هوجن وزوكربيرج.. الجميلة هزمت الملياردير
في تاريخ البشرية أو حتى الأشخاص تبرز بعض الأحداث التي يمكن التأريخ لما قبلها أو بعدها، كونها تحدث تغييرات جذرية وتؤثر في الدائرة المحيطة بها.
هذه النظرية تنطبق على فرانسيس هوجن، الموظفة السابقة بشركة فيسبوك، والتي كشفت عن العديد من المخالفات بالشركة العملاقة.
التصريحات والوثائق التي سربتها هوجن وشهادتها أم الكونجرس الأمريكي، غيرت من وضعية الملياردير الأمريكي زوكربيرج وأثرت بالتأكيد على مستقبله وشركته.
زوكربيرج قبل "فضيحة" هوجن، ليس هو بعدها، ولا حتى فيسبوك، ولن نبالغ إن قلنا أن تأثير الواقعة امتد إلى الاقتصاد العالمي العالمي.
فرانسيس هوجن، مديرة الإنتاج السابقة بموقع "فيسبوك"، قد تظل هي الاسم الأبرز في حياة مارك زوكربيرج، لسنوات عدة.
لقد تسبب معلومات ومستندات كشفت عنها هوجن، في أكبر خسارة لزوكربيرج حتى الآن، حيث تراجعت الثروة الشخصية له بنحو 7 مليارات دولار في ساعات قليلة، ما تسبب في تراجعه بقائمة أغنى أغنياء العالم.
وانخفضت ثروة زوكربيرج إلى 120.9 مليار دولار، ليحل في المركز الخامس بعد بيل جيتس في مؤشر بلومبرج للمليارديرات.
بداية ظهور هوجن
وبدأت أزمة زوكربيرج منذ كشفت هوجن عن نفسها، على شاشات التلفزيون في برنامج "60 دقيقة" بالتلفزيون الأمريكي في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وبدأت في كتابة العديد من التغريدات، وأنشأت موقعا شخصيا على الإنترنت.
كما أعلنت عن جولة أوروبية للتحدث مع المشرعين والمنظمين، وبعد ذلك أدلت بشهادتها فى جلسة استماع في الكونجرس عن مدى تأثير عملاق التواصل الاجتماعى على الشباب.
من هي فرانسيس هوجن؟
هوجن, صاحبة الـ37 عامًا، من مواليد ولاية آيوا، الأمريكية ودرست الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في كلية أولين، الخاصة الجامعية في بلدة نيدهام، بولاية ماساتشوستس، الأمريكية وحصلت على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هارفارد.
وعملت هوجن، في العديد من شركات وادي السيليكون، العملاقة بما في ذلك "جوجل" وشبكة "بينترست" الاجتماعية الأمريكية إلى جانب شركة "يلب" وهو موقع التواصل الذى يربط بين الناس والأعمال التجارية المحلية فى الولايات المتحدة، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وكشفت الصحيفة الأمريكية أن هوجن، انضمت إلى عملاق التواصل الاجتماعى في يونيو/حزيران 2019 لأجل معالجة قضايا الديمقراطية والتضليل بالإضافة إلى العمل على مكافحة التجسس، وفقًا لموقعها الشخصي على الإنترنت.
وغادرت هوجن، "فيسبوك" في مايو/آيار الماضى ولكن ليس قبل أن تخرج آلاف الصفحات من الأبحاث والوثائق الداخلية للشركة العملاقة.
بداية تراجع ثروة زوكربيرج
شكلت الوثائق التي أفرجت عنها هوجن، أساسًا لسلسلة من المقالات الصحفية وشكوى المبلغين عن المخالفات التي قدمتها، ومحاموها إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات.
وقبل مغادرتها، قامت هوجن بنسخ آلاف المستندات، والتي سربتها لاحقًا إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) و WSJ، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
كما عملت أيضًا مع Whistleblower Aid، وهي منظمة غير ربحية قانونية تساعد الأشخاص الذين يهدفون إلى كشف المخالفات المحتملة.
وخلال مقابلتها مع التلفزيون الأمريكي، قالت هوجن إنها عندما انضمت إلى الشركة كان الأمر أسوأ بكثير في فيسبوك من أي شيء رأته من قبل.
محتوى الكراهية
وتشير إحدى الوثائق التي سربتها إلى أن فيسبوك يتخذ إجراءات بشأن 3-5٪ فقط من محتوى الكراهية و0.6% من محتوى العنف والتحريض ، على الرغم من الادعاء بأنه الأفضل في ذلك.
وشددت أيضًا على أن فيسبوك يخلق انقسامات في المجتمع، وأن المحتوى الذي يعيش على المنصة يمكن أن يسبب العنف، قائلة: عندما نعيش في بيئة معلومات مليئة بالمحتوى الغاضب، البغيض، المستقطب، فإنه يقوض ثقتنا المدنية.
كما يقوض إيماننا ببعضنا البعض، ويقوض قدرتنا على الرغبة في رعاية بعضنا البعض، مؤكدة أن نسخة فيسبوك الموجودة اليوم تمزق مجتمعاتنا وتسبب العنف العرقي في جميع أنحاء العالم.
وأضافت أنه في عام 2018، قام زوكربيرج وفيسبوك بإدخال تغيير على خوارزمية لزيادة التفاعلات المحتملة بين الأصدقاء والعائلة، وهذا التغيير كان السبب الجذري للمشاكل التي تواجهها الشبكة الاجتماعية.
وذكرت أن فيسبوك لا يستخدم خوارزميات أكثر أمانًا بحيث تقضي وقتًا أطول على الموقع. فالشركة قامت بتشغيل بعض ميزات الأمان لانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020، لكنها أوقفتها بمجرد انتهاء الانتخابات.
وأنهت هوجن حديثها قائلة: لقد أظهر فيسبوك مرارًا وتكرارًا أنه يختار الربح على السلامة.
ولم يكن الحديث التلفزيوني لهوجن مجرد حوار عادي، بل كان قنبلة لم تضرب فقط عملاق التكنولوجيا الأمريكي فيسبوك ومالكه لكنها، بل الاقتصاد العالمي.
عاصفة هوجن لم تضرب زوكربيرج فقط
قدرت بعض المؤسسات الاقتصادية ووسائل الإعلام خسائر مارك زوكربيرج مؤسس "فيسبوك" ومالك المنصات الثلاث بسبعة مليارات من الدولارات، وقدرتها مصادر أخرى بستة مليارات، وذلك بواقع مليار دولار لكل ساعة، لتتراجع ثروته إلى ١٢٢ مليار دولار ويتغير موقعه بين أثرياء العالم، فتراجع إلى المركز الخامس بدلاً من الرابع.
فأعطال «فيسبوك» ومنصاته، لم تنل فقط من ثروة زوكربيرج ولكنها تسببت في خسائر إجمالية تصل إلى 114 مليار دولار، سواء بين انخفاض في إيرادات المنصات، وتراجع في القيمة السوقية وتأثير على الاقتصاد العالمي وتأثير سلبي على مكانة شركات عملاقة أخرى في سوق المال.
وكشفت عاصفة هوجن عن أن "فيسبوك" لم يعد مجرد منصة للتواصل الاجتماعي، ولكنه أصبح وحشاً اقتصادياً.