جدل الحريات بالعراق.. "مسودة 2010" تفجر أزمة جديدة
عاد الجدل حول الحريات العامة والتعبير في العراق، بعد عرض مسودة قانون مثيرة للجدل للقراءة الأولى في مجلس النواب العراقي، السبت الماضي.
ومنذ سنوات، تبدي منظمات المجتمع المدني والجهات المختصة بحقوق الإنسان والحريات، اعتراضات تؤشر مواضع الخلل في تراجع هذه الحريات وتعارض ذلك مع العنوان الديمقراطي للتجربة العراقية ما بعد 2003.
وتصاعدت حدة الأصوات المنددة بتكميم الأفواه والتضييق على الحريات عقب الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في خريف 2019، بعد شيوع السلاح المنفلت وسطوة المليشيات التي تسببت بمقتل المئات من الناشطين والمتظاهرين جراء المطالبة بحرية التغيير وتوصيف الحقوق وتثبيتها.
وبحسب الدستور العراقي الصادر في عام 2005، تنص المادة الـ38 على أن تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل .
وثانياً، وضمن المادة ذاتها، تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي.
ويأتي قانون حرية الرأي والتعبير والاجتماع السلمي الذي يثير الجدل، ضمن حزمة قوانين دأبت السلطات التشريعية والتنفيذية منذ سنوات على تمريرها ولكن دائماً ما كانت تلاقي اعتراضاً من قبل الأوساط العامة والمختصة بالنظم الديمقراطية.
وسبق أن دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية الحقوقية، السلطات العراقية المختصة في جملة من التوصيات بشأن الحريات المتاحة في البلاد، بعد إقرار جملة من القوانين أو الإعداد لتمريرها.
وفي هذا الإطار، دعت المنظمة في يونيو/حزيران 2021، إلى إلغاء لائحة قواعد البث الإعلامي الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات والامتناع عن تأييد أي قرارات تتخذها الهيئة.
وفي التوصية الثانية، طالبت المنظمة بإزالة جرائم التشهير أو الإهانة من قانون العقوبات، وتصنيفها على أنها جرائم مدنية، وتحديد السلوك المحظور بوضوح في القانون.
كما دعت إلى تعديل مواد قانون العقوبات بشأن التحريض، لكي يتم تحديد الجرائم بدقة كافية بحيث يَعرف الأشخاص مقدما السلوك المحظور والخاضع للعقاب، وكذلك تعديل مشروع قانون جرائم المعلوماتية لتحديد السلوك المحظور بشكل واضح.
والشهر الماضي، لاقى مشروع قانون "جرائم المعلوماتية"، اتهامات متعلقة بالتضييق على المدونين والصحفيين والناشطين على حد سواء.
كما سجلت العديد من الأوساط النيابية والعامة اعتراضات في الفترة الماضية، على العديد من بنود مشروع قانون "حرية الرأي والتعبير"، منذ بدايات ظهور أولى مسوداته في عام 2010.
وعرضت المسودة الأولى لذلك القانون الذي حمل عنوان "حرية الرأي والتجمع والاحتجاج السلمي"، على البرلمان للقراءة الأولى عام 2016، وسط اعتراضات وتوصيات من منظمات دولية ومحلية لإجراء التعديلات على العديد من بنوده المثيرة للجدل التي تتعلق بتنظيم التظاهرات والوصول إلى المعلومة.
ودفعت تلك الاعتراضات إلى إرجاع مسودة القانون إلى أدراج الرفوف النيابية ولكنه عاد مجدداً في عام 2019 للظهور مجدداً قبل أن تعترضه اعتراضات حقوقية.
وبعد 3 سنوات، تعود مسودة القانون إلى الظهور في قراءة أولى مجدداً بعد أن عرضها البرلمان السبت الماضي، ما أثارت حفيظة المهتمين والمعنيين بالحريات والحقوق العامة.
وفور تداولها، أبدت قِوَى مدنية وبرلمانية اعتراضاً كبيرا إزاء ذلك القانون بجمع تواقيع لـ36 نائباً بغية منع إقرار القانون بصيغته الحالية ومحاولة فرض تعديلات على بعض البنود التي تتعامل مع تنظيم الاحتجاجات والتجمعات السلمية.
النائبة سرى عبد الواحد، قالت في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الحريات في العراق قد كفلها الدستور العراقي ضمن المادة الـ38 وجرى تحديدها وتنظيمها في ثلاثة أبواب، لذلك من المستغرب أن يأتي ذلك القانون لتأطير تلك الممارسات".
وتضيف عبد الواحد رئيس كتلة "الجيل الجديد"، أن "مسودة القانون تتضمن لوائح وفقرات تعقد من ممارسات التظاهر والاحتجاج بما يكمم الحريات ويعيد الديكتاتورية"، داعية في الوقت نفسه "جميع الصحفيين والمعنيين إلى اعتراض تلك المسودة بغية إجراء التعديلات المطلوبة".
وفي محاولة لطمأنة تلك المخاوف، أكدت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، عدم تمرير "قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي" قبل إدخال التعديلات والآراء والمقترحات من ًشرائح الشعب، في محاولة لطمأنة المعترضين عليه من النشطاء والقوى المدنية.
ولفتت اللجنة، في بيان، إلى أن "حق المواطن في التظاهر والتعبير عن رأيه هو حق مكفول دستوري ولا بد أن يكون بنظام مع الحفاظ على حياة المواطن وحياة القوات الأمنية".