بالأرقام.. 5 تناقضات رئيسية في خطاب نتنياهو أمام الكونغرس
وسط فوضى لم تنحصر فقط على شوارع العاصمة الأمريكية، وفي خضم اضطرابات سياسية تشهدها الولايات المتحدة، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي كلمته أمام «الكونغرس»، التي لم تخل من 5 «تناقضات رئيسية».
وبحسب رصد "العين الإخبارية" فإن نتنياهو «ناقض» المعطيات المثبتة من نسب القتلى المدنيين في غزة مقارنة بمسلحي «حماس»، مروراً بكميات المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة، وعدد المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في رفح، إلى حديثه عن إنهاء «حماس» فيما هو يفاوضها، وزعمه أن المعارضين للحرب يؤيدون «حماس».
قتلى غزة
فنتنياهو قال في خطابه "الحرب في غزة لديها واحدة من أدنى نسب القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين في تاريخ حرب المدن»، لكن وزارة الصحة الفلسطينية تشير إلى أن نحو 40 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، قتلوا في الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبالمقابل تشير المعطيات الإسرائيلية إلى قتل نحو 9 آلاف من مسلحي أو نشطاء "حماس" منذ بداية الحرب، ما يعني أنه حال كانت أرقام الجيش الإسرائيلي دقيقة -على الرغم من أن محللين عسكريين إسرائيليين يعتبرونها مبالغة فيها- أن نسبة قتل المسلحين إلى غير المسلحين هو 1 إلى 3، ما يعد رقماً أكبر من الحرب العالمية الثانية، التي تشير معطياتها إلى أن النسب كانت مقتل مدنيين اثنين مقابل كل عسكري.
وفي حرب فيتنام كانت النسبة 1 إلى 1، في حين كانت في حرب لبنان التي شنتها إسرائيل -أيضا- 4 مدنيين مقابل مسلح واحد، وفي أفغانستان كانت النسبة 2.5 مدني مقابل كل مسلح، أما حرب العراق فكان مدنيان اثنان مقابل كل مسلح.
قتلى رفح
كما قال نتنياهو "تريد أن تعرف ما هو أدنى مستوى له في غزة؟ وهو الأدنى في رفح، هل تتذكرون ما قاله الكثير من الناس؟ إذا دخلت إسرائيل إلى رفح، فسوف يكون هناك آلاف، وربما حتى عشرات الآلاف من المدنيين الذين قتلوا".
وأضاف: "حسنا، ذهبت الأسبوع الماضي إلى رفح، لقد قمت بزيارة قواتنا عندما انتهت من قتال كتائب حماس المتبقية، سألت القائد هناك: كم عدد الإرهابيين الذين قمتم بقتلهم في رفح؟ أعطاني رقما محددا: 1203. فسألته: كم عدد المدنيين الذين قتلوا؟ قال: “رئيس الوزراء، لا يوجد عمليا، وباستثناء حادثة واحدة، حيث أصابت شظايا قنبلة مستودع أسلحة تابع لحماس وقتلت عن غير قصد عشرين شخصا، فإن الجواب عمليا هو لا شيء".
ولكن في عملية واحدة في رفح يوم 26 مايو/أيار 2024، قتل 45 فلسطينيا غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وتقول الأمم المتحدة إنه منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في رفح في 6 مايو/أيار الماضي وحتى نهاية الشهر قتل ما لا يقل عن 200 فلسطيني، في عدد لا يشمل قتلى شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين.
وتدحض هذه المعطيات الأرقام التي أوردها نتنياهو في خطابه.
دخول المساعدات
نفى نتنياهو أن تكون حكومته تجوع الفلسطينيين في غزة، قائلا "سمحت إسرائيل لأكثر من 40 ألف شاحنة مساعدات بالدخول إلى غزة، وهذا يعني نصف مليون طن من الغذاء، وأكثر من 3000 سعرة حرارية لكل رجل وامرأة وطفل في غزة، إذا كان هناك فلسطينيون في غزة لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء فهذا ليس لأن إسرائيل تمنعهم، بل لأن حماس تسرقه".
لكنّ مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال في اجتماع مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي يوم الثلاثاء: "انخفض عدد الشاحنات التي تعبر إلى غزة يوميا من 193 شاحنة في المتوسط في أبريل/نيسان إلى أقل من 76 شاحنة في يونيو/حزيران، أي أقل من النصف، و84 شاحنة خلال الأسبوعين الأولين من يوليو/تموز، ولا توجد طريقة لتقديم الدعم الذي يحتاجه البشر في غزة مع هذا الانخفاض في الدعم الإنساني".
وأضاف: "هذا لا يحدث بالصدفة، فالمساعدات المحدودة التي تصل إلى الشمال لا يمكنها أن تصل إلى الجنوب، معدل الشاحنات التي تدخل عبر معبر كرم أبوسالم هو 14 شاحنة يوميا، قبل الحرب كان هناك المئات من الشاحنات يوميا، الآن.. 14 فقط".
وتابع: "يعتمد الجميع تقريباً في غزة على المساعدات من أجل البقاء، ويعاني 96% من سكان غزة انعدام الأمن الغذائي الحاد".
وأردف بوريل "يمكنك أن تقول ما تريد، لكن هذا رعب لا يطاق، ويجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لوقفه، من أجل إنسانيتنا".
هزيمة حماس والتفاوض معها
تحدث نتنياهو في خطابه عن هزيمة "حماس" وفي الوقت ذاته فإنه يفاوضها ولو عبر وسطاء، قائلا "الحرب في غزة يمكن أن تنتهي غدا إذا استسلمت حماس ونزعت سلاحها وأعادت جميع الرهائن، لكن إذا لم يفعلوا ذلك فإن إسرائيل سوف تقاتل إلى أن ندمر قدرات حماس العسكرية وحكمها في غزة ونعيد كل الرهائن إلى وطنهم".
وأضاف: "وفي اليوم التالي لهزيمة حماس يمكن أن تظهر غزة جديدة، رؤيتي لذلك اليوم هي أن تكون غزة منزوعة السلاح والتطرف، إسرائيل لا تسعى إلى إعادة توطين غزة، لكن في المستقبل المنظور يتعين علينا أن نحتفظ بالسيطرة الأمنية المهيمنة هناك لمنع عودة الإرهاب، ولضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل مرة أخرى".
وتابع "ينبغي أن تكون هناك إدارة مدنية في غزة يديرها فلسطينيون لا يسعون إلى تدمير إسرائيل، هذا ليس كثيرا أن نسأل، إنه شيء أساسي ولنا الحق في المطالبة به والحصول عليه".
ولكن مع انتهاء الخطاب أعلن مكتبه أن الوفد الإسرائيلي سيغادر الأسبوع القادم من أجل التفاوض مع "حماس"، للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
الرافضون للحرب مؤيدون لحماس
زعم نتنياهو أن الرافضين للحرب على غزة -بمن فيهم مسؤولون في الولايات المتحدة الأمريكية- مؤيدون لحركة "حماس"، وهو ما يجافي الحقيقة، قائلا "إن العديد من المتظاهرين المناهضين لإسرائيل يختارون الوقوف مع الشر، وهم يقفون مع حماس".
لكن الكثيرين حول العالم يرفضون الحرب على غزة، ليس لأنهم يدعمون حماس وإنما لأنهم يعارضون الحرب التي يقتل فيها عشرات آلاف المدنيين، ويتم فيها هدم أحياء وبلدات ومدن فلسطينية بأكملها في غزة.