كورونا في غزة.. اندثار كامل لبعض المهن وعداد البطالة لا يتوقف
مع فرض حالة الطوارئ وتعطيل المدارس وغيرها من الإجراءات الاحترازية كإغلاق المقاهي والأسواق تأثر أصحاب المهن البسيطة بشكل فادح
بعد ساعات من الانتظار في موقف سيارات الأجرة، جنوب قطاع غزة، لم يجد السائق الفلسطيني محمد عبدالشكور خيارا سوى العودة لمنزله، لغياب الركاب، بسبب تراجع حركة المواطنين وتعطل غالبية المؤسسات ضمن الإجراءات الوقائية لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
وقال عبدالشكور (38 عاما) لـ"العين الإخبارية": "منذ تعطيل المدارس والتجمعات بداية مارس الجاري انتهينا، وانعدم الدخل، أنا لا أستطيع أن أوفر لقمة العيش لأسرتي المكونة من 5 أفراد، فضلا عن القسط الشهري الذي لا مجال إلا لتأخيره".
- من غزة إلى الأسواق العالمية.. كمامات وملابس طبية للوقاية من كورونا
- كورونا يعصف باقتصاد فلسطين على جبهتي غزة والضفة
وأعلنت السلطة الفلسطينية في 6 مارس الجاري فرض حالة الطوارئ وتعطيل المدارس والمؤسسات التعليمية، ضمن إجراءات احترازية، لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد.
وعقب ذلك توالت الإجراءات في الضفة وغزة، وصولا إلى إغلاق المقاهي والصالات والأسواق؛ ما أثر بشكل كبير على أصحاب المهن البسيطة والذين يعتمدون على الدخل اليومي في حياتهم.
40 ألفا ينضمون لجيش البطالة
وأشار سامي العمصي، رئيس اتحاد العمال بغزة، إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 14 عاما دفع البطالة بين العمال لأعلى نسبة في العالم تجاوزت 50%، وجاءت أزمة كورونا والإجراءات الاحترازية لترفع النسبة إلى 70%.
وتابع: "أعداد العاطلين زدات بنحو 40 ألفا، وكل يوم تضاف أعداد جديدة إلى 220 ألف عاطل عن العمل قبل كورونا".
وقال العمصي لـ"العين الإخبارية" :"معظم العاطلين من معلمي ومعلمات رياض الأطفال والسائقين وعمال المحلات والباعة المتجولين وتجار البسطات وغيرهم باتوا بلا عمل".
وأشار إلى أن هؤلاء العمال يعملون يوما بيوم ويحصلون قوتهم بعمل يومهم فقط، فإن فقدوا العمل فقدوا الغذاء والدواء.
وكشف أنهم يتحركون في عدة اتجاهات لإيجاد حلول سريعة لهذه الشريحة، أهمها إمكانية توفير تشغيل مؤقت لهم عبر وزارة العمل أو البلديات، إلى جانب مناقشة إعفاء السائقين والتجار من أي ضرائب لإعانتهم على تحدي الظرف القاهر.
وقال: "نعمل مع أرباب العمل خصوصا الشركات والمرافق التي تعمل أو المقتدرة على دفع 40% من رواتبهم.. مع أن وضع أرباب العمل صعب جدا".
تحذير من تدهور كارثي
وفي بيان له، حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الخميس، من تدهور كارثي للأوضاع المعيشية والحياتية لسكان غزة، في ظل حالة الطوارئ السارية بالقطاع للحد من انتشار فيروس كورونا.
وأكد البيان أن حالة الطوارئ السارية في القطاع منذ منتصف مارس الجاري فاقمت الأزمات الإنسانية والمعيشية للسكان.
وتابع "بات آلاف العمال الذين يكتسبون قوت يومهم من الأعمال اليومية دون مصدر دخل يؤمّن لهم الحدود الدنيا من احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم".
البطالة 70%
ووفق سمير دقران، الخبير الاقتصادي، فإن البطالة بغزة بعد أزمة كورونا ارتفعت حاليا إلى نحو 70%.
وتابع: "إذا استمر الأمر فإن غزة كلها ستتعطل".
وأشار دقران في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن معظم المحلات (باستثناء الخاصة بالمواد الغذائية والمنظفات)، مغلقة مما أدى إلى توقف مدخولات العمال.
وأكد أنه لا يوجد أي اهتمام من أي جهة حتى الآن بهذه الشريحة، وإذا فرض منع التجول كما هو متوقع فإن الأمور "ستسوء للغاية".
وتوفيت فلسطينية وأصيب 84 آخرون، منهم 9 من قطاع غزة والبقية من الضفة الغربية، بفيروس كورونا.
وقال دقران: "دعونا الحكومة لإيجاد بدائل لأنه لا يمكن ترك شريحة تحصل على قوتها يوميا بلا حلول.. لا بد من دراسات دقيقة وتجهيزات كبيرة للفترة القادمة التي ستكون حرجة جدا في ظل تفشي كورونا".
وأضاف "عندما نتحدث عن حجر صحي فإننا يجب أن نوفر لمئات آلاف العمال احتياجاتهم الغذائية اليوم لدعم صمودهم".
وأشار إلى أن نقابة المحامين وفرت لأعضائها في غزة (بسبب تعطل عمل المحاكم) قسائم غذائية والمطلوب شيء مماثل لمختلف الجهات.
مطلوب إعانات
ويؤكد الدكتور معين رجب الخبير الاقتصادي أن الشرائح التي تأثرت بحالة الالتزام المنزلي لاتقاء كورونا، عديدة وواسعة، وبالتالي فقدوا فرص عملهم وأغلبهم لم يعودوا قادرين على توفير الكسب اليومي الذي كانوا يوفرونه من أعمالهم البسيطة في الأيام العادية.
وقال رجب لـ"العين الإخبارية": "المشكلة أن هذه الشريحة غير مصنفة وأعمالهم يغلب عليها الفردية وعدم الثبات، ولا يوجد لهم نقابات أو اتحادات تمثلهم وتتكفل بالدفاع عن حقوقهم لأنهم غير مهنيين أو حرفيين".
وشدد على أن مسؤولية حماية هؤلاء تقع على الحكومة بالأساس والمجتمع عامة لإنقاذهم.
وأشار إلى أن الدول المقتدرة ضخت كميات كبيرة من الأموال في قنوات مختلفة، لكي تصل تلك الأموال لمن فقد عمله لتعينه على ظروف الحياة، وأكد أن المطلوب في غزة إعانات سريعة لهذه الفئات الهشة.