هدنة غزة على «المحك».. مفاوضات متعثرة ومصير مجهول

باتت الهدنة الهشة بين حماس وإسرائيل معلقة بخيط رفيع، في ظل تصاعد الاتهامات بين الطرفين، وتعثر مفاوضات المرحلة الثانية
وأمس الإثنين، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حماس مجددا بعواقب، وذلك غداة منع تل أبيب دخول المواد الغذائية والمساعدات إلى قطاع غزة المحاصر.
وانتقدت جماعات الإغاثة والأمم المتحدة الإعلان الإسرائيلي بوقف المساعدات. وأكدت مصر، الوسيط في اتفاق وقف إطلاق النار، أنها "ترفض بشكل لا لبس فيه تسييس المساعدات الإنسانية واستغلالها كأداة للابتزاز".
ولا يزال تسعة وخمسون رهينة في غزة بعد إعادة أربع جثث الأسبوع الماضي.
ومن بين 59 رهينة، يُعتقد أن 24 منهم على قيد الحياة، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
في هذه الأثناء، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يعتزم العودة إلى الشرق الأوسط "في الأيام المقبلة للتوصل إلى طريقة لتمديد المرحلة الأولى (التي انتهت قبل 3 أيام) أو التقدم إلى المرحلة الثانية" من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن.
وإليكم ما نعرفه عن الاتفاق والعقبات التي يواجهها.
ما ينص عليه الاتفاق
من المفترض أن يتم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل.
في 19 يناير/كانون الثاني، دخلت المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ. واستمرت 42 يوما وانتهت في نهاية الأسبوع الماضي.
كانت المرحلة الأولى تهدف إلى تحرير 33 رهينة إسرائيليا مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين وتدفق المساعدات إلى غزة.
وفي النهاية، أفرجت حماس عن 38 رهينة على مدى 39 يوما.
فيما أطلقت إسرائيل سراح 1737 سجينا ومعتقلا فلسطينيا، بينهم 120 امرأة وطفلا.
كما انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مناطق حدود غزة، تاركة كل المراكز الحضرية وممرا رئيسيا يقسم الجيب إلى نصفين.
كان من المفترض أن تشهد مرحلة ثانية من وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما التزاما بإنهاء الحرب بشكل دائم، وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء في مقابل المعتقلين الفلسطينيين.
ينص اتفاق وقف إطلاق النار على أن الهدنة يمكن أن تستمر طالما أن المفاوضين يتحدثون.
وكان من المفترض أن يبدأ الجانبان محادثات بشأن إنهاء دائم للحرب في أوائل فبراير/شباط الماضي. ومع ذلك، مرت أسابيع ولم يتضح ما إذا كانت ستبدأ أم لا.
والجمعة الماضية، عاد وفد إسرائيلي فجأة من القاهرة، بعد يوم واحد من وصوله إلى هناك.
وقال متحدث باسم حماس، في تصريحات صحفية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه لا توجد حاليا "مفاوضات" جارية بشأن المرحلة الثانية، ملقيا باللوم على إسرائيل في الفشل في بدء المحادثات.
ما تقوله إسرائيل
تريد إسرائيل الآن تمديد المرحلة الأولى من الصفقة لمدة 42 يوما أخرى لمواصلة تبادل الرهائن، أحياءً وأمواتا، في مقابل استمرار إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتدفق كميات أكبر من المساعدات إلى غزة - ولكن دون أي التزام بإنهاء الحرب بشكل دائم.
وقال نتنياهو إن التمديد المقترح، والذي سيستمر طوال شهر رمضان، وعيد الفصح اليهودي (ينتهي منتصف أبريل)، كان فكرة طرحها ويتكوف.
ولم يصدر أي تعليق من ويتكوف أو إدارة ترامب بشأن الخطة المعدلة، ولا بشأن تأكيد إسرائيل على أن تعليق المساعدات لغزة كان متفقا عليه مع واشنطن.
واتهت إسرائيل حماس برفض الاقتراح، وفي المقابل أوقفت جميع المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وقال مكتب نتنياهو يوم الأحد: "في ضوء رفض حماس قبول إطار (المبعوث الأمريكي ستيف) ويتكوف لمواصلة المحادثات - والذي وافقت عليه إسرائيل - قرر رئيس الوزراء أنه اعتبارا من صباح اليوم، سيتم إيقاف جميع دخول البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".
وحذر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي من "عواقب إضافية" إذا استمرت حماس في رفض قبول الاقتراح.
وأضاف البيان أن إسرائيل لن تسمح بوقف إطلاق النار دون إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
ماذا تقول حماس؟
تسعى حماس إلى التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة بموجب المرحلة الثانية من الهدنة، متهمة إسرائيل بـ "التلاعب المستمر" باقتراحها تمديد المرحلة الأولى.
وانتقدت الحركة قرار إسرائيل وناشدت الوسطاء الضغط عليها لإنهاء "إجراءاتها العقابية".
واعتبرت حماس أن التمديد المقترح "محاولة صارخة للتهرب من الاتفاق والتهرب من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية منه".
وأكدت أن "الطريقة الوحيدة لإعادة الرهائن هي الالتزام بالاتفاق والدخول فورا في مفاوضات لبدء المرحلة الثانية والتزام الاحتلال بتنفيذ تعهداته".
ماذا يقول الآخرون؟
وصفت إسرائيل اقتراح التمديد بأنه جهد تقوده الولايات المتحدة. ولم يتضح بعد أي دولة بادرت بتقديم الاقتراح، لكن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض براين هيوز أعرب عن دعمه لإسرائيل.
ومع ذلك، انتقد العديد من المجتمع الدولي، بما في ذلك وسطاء الاتفاق والأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، منع إسرائيل للمساعدات.
وقالت مصر إنها "ترفض بشكل قاطع تسييس المساعدات الإنسانية واستغلالها كأداة للابتزاز". ودعت المجتمع الدولي إلى "اتخاذ إجراءات حاسمة لإجبار الحكومة الإسرائيلية على السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون شروط".
قطر هي الأخرى، أكدت رفضها بشكل قاطع "استخدام الغذاء كسلاح حرب وتجويع المدنيين".
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ (أوتشا)، توم فليتشر، "قرار إسرائيل بوقف المساعدات إلى غزة أمر مثير للقلق".
وأضاف "القانون الإنساني الدولي واضح: يجب السماح لنا بالوصول لتقديم المساعدات الحيوية المنقذة للحياة".
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
لا يزال مصير العشرات من الرهائن الإسرائيليين والهدنة في غزة غير واضح الآن، وسط مخاوف من انهيار وقف إطلاق النار.
ويظل نتنياهو تحت ضغط من وزراء اليمين المتطرف في حكومته للعودة إلى الحرب، وهو الاحتمال الذي قد يقابل بمعارضة أقل في ظل إدارة ترامب الجديدة. بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي بيان صحفي، ناشد منتدى الرهائن ترامب بإبرام صفقة نهائية، وإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم.
وفي تطور من المرجح أن تعتبره حماس استفزازيا، قال مصدر إسرائيلي لشبكة "سي إن إن"، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل لن تسحب قواتها من حدود غزة ومصر (محور فيلادلفيا) كما هو مطلوب بموجب المرحلة الثانية المحتملة من وقف إطلاق النار .
وفي الوقت نفسه، يواجه سكان غزة الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة خطر فقدان المساعدات القليلة التي تلقوها خلال اتفاق وقف إطلاق النار.
aXA6IDMuMTMzLjEyOS4xMDIg جزيرة ام اند امز