مخيم الشجيرة.. حرائق متكررة تعمق معاناة نازحي الحديدة اليمنية
تشكل الحرائق واحدة من بين أسوأ الحوادث التي تتعرض لها مخيمات النزوح بالمناطق المحررة جنوب الحديدة اليمنية والتي تضم أكثر من مليون نازح.
تصاعد حوادث الحرائق في تلك المخيمات المبنية من جذوع الأشجار وسعف النخيل أضاف أعباء معاناة جديدة إلى معاناة النازحين الفارين من جور مليشيا الحوثي.
مخيم الشجيرة بالدريهمي
في يوليو/تموز الماضي، اندلع حريق مدمر في مخيم الشجيرة للنازحين بمديرية الدريهمي، ما أسفر عن تدمير مسكن في حادثة تعيد للأذهان العديد من الحرائق التي وقعت في هذا المخيم الذي يؤوي نحو 1500 أسرة نازحة.
كان الحريق الذي وقع مع غروب الشمس مدمرا بشكل لا يمكن وصفه، إذ ارتفعت ألسنة اللهب والدخان الأسود في الهواء لأمتار عدة، وأضاءت النيران المشتعلة مساحات واسعة تحيط بالمخيم فيما تسبب حلول الظلام في إبطاء جهود إخماد الحريق بصهاريج مياه متنقلة دفعت بها القوات المشتركة.
يقول مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في الدريهمي خالد بجلي لـ"العين الإخبارية" إن الحريق كان سبب اندلاعه موقد يعمل بالحطب، قضى على ممتلكات 36 أسرة نازحة ودفع بها إلى العراء بعدما خسرت كل ما تملك.
يؤكد بجلي وقوع أكثر من 5 حرائق منذ العام الماضي حتى منتصف أغسطس/ آب في مخيم الشجيرة، وأغلبها كانت بسبب المواقد العاملة بالحطب، فيما أسهمت الرياح القوية في انتشار النيران في المنازل المبنية من أعواد الأشجار وسيقان الأغصان.
ضحايا النزوح والحرائق
يقول وليد عبدالله زبيري لـ"العين الإخبارية": "بالكاد تمكنا من إخراج الأطفال من تلك العشش.. كان الجو مليئا بالدخان فيما كانت ألسنة اللهب تضيف مزيدا من الخوف".
ويضيف: "خسرت أسرتي كل ما تملك، بما في ذلك سلة غذائية حصلت عليها للتو، لم يكن الوضع صعبا فقط إنما مدمر لكل شيء من حولنا، أن تجرد من الأشياء البسيطة التي تمتلكها ولا يمكن لك تعويضها مرة أخرى، هو أمر يثير الحزن في نفوس الأسر المحتاجة".
محمد باشة نازح آخر في المخيم وواحد من المتضررين من الحريق يقول: "كنت في طريق العودة إلى مخيم الشجيرة في شهر يوليو الماضي، تلقيت اتصالا غير سار يفيد باحتراق منزلي المبني من جذوع الأشجار وسعف النخيل".
يضيف محمد لـ"العين الإخبارية": "ظننت في بادئ الأمر أن الاتصال مجرد مزحة، لكن عند وصولي إلى مسافة قريبة من مخيم الشجيرة الذي يأوي نحو 1500 أسرة نازحة كانت مشاهد النيران المشتعلة صادمة".
يقول محمد مستذكرا الحادثة المميتة: "احترق منزلي بكل ما يحتويه من مواد غذائية وإيوائية، لم يتبق منه شيء سوى الملابس التي كنا نرتديها فيما كانت أصوات النساء المرتفعة بالبكاء وطلبا للمساعدة في إنقاذ منازلهن المتواضعة تثير الصدمة".
ويتابع: "كان الوضع مأساويا فبعد أن خسرت كل شيء أثناء فراري وأسرتي من بطش مليشيا الحوثي، من داخل مدينة الدريهمي التي لا تزال تحت قبضة المليشيات التابعة لإيران، ها أنا أخسر مرة أخرى الأشياء القليلة التي نملكها من مؤن، لكأن الحرائق لا تريد أن تتركنا في حالنا".
حوادث متكررة
خلال العام الماضي وحتى منتصف العام الحالي، سجل مخيم الشجيرة وقوع نحو 5 حرائق أغلبها وقعت ظهرا أثناء إعداد وجبة الغداء، فنظرا لعدم امتلاك النازحين للأفران والمواقد العاملة بالغاز، يضطرون لاستخدام الحطب في إعداد وجباتهم الغذائية.
يقول مدير الوحدة التنفيذية إن 45 أسرة في مخيمات النزوح بالمديرية تعرضت منازلهم وخيمهم للاحتراق، فيما تقدر الخسائر المالية بعشرات الملايين دون أن يحصلوا على تعويضات مباشرة لما خسروه إذ إن المنظمات الإنسانية بطيئة الاستجابة في التعامل مع المتأثرين من تلك الحوادث.
يؤكد بجلي أن الهلال الأحمر الإماراتي كان الجهة الوحيدة التي تستجيب لنداء الاستغاثة وكان أول المنظمات التي تنجد من يتعرضون للكوارث، لكن مغادرة الهلال للساحل مثلت خساره كبيرة للنازحين.
يشير بجلي إلى أن "الهلال الأحمر الإماراتي واكب التحرير، وكان له الدور الأبرز وأعتقد الوحيد في الأشهر الأولى لتحرير الساحل الغربي، قدم المساعدات بسخاء في كل المجالات".
ويتابع:" الهلال الأحمر الإماراتي بنى وأنشأ وأعاد تأهيل المدارس والمراكز الصحية وكان يمول العيادات المتنقلة وقدم المساعدات الغذائية والإيوائية وقدم المأوى وله الدور الأبرز في مساعدة الأسر المنكوبة سواء بالحرائق أو السيول والأمطار".
وتضم مخيمات الدريهمي نحو 5 آلاف أسرة نازحة من عدة مديريات بمحافظة الحديدة، الحوك، الحالي وبيت الفقيه، لكن غالبية الأسر تعود إلى مركز مديرية الدريهمي.
ونظرا لعدم قدرة السلطة المحلية بالمديرية على تموين سكان المخيم باحتياجاتهم المعيشية بسبب ضعف الإيرادات المالية، فإن احتياجات المخيمات البالغ عددها نحو 6 مخيمات وتجمعات سكانية للنازحين تترك ضمن مهام المنظمات الإنسانية.
غير أن تلك المنظمات عادة ما تتهم بأنها بطيئة في الاستجابة للحوادث الطارئة خصوصا ضحايا حوادث الحرائق والسيول.