2024 في الغابون.. «محطة فارقة» بين الانقلاب والحوار والانتخاب
محطة فارقة تمضي نحو الغابون في 2024، ضمن مسار انتقالي دقيق يعبر من انقلاب في العام السابق وحوار وطني مرتقب وانتخابات بالعام التالي.
انقلاب وحوار وانتخابات، ثلاثية تشكل العناوين الكبرى للبلد الأفريقي وترسم سيناريوهات مفتوحة لعام يتأهب للدخول محملا بالكثير من المخاوف، ولكن أيضا بآمال باستكمال فترة انتقالية دون اضطرابات.
سيناريوهات يطرحها السياسي الغابوني والمرشح الرئاسي السابق أندريه بواسا، بعين خبير مطلع على خفايا السياسة الغابونية وتقاطعاتها الكبرى في توقيت بالغ الأهمية -والتعقيد أحيانا- في بلاده.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن النظام العسكري الحاكم أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجري في أغسطس/آب 2025، وفق جدول زمني يتعين المصادقة عليه عبر مؤتمر وطني يُعقد في أبريل/نيسان 2024.
وقاد الجنرال بريس أوليغي نغيما انقلاباً عسكرياً في أغسطس/آب الماضي، ضد الرئيس علي بونغو أونديمبا بعيد إعلان إعادة انتخابه.
ونُصّب أوليغي نغيما بعد يومين رئيسا انتقاليا، بعدما حكمت عائلة بونغو البلاد التي تعاني من الفساد، لمدة 55 عاما.
ووعد العسكريون الانقلابيون "بإعادة السلطة إلى المدنيين" من خلال "انتخابات حرة" بعد فترة انتقالية لم يحدّدوا مدتها، مؤكدين أنها ستُحدد خلال حوار وطني كبير بين "جميع القوى الحية للأمة".
براهين
في مقابلة مع "العين الإخبارية"، اعتبر بواسا أن 2024 "سيكون العام الذي سيكون فيه للشعب الدليل على قدرة الرئيس على الحكم أو عدم قدرته على إدارة البلاد".
وأعرب بواسا، مرشح رئاسي سابق، عن اعتقاده بأن الرئيس الانتقالي "سيضطر إلى إجراء تعديل وزاري بعد الحوار الوطني".
وأضاف أن "الرئيس سيعمل على طمأنة نفسه برفع معظم العقوبات، وإلا فإنه لن يتمكن خلال عام واحد من إقناع الرأي العام الدولي بمزايا الانقلاب الذي قام به".
وبحسب بواسا، فإنه "يتعين على الرئيس وحكومته أن يثبتوا للغابونيين ما إذا كان وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي يلبي الاحتياجات الحالية للمواطنين".
ولفت إلى أن الغابون "ترغب "في رؤية مركز مكافحة الإرهاب يمارس العدالة للجميع، سواء بالنسبة للأشخاص الذين ألحقوا الأذى بالغابون وأيضًا تجاه قادة اليوم".
كما سيتمكن الغابونيون في 2024، وفق بواسا، "من معرفة ما إذا سيكون الرئيس المؤقت مرشحا بعد الفترة الانتقالية أم لا".
خطوط النار
يقول بواسا إن التقويم السياسي لعام 2024 في الغابون سيرتكز على النقاط التالية: أولا "تنظيم حوار وطني شامل في أبريل (نيسان المقبل)".
وأشار إلى أن خطوة مماثلة لا تعتبر مستجدة على الغابونيين، فلقد سبق أن شهدوا المؤتمر الوطني السيادي لعام 1990، واتفاقيات باريس عام 1994، واتفاقات أرامبو عام 2006، وحوار أغوندجي عام 2017.
ولفت إلى أنه عبر الحوار المرتقب "سيتعين على مركز مكافحة الإرهاب بقيادة الجنرال بريس أوليغي نغيما، رئيس الفترة الانتقالية، أن يثبت للغابونيين والمجتمع الدولي أن الانقلاب كان مفيدا، وأن مستقبل الغابون يكمن في هذا الانقلاب والإصلاحات الناجمة عن المرحلة الانتقالية".
وبالنسبة له، فإنه "إذا كان الحوار الوطني الشامل يرنو لتحقيق نتائج أفضل من سابقاته، فيتعين على الرئيس الانتقالي أن يقرر أن تصبح ثروات البلاد ملكا خالصا للدولة الغابونية مرة أخرى، وأن تقع هذه السلطة أيضا على عاتق الشعب الذي يجب أن يختار رئيسه بحرية".
ويرى بواسا أن الحوار الشامل ينبغي أن يعمل على إصلاح النظام السياسي الغابوني، حيث يعتبر رئيس الجمهورية اليوم "حجر الزاوية في المؤسسات"، أي بمعنى آخر هو الرئيس الحقيقي الوحيد للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومن المنطقي أن يوقع الحوار الوطني الشامل على شهادة وفاة النظام الرئاسي ليولد النظام شبه الرئاسي.
هدف
وبالمقابلة نفسها، شدد بواسا على أن "الهدف من التقويم السياسي الغابوني لعام 2024 هو إنشاء هيئة تأسيسية مسؤولة عن صياغة الدستور الجديد".
وتابع موضحا "نحن نعلم بالفعل أن مؤسسات الفترة الانتقالية تستمد الكثير من الإلهام من دستور 1991، ولذلك فمن الممكن أن تكون اللجنة التأسيسية مكونة بشكل أساسي من شخصيات شاركت في الحوارات السياسية المتعددة بالفترة من 1990 إلى 2017".
واعتبر أنه "على هذه اللجنة أن تمنح كل غابوني الحق في عرض قضيته أمام نظام قضائي مستقل تماما"، مشيرا إلى أنه "بهذه الطريقة، سيتم الحكم على الجرائم وإساءة استخدام السلطة في الماضي بنزاهة".
كما أكد "ضرورة أن ينظم الدستور الغابوني الجديد الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، من منظور توازن هذه السلطات المختلفة".
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuNDcg جزيرة ام اند امز