بالصور.. فريق كرة قدم لمبتوري الأطراف في غزة
التدريبات بدأت منذ 6 أشهر وفق معايير خاصة لأن تدريب مبتوري الأطراف يختلف كلياً عن تدريب الأصحاء، نظراً لخصوصية وضعه، وضعف عضلات جسمه
بعكازتين يلاحق ناجي الكرة مع أبطال فريقه من مكان إلى مكان، وسط متابعة شغوفة من مرتادي نادي بلدية دير البلح وسط قطاع غزة.
- مسجد الشيخ زايد في غزة.. أذان يصدح رغم قصف الاحتلال
- الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية وشيكة بغزة وتناشد بعدم التصعيد
المشهد الذي لم يبد مألوفاً لدى الجمهور الذي يرتاد النادي، لاقى قبولاً وتشجيعاً غير متوقع، لأول مرة يشاهدون شبابا مبتوري الأطراف يمارسون لعب كرة القدم باستخدام العكاكيز.
ناجي ناجي٬ 26 عاماً٬ الذي يواصل تدريباته ضمن فريق الأبطال لكرة القدم لمبتوري الأطراف، متحدياً الإعاقة، فقد إحدى قدميه في انفجار عبوة ناسفة عام 2007.
يقول ناجي لـ"العين الإخبارية"٬ وهو من أول الأبطال الذين شكلوا الفريق: "لم يكن الموضوع سهلاً على الإطلاق في ظل الظروف التي نواجهها في قطاع غزة، وقلة الإمكانات، بل انعدامها في بعض الأوقات".
يستدرك ناجي: "رغم كل هذه المخاوف وافقت على الفور على تشكيل الفريق، وبدأنا البحث عن أعضاء من مبتوري الأطراف ولهم اهتمامات رياضية".
ناجي لم يتوقف منذ إصابته عن ممارسة الرياضة، ولا يتخيل حياته بدونها، ويقول: "لم يفقدني بتر ساقي اليسرى رغبتي في الحياة، أكملت تعليمي وأمارس هواياتي، واليوم أنا أحد أعضاء الفريق الأول لكرة القدم من مبتوري الأطراف، وأتمنى ألا يقف الحصار حاجزاً أمام طموحاتنا وأحلامنا بأن نمثل فلسطين في المحافل الرياضية الدولية".
ويعتقد ناجي أن فريقه ربما هو الأول عربياً كما أنه الأول فلسطينياً.
قبول وتحدٍّ
يقول فؤاد أبو غليون٬ 61 عاماً٬ مؤسس الفريق: "الفكرة لمعت في رأسي عندما كنت أشاهد مباراة كرة قدم لمبتوري الأطراف في أوروبا، لم أفكر وقتاً طويلاً، انطلقت إلى أصدقاء من مبتوري الأطراف لهم اهتمامات رياضية وطرحت الفكرة عليهم".
يواصل أبو غليون: "الفكرة لاقت قبولاً مباشراً، وبالفعل انطلقنا في البداية بـ3 أعضاء ومدرب، وبدأنا عملية البحث عن داعمين، فاستطعنا تأمين ملعب بلدية دير البلح لنجري فيه تدريباتنا، فيما تكفلت جمعية دير البلح لتأهيل المعوقين بتأمين الزي الرياضي والعكازات وغيرها من اللوجستيات اللازمة للتدريب".
6 أشهر من العمل المتواصل كانت كافية لتكوين حالة جديدة في قطاع غزة، أبطالها من مبتوري الأطراف، والذين ازداد عددهم بشكل ملحوظ بعد انطلاق مسيرات العودة في مارس الماضي.
ويلفت أبو غليون أن انطلاق فريقه تزامن مع انطلاق مسيرات العودة، مؤكدا أن الإصابات في الأطراف منتشرة في قطاع غزة بسبب الحروب وحوادث مختلفة.
يسعى أبو غليون وفريقه لنشر الفكرة في محافظات قطاع غزة لتشكيل فريق في كل محافظة، تمكنهم من خلق أجواء تنافسية داخلية تؤهلهم لتكوين منتخب فلسطيني لكرة القدم من مبتوري الأطراف٬ وصولاً للحصول على عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم من مبتوري الأطراف والمشاركة في مباريات خارجية وتمثيل فلسطين فيها.
لا يدخر أبو غليون جهداً من أجل تمكين الفريق من جميع مستلزماته٬ حيث أسس جمعية فلسطين لكرة القدم البتر لتكون القاعدة التي ينطلق منها الفريق وغيره من الفرق المنويّ تشكيلها لتحقيق طموحات الشباب من مبتوري الأطراف.
ورغم سعادته بالصدى الإيجابي الذي لاقاه الفريق وأعضاؤه٬ فإن أبو غليون يدعو الجهات المختصة لتبني الفريق ودعمه؛ ليتمكن هؤلاء الشباب من الاستمرار في التحليق نحو حلمهم، وصولاً إلى المشاركة في المباريات الدولية.
ورغم تباين الأعمار بين أعضاء الفريق٬ لكن الظروف الجسدية المتشابهة تزيل أي هوة وتوحد أعضاء الفريق نحو تحقيق هدفه، فالفتى إبراهيم خطاب 13 عاماً، والذي فقد قدمه جراء إصابته بشظايا صاروخ إسرائيلي في عدوان 2014 يقول لـ"العين الإخبارية": "حينما أصبت كنت ألعب كرة القدم أمام منزلي مع أقراني الأطفال، وبعد بتر قدمي أصبحت منعزلاً وغير متقبل لواقعي الجديد، ولكن اليوم أمارس الرياضة التي أحبها بكل تحد".
ويتمنى خطاب أن يستمر الفريق، وألا تقف المعوقات المادية أمام تحقيق طموح أعضائه، وأكثر ما يريده أن يتمكن بعد 3 سنوات من الآن من اللعب أمام منتخبات دولية للمبتورين.
تدريبات خاصة
بفخر يتحدث محمد أبوالشريف٬ 48 عاماً٬ مدرب سابق في نادي دير البلح٬ والذي يشرف مع مدرب آخر على تدريبات الفريق لـ"العين الاخبارية": "بدأنا التدريبات منذ 6 أشهر وفق معايير خاصة، بتدريب مبتوري الأطراف الذي يختلف كلياً عن تدريب الأصحاء، نظراً لخصوصية وضعه، وضعف عضلات جسمه نتيجة الإصابة، وتدريجياً استطعنا تقوية العضلة، بدون أن نجهدها".
يلفت أبو شريف إلى أن أداء الفريق اليوم يختلف كلياً، إذ أصبح أعضاء الفريق أكثر قدرة على اللعب بمرونة بمساعدة العكازات، حيث يمنع اللعب بالمفاصل الصناعية.
أكثر ما يقلق أبو شريف هو أن العكازات التي يستخدمها الفريق ثقيلة كونها مصنوعة من الحديد، ويمكن أن تؤذي اللاعب أثناء اللعب أو التمرين، متمنياً أن يتمكن الفريق، من خلال الجمعية التي تم تأسيسها، توفير عكازات خفيفة مصنوعة من الألمنيوم والجلد، تسهل اللعب بالنسبة للفريق، لافتاً أن العكازات هي المحرك الرئيسي للعب؛ لأنها تقوم مقام طرف اللاعب المبتور، ويقول: "نحرص على سلامة اللاعب لأنها الأهم بالنسبة لنا، هدفنا النهوض بهذه الشريحة التي بدأت تزداد في المجتمع الغزي، لا أن نزيد من معاناتهم".
ويصف المدرب حال الفريق بالمختلف من النقيض للنقيض، فبعض الأعضاء كانوا يرفضون فكرة الخروج من المنزل أو الاختلاط بالمجتمع بعد إصابتهم وبتر أطرافهم، واليوم يطالبون بزيادة التدريبات وتنظيم مباريات في المحافظات؛ للتعريف عن أنفسهم وبث روح التحدي لديهم ولدى جميع مبتوري الأطراف: "ألاحظ على وجوههم النشاط والسعادة أثناء اللعب والتدريب، فهم يمتلكون إرادة قوية ورغبة بالاستمرار، ولديهم طموح لا تقتله الإعاقة، ولكن يمكن أن تقتله قلة الإمكانات"، راجياً الالتفات لهذه الشريحة التي تحاول أن تنهض من سباتها لتحقق شيء، وتواجه واقعاً مأزوماً بعكازين وحذاء رياضي!