الأفكار لا تموت، بل تنتعش في ظل مجتمعات تعاني من فساد نظام التعليم، وضعف الثقافة الدينية، واختراق المتطرّفين للمؤسسات الدينية.
هل انتهى تنظيم داعش كما يقول الرئيس ترامب، أم بدأ «التنظيم» فصلاً جديداً من نشاطه على مساحة جغرافية جديدة؟
ضرب مراكز الإدارة والسيطرة في العراق وسوريا، لا يعنى نهاية «التنظيم» ونشاطاته، لكن يعني تحقيق ضربة مجهضة كاسحة أفقدته السيطرة العسكرية على الأرض والسكان، لكن لا يعني نهايته إلى الأبد.
«التنظيم» هو فكرة نشأت عام 2014 لتطبيق الشريعة وتحقيق الخلافة، وانتشر في العراق وسوريا وليبيا وباكستان والصومال وجنوب اليمن وشمال شرق نيجيريا، أسسه أبوبكر البغدادي في العراق.
هذا المنطق ينطلق من فكرة خاطئة تماماً، تبدو للوهلة الأولى «طوباوية ونبيلة»، لكنها تتغذى على عقل مريض وشرير وتنظيم شيطاني يسعى إلى ضرب مشروع الدولة الوطنية ويعمل بكل قوة على تفتيت وتقسيم وشرذمة الدول المستقرة.
الأفكار لا تموت، بل تنتعش في ظل مجتمعات تعاني من فساد نظام التعليم، وضعف الثقافة الدينية، واختراق المتطرّفين للمؤسسات الدينية وقيام الدولة الوطنية على أعمدة ضعيفة وهشّة يمكن من خلالها -بسهولة شديدة- تسويق فكرة «الخلافة الإسلامية».
فكرة الخلافة تبدو للوهلة الأولى فكرة نبيلة وبراقة تدغدغ مشاعر شباب يعاني من فشل مشروعات الدولة الوطنية والشعور بالإحباط الاقتصادي، والاكتئاب الوطني، نتيجة الشعور بالهزائم والإخفاقات.
هذه الفكرة جاذبة لقطاع من الشباب يعاني من مشروع «الحياة الصعبة المستحيلة» التي تكاد تلامس حد الموت.
هؤلاء يقولون لأنفسهم إذا كنا أحياء، ونحن في حقيقة الأمر موتى، فلماذا لا نموت كشهداء من أجل هدف عظيم، بدلاً من أن نموت يومياً موتاً مجانياً؟
هذا المنطق ينطلق من فكرة خاطئة تماماً، تبدو للوهلة الأولى «طوباوية ونبيلة»، لكنها تتغذى على عقل مريض وشرير وتنظيم شيطاني يسعى إلى ضرب مشروع الدولة الوطنية، ويعمل بكل قوة على تفتيت وتقسيم وشرذمة الدول المستقرة.
لذلك حظي هذا «التنظيم» بعداء أنظمة كل من السعودية، تونس، باكستان، الولايات المتحدة، لبنان، الجزائر، الأردن، اليابان، العراق، سوريا، روسيا، ومصر.
ويقع العقل السياسي غير الناضج للرئيس الأمريكي في شرك مخيف، وهو الاعتقاد بأن ضرب مراكز القيادة والسيطرة للعمليات العسكرية جواً، وهزيمة قوات داعش براً، وحصار «التنظيم» مالياً، وتجفيف المنابع من ناحية التمويل، يعني موت الفكرة ونهاية «التنظيم» وتوقف النشاط وانعدام الأنصار.
سوف يبقى «داعش» كتنظيم سلفي جهادي يرث تنظيم القاعدة، ويتبنى أساسيات وجوهر فكرة جماعة الإخوان حتى تأتي موجة ثالثة إما أكثر اعتدالاً وإما في الغالب أكثر توحشاً ترثه مثلما ورث «داعش» تنظيم القاعدة.
وما نشهده هذه الأيام من عمليات «الذئاب المنفردة» في أماكن عديدة في العالم من أوروبا إلى اليمن وسوريا والعراق وسيناء حتى الدرب الأحمر ما هو إلا محاولات يائسة من «الفروع»، كي تثبت أن رأس «التنظيم» ما زال حياً وباقياً.
إنها عمليات فردية تهدف لإعطاء أثر نفسي دعائي بأننا هنا باقون ومستمرون.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة