدماغ عبر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، ووجدت أن المصابين بالمتلازمة يعانون من خلل في التواصل بين المناطق المسؤولة عن إنتاج الكلام وتلك المسؤولة عن التوقيت والإيقاع اللغوي.
أمثلة واقعية تثير الدهشة
وفي عام 2021، أثارت الأسترالية كيم هول ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما اكتشفت أن صوتها أصبح يحمل لكنة بريطانية واضحة بعد عملية جراحية في الفك.
لم تكن كيم قد زارت بريطانيا من قبل، لكن الأطباء شخصوا حالتها بمتلازمة اللكنة الأجنبية.
أما في بريطانيا، فقد أصيبت ألثيا برايدن بسكتة دماغية في عام 2023، لتجد نفسها تتحدث بلكنة إيطالية، بل وأصبحت تستخدم إيماءات يدوية كما لو كانت نشأت في روما.
ولا يوجد علاج موحد لمتلازمة اللكنة الأجنبية، ولكن بعض الحالات تتحسن جزئيا عبر العلاج النطقي المكثف، والعلاج السلوكي المعرفي، بالإضافة إلى الدعم النفسي.
وينصح الأطباء باستخدام تقنيات تسجيل الصوت لمراقبة التحسن، كما أن الوعي العام بهذه الحالة يمكن أن يقلل من الوصمة الاجتماعية أو التنمر الذي قد يتعرض له المصابون.