الروائية لولوة المنصوري: مساحة الحرية في الإمارات تشجّع على الإبداع
الروائية والقاصّة الإماراتية لولوة أحمد المنصوري تعدّ من الأسماء الأدبية الشابة المؤثرة في المشهد الثقافي والأدبي في الإمارات حالياً.
تعدّ الروائية والقاصّة الإماراتية لولوة أحمد المنصوري من الأسماء الأدبية الشابة المؤثرة في المشهد الثقافي والأدبي في الإمارات حالياً.
وهي من مواليد إمارة رأس الخيمة، وحاصلة على بكالوريوس الأدب العربي، إضافةً إلى دبلوم في الإعلام، كما أنها عضوة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ولجنة تحكيم جائزة الإمارات للرواية بدورتها الـ2.
وصدر للمنصوري رواية "آخر نساء لنجة"، عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ورواية "خرجنا من ضلع جبل" الفائزة بجائزة الإمارات للرواية، فضلاً عن "قوس الرمل" عن دار العين للنشر، والمجموعة القصصية "قبر تحت رأسي" التي حصدت جائزة الشارقة للإبداع العربي، ولها أيضاً مجموعة قصصية بعنوان "القرية التي تنام في جيبي" والتي نالت جائزة مجلة دبي الثقافية.
في حوارها مع "العين الإخبارية"، أكدت لولوة المنصوري أن المشهد الأدبي والثقافي في الإمارات مزدهر جداً وديناميكي ومُتجدّد بِتجدّد الأصوات الأدبية، وأن هناك مساحة حرّة متاحة للكاتب حتى يبدع ويتميّز في أي فكرة، مضيفةً أن الأجواء العامة مُحفَّزة على الكتابة والإنتاج، في ظل تشجيع النشر المحلي والكتاب الإماراتي وإبرازه إعلامياً.
وإلى نص الحوار..
- حدثينا عن روايتك الأخيرة "قوس الرمل" وفي أي أجواء كُتِبت؟
الرواية تدور في فلك الماء الذي يؤثر في المجتمعات الإنسانية وعلى حوافه تُقام حضارات وتبدأ حيوات كثيرة بالظهور، كما يقدر أيضاً على طمس العالم وإبادته.
وفكرة الرواية مستوحاة من حكاية الطوفان القديم الذي ذاعت سيرته في الأساطير القديمة لبعض الحضارات العظيمة كحضارة وادي الرافدين، ثم تسلسلت أخباره في الديانات السماوية الـ3 مع اختلاف اسم بطل الطوفان وبعض الحيثيات والنتائج، لكنه في الرواية ليس شبيهاً بطوفان الماء المتعارف عليه الذي نزل من السماء، وإنما هو سفليّ وعبارة عن انفجار الأنهار الأحفورية المنسية من أسافل الربع الخالي.
- إلى أي مدى اقتربت شخصيات الرواية من الواقع؟ وهل شخصياتك تشبهك؟
نتقاطع في بعض الأحلام والمرامي، وقد نختلف في المسارات، إلا أن شخصياتي مُتخيَّلة في أغلبها، لا أقول بأنها خارقة وعجائبية، وإنما فيها مسّ من الهذيان والغموض وتتحرك وفق تحرّك الأحداث الضبابية.
- هل تختلف نظرة المبدع لأعماله بمرور الوقت، وكيف تنظرين لروايتك الأولى "آخر نساء لنجة"؟
لكل مرحلة تجربة خاصة نتشكّل من خلالها، ونحاول أن نشتغل على النص قدر قناعاتنا.
وكل كتاب يحمل في ذاته لمحة من مراحلنا العمرية، كل ما كتبته تجاوزته، و"آخر نساء لنجة" تمثل بداياتي في عالم الرواية رغم أنه لم يمض عليها سوى بضع سنوات فقط، فإن أسلوبي وأفكاري ومطامحي الروحية قد تغيّرت منذ ذلك الوقت.
- تحتل الصحراء جزءاً كبيراً في فضاء تجربتك الإبداعية.. لماذا؟
الصحراء بيتي الرّوحي العظيم، تمنحني الكبرياء وصفاء الوعي، تهديني النظرة العجائبية الثاقبة والتركيز على الذات والتكبّر على القشور والماديات، الصحراء هي البصيرة وبيت النبوءات الخالدة، هي الزمن الكليّ، لا تعرف بدايته من نهايته، هي التيه الذي ينبئ بالتحوّل الباطني العميق والأرض في النهاية كحبة رمل عظيمة تائهة في الكون.
- ما سر بطولة المرأة في رواياتك؟
في الميثيولوجيا القديمة لبلاد الرافدين نُسِب السكون والهدوء الأول للأم، أما الحراك والهياج والفوضى والحروب فهو فعل ذكوري، في الأصل كان الكون أنثى، والحكاية الأولى خرجت من فم أنثى هي "عشتار"، إلهة الحكاية في بلاد الرافدين، ولا أدري هل قراءاتي في الميثيولوجيا قد عززت عندي انحيازي نحو الشخصيات الأنثوية ومنحها بعداً كبيراً في السلطة والتحكّم بمسار الأحداث!
- لماذا لا توجد رواية إماراتية حتى الآن تنافس بقوة في المشهد الإبداعي العربي؟
أولاً ما مقياس التنافس العربي في الفن الروائي، ولماذا نجري دائماً وراء صخب الإعلام والتنافس على المراكز الأولى ولا تهمنا الخصوبة الداخلية والمتعة الروحية أثناء قراءة الأعمال الأدبية؟ إن المكتبات الإماراتية غنية بالأعمال التي تحاول أن ترقى إلى مستويات النضج، غير أن الأمر منوط بفرص الضوء والانتشار.
ولا شك أن الرواية بشكلها المتعارف عليه عالمياً ليس لها مخزون تاريخي واضح ومدوّن في مجتمع الإمارات، وهذا الأمر لا يختلف عن المسار الروائي في الدول العربية، كانت الحكاية تروى ويتم تناقلها شفوياً بين القبائل إذ كان المجتمع تقليدياً وبسيطاً يعتمد على الشعر والدين وحفظ المرويات القصيرة والمتقطعة، والرواية امتداد كبير لا يمكن حفظها وتداولها شفوياً، ثم بعد حدوث التحوّل الكبير وتحضر المجتمع وانفتاحه صارت الرواية حاضناً مثالياً للتنوع الثقافي والمتناقضات.
ومن وجهة نظري ليس بالضرورة أن يكون فن الرواية الإماراتية أو العربية متطابقاً مع التعريف العالمي، فلكل مجتمع شكل وأسلوب وخصوصية تعبيرية، تتشكّل هذه الخصوصية وفق المعطيات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وحاجة المجتمع تحدّد الرؤى الفنية ونوعية، وشكل المنتج الأدبي.
-ما رأيك فيما يردّده البعض من أننا نعيش زمن الرواية بينما تراجعت القصة القصيرة؟
إنه زمن الكاتب، زمن الفكرة فحسب، لم يتراجع فن على حساب فن آخر، نحن نكتب ونتعدّد حسب إلحاح الفكرة وقابليتها للتمدّد أو الانكماش في سرد قصصي.
الكاتب من يختار زمن فكرته، أجدُني أحياناً في الزمن نفسه أتعدّد في الفنون، فأثناء انكبابي على كتابة روايتي تلوح فجأة فكرة لكتابة قصة، أترك الأحداث وأنتبه لإشارة القصة وأحاول بلورتها في قالب قصصي يرضيني، وبعد أن أتشبع منها، أفتح الباب مرة أخرى على الرواية وأستأنف السير في دربها.
- كيف تُقيِّمين المشهد الأدبي الإماراتي وعلاقته بالنقد؟
المشهد الأدبي والثقافي في الإمارات مزدهر جداً وديناميكي ومُتجدِّد بتجدّد الأصوات الأدبية، وهناك مساحة حرّة متاحة للكاتب حتى يبدع ويتميّز في أي فكرة، والأجواء العامة محمسة للكتابة والإنتاج، وهناك اهتمام كبير بتشجيع النشر المحلي وتحفيز الكتاب الإماراتي وتسليط الضوء عليه إعلامياً.
أما عن النقد فأرى أن وجود الناقد الإماراتي المُتخصّص في حقل النقد منعدم، ما يسهم في تسطح النقد وتسارع تسجيل الأحكام الانطباعية الضيّقة، وفق أهواء شخصية لا علاقة لها بمناخات السرد الإماراتي وخصوصيته، وهذا ما يفسر العجز الكبير عن مواكبة المنتج الثقافي المحلي الذي لا يزال في اطّراد مستمر.
ولعل اللافت في الآونة الأخيرة تخرُّج عدد لا بأس به من الإناث من تخصّصات النقد الأكاديمي وفي كليات معترف بها أكاديمياً، لكنّ السؤال يبقى دائراً حول الدور المُلقَى على خريجي النقد، ومدى الغياب الملحوظ في إبراز أنفسهم بوعي وشجاعة على الساحة الثقافية، عبر تناول النصوص من زوايا تحليلية عميقة تكشف خباياه وما ينطوي عليه من أسرار جمالية، وتنمّ بالدرجة الأولى عن وعي الناقد وموضوعيته وتكوينه الفكريّ العميق.
نحن بأمس الحاجة إلى ناقد تخرّج من حقول الوعي والحفر والتنبؤ والاستنطاق، لا مجرد ألقاب أكاديمية لا تمارس دورها الفاعل في استبطان المحتوى الأدبي، ولا تحترف ابتكاره وإعادة إنتاجه من زاوية قرائية جديدة.
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMjI5IA== جزيرة ام اند امز