مولدات الكهرباء بغزة.. أزمة صنعتها حماس وهذه أسبابها
تحولت مولدات الكهرباء الخاصة إلى مشاريع صغيرة منذ سنوات مع فشل سلطات حماس في تأمين احتياجات القطاع
باتت مئات المنشآت الطبية والتجارية وآلاف المنازل مهددة بانقطاع الكهرباء، بعد إجراءات جديدة فرضتها سلطة الطاقة التي تديرها حماس ضد مالكي مولدات الكهرباء الخاصة في قطاع غزة.
وفجّر فرض سلطة الطاقة التي تديرها حماس في غزة، إجراءات جديدة لتنظيم عمل مولدات الكهرباء التجارية في غزة، وتحديد تسعيرة مخفضة للتيار الكهربائي الذي تزوده للمواطنين، أزمة كبيرة، دفعت الكثير من مالكي المولدات إلى تعطيل عملهم ليوم واحد وإحداث تغيير جذري على عمل تلك المولدات خلال انقطاع التيار من الشبكات الرسمية.
- انهيار سوق مولدات الكهرباء في غزة رغم الظلام.. حماس السبب
- كورونا في غزة.. اندثار كامل لبعض المهن وعداد البطالة لا يتوقف
الأزمة الجديدة تفجرت قبل أيام مع إعلان سلطة الطاقة في غزة (تديرها حماس) عن البدء في تطبيق نظام منح الترخيص لتوليد وتوزيع الطاقة الكهربائية لأغراض التجارة؛ وهو ما رأى فيها أصحاب المولدات بداية لفرض ضرائب باهظة عليهم.
وتضمن قرار سلطات حماس تطبيق تعرفة بيع الكيلو وات ساعة لكهرباء المولدات التجارية للمستهلكين بما لا يزيد عن 2.5 شيكل (اثنان شيكل وخمسون أغورة فقط لا غير) وذلك اعتباراً من 01/10/2020، وهو ما رأى فيه أصحاب المولدات بأنه خسارة كبيرة لهم، حيث كان يجري البيع بما يتراوح بين 3-4 شواكل (الدولار 3.42 شواكل).
وتحولت مولدات الكهرباء الخاصة إلى مشاريع استثمار صغيرة منذ سنوات مع فشل سلطات حماس في تأمين احتياجات القطاع من الكهرباء، حيث يصل عجز الطاقة في قطاع غزة، إلى أكثر من 50%؛ حيث يتم شراء 120 ميجا من إسرائيل، في حين تنتج محطة توليد الكهرباء ما بين 70- 80 ميجا.
خسائر مؤكدة
ومارست سلطات حماس خلال الأيام سياسة ترهيب شديدة ضد أصحاب المولدات وصلت إلى حد احتجاز بعضهم وإجبارهم على حل الرابطة التي تجمع بينهم.
حسام الموسة صاحب أحد مالكي مولدات الكهرباء بغزة، والناطق باسم رابطة أصحاب المولدات أكد لـ"العين الإخبارية" أن التسعيرة التي وضعتها سلطة الطاقة بغزة لكيلو الكهرباء وهي 2.5 شيكل أقل من تكلفة الإنتاج، وبالتالي تؤدي إلى خسارة أصحاب المولدات.
وقال: "من الصعب تشغيل مولدات الكهرباي للبيع بهذه التسعيرة"، مضيفا "نحن لسنا حكومة ولا مشروع خيري، نحن عندنا استثمار مكلف جدا لذلك لا نقبل التجني علينا بهذه التسعيرة".
وأوضح الموسة أنه أعد دراسة منطقية لتكلفة الكهرباء التي ينتجها المولد الكهربائي الخاص به ويصل كيلو الكهرباء فيها إلى 3 شيكل بهامش ربح زهيد جدا.
ووفق الموسة، هناك 200 مشروع توليد كهرباء بغزة تقدم خدماتها لحوالي 60 ألف مشترك خلال انقطاع التيار الكهربائي القادم من شركة توزيع الكهرباء.
ويعتمد أصحاب المحال والمنشأت التجارية والصناعية والعيادات إضافة للمنازل على كهرباء المولدات الخاصة خلال فترات انقطاع الكهرباء بغزة من الشبكات الرسمية (تعمل بواقع 8 ساعات قطع يليها 8 ساعات وصل في أحسن الأحوال، وفي الأزمات تصل ساعات القطع إلى 20 ساعة).
وقال الموسة: "نحن نحاسب المشتركين على الطاقة الفعلية التي تصل للمستهلك ولا نحاسب على المنتجة والتي يهدر منها نسبة تصل لـ25 %".
وأكد الموسة أن هناك 500 منشأة على الأقل تستفيد من هذه المولدات الخاصة لتلبية متطلبات عملها، وبالتالي هي مهددة بالتعطل حاليا.
وأشار إلى أن من أعد الدراسة التي اعتمدت عليها سلطة الطاقة في التخفيض "تعامل بمثالية مع الموضوع بعيدا عن الواقع"، معتبرا أن حسبة التخفيض لم تأخذ بالاعتبار التكلفة العالية للتشغيل والمخاطر وفاقد الكهرباء والأعطال وغيرها من أشكال التكلفة.
سر الإجراءات الجديدة!
أحد أصحاب المولدات فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العين الإخبارية": إن أصحاب هذه المولدات حلوا أزمة الكهرباء بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مع فشل سلطة الطاقة التي تديرها حماس في إيجاد حلول حقيقية.
واعتبر أن حماس صدرت موضوع خفض الأسعار، لدغدغة عواطف الجمهور، في المقابل تسعى لفرض إجراءات تنظيم وترخيص ستجبي من وراءها مبالغ طائلة وكل ذلك سيؤدي إلى توقف هذه المشاريع عن العمل.
وأشار إلى "وجود تخوفات بتوجهات لدى حماس إلى إلحاق خسائر بأصحاب المولدات الحاليين لصالح مستثمرين جدد منها أو وفق تبادل المصالح معها".
التوازن مطلوب
مشكلة الكهرباء في غزة هي الأشد والأقسى على المستهلكين منذ العام 2006، وفق مهندس الكهرباءـ جمال الدردساوي.
ويشير الدردساوي في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن الكهرباء التي توفرها المولدات الكهربائية التجارية تحل جزءا من المشكلة وهي تساهم إلى جانب المورد الرئيس للكهرباء القادم من شركة توزيع الكهرباء على إمداد القطاعات الاقتصادية المختلفة بالكهرباء الرخيصة قياسا بالبدائل الاخرى..
ورأى ضرورة أن يكون هناك تنظيم لهذه السلعة الاستراتيجية للناس واقتصادهم بما يتناسب مع مصالح جميع الأطراف بحيث لا يتضرر طرف على حساب آخر.
حل التفافي
الخبير الاقتصادي الدكتور عمر شعبان يذهب إلى أن الاعتماد على المولدات هو حل التفافي يتعاطى مع مظاهر الأزمة "اقتصاد الأزمات" و ليس مع جذورها.
ورأى أن اللجوء إلى المولدات الخاصة شتت الاهتمام عن البحث عن حلول استراتيجية مستدامة، منبها إلى أن المولدات تستغل وتستهلك بعض من مكونات البنية التحتية لقطاع الكهرباء ( أعمدة و شبكة و محولات وغيرها) مجانا وهي ملكية عامة لا يحق للقطاع الخاص استغلالها دون مقابل.
وقال: إن المقترحات الأخيرة بتخفيض سعر بيع الكيلو وات من كهرباء المولدات يضفي الشرعية على هذا النوع من الأعمال الذي أوجدته الأزمة، و بدلا من مواجهة الأزمة، تأتي هذه الحلول قصيرة المدى التي تستفيد من الأزمة و تبقيها دون حل جذري، في انتقاد لسلطات حماس بعدم إيجاد حلول جذرية للأزمة.
ويرى الخبراء أن أزمات الكهرباء كلها نتاج تراكم فشل من الجهات الحكومية في حماس في إدارة هذا الملف منذ سيطرتها على قطاع غزة عام 2006.