الحرب في يومها الـ35.. غزة تنزح جنوبا وتنتظر سريان الهدن
لا شيء سوى الوجع يزداد مع كل قذيفة تضرب منزلا أو مستشفى بغزة فيرفع منسوب الهلع ويقلص هامش الأمل بهدنة تفتح ممرات آمنة للبقاء.
هكذا باتت تتلخص يوميات سكان غزة العالقين بين القصف والاشتباكات، ما دفع قسما كبيرا منهم للهروب سيرا على الأقدام متجهين جنوبا، حيث يعتقدون أنهم قد يكونون بمأمن.
ويواصل الفلسطينيون الفرار من شمال القطاع المدمر إلى الجنوب مع خروج عشرات الآلاف سيرا على الأقدام هربا من القصف والمعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس.
وبعد أكثر من شهر من القصف الإسرائيلي العنيف والمتواصل ردا على هجوم حماس غير المسبوق في السابع من الشهر الماضي، والذي أوقع ١٤٠٠ قتيل وعشرات الأسرى، لا يزال مئات آلاف المدنيين عالقين في وضع إنساني كارثي في شمال القطاع، بحسب الأمم المتحدة.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة عن مقتل 10812 شخصا بينهم 4412 طفلا، حسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس الخميس، في وقت ارتفعت فيه حصيلة قتلى الجنود الإسرائيليين في العملية البرية إلى 36، بحسب الجيش.
واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا، الخميس، وقفا لإطلاق النار، قائلا إن تحقيق هذا الأمر "يعني الاستسلام".
وأعلن نتنياهو أن أداء جيشه "جيد بشكل استثنائي" في هجومه على حركة حماس في غزة، مشددا على أن إسرائيل لا تخطط لاحتلال القطاع الفلسطيني.
وقال لشبكة فوكس نيوز الأمريكية "أعتقد أن أداء الجيش الإسرائيلي جيد بشكل استثنائي"، مضيفا "نحن لا نسعى إلى حكم غزة. ولا نسعى إلى احتلالها، لكننا نسعى إلى منحها ومنح أنفسنا مستقبلا أفضل".
وفيما ترفض إسرائيل أي وقف لإطلاق نار بدون الإفراج عن الرهائن، أجرى مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز ومدير الموساد ديفيد بارنياع محادثات في الدوحة مع مسؤولين قطريين بشأن "وقف إنساني" للحرب، وفق ما أفاد مسؤول مطلع على الزيارة الخميس.
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس إنه جرى خلال الاجتماع "العمل على تفاصيل وقف إنساني محتمل (للقتال) من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح رهائن وإدخال المزيد من المساعدات إلى غزة"، مضيفا أن "المحادثات كانت تتقدم بشكل جيد في الأيام القليلة الماضية نحو التوصل إلى اتفاق".
وكان مصدر مقرب من حركة حماس في غزة أكد أن مفاوضات تجري حول "وقف إنساني لثلاثة أيام" مقابل إطلاق سراح 12 رهينة "نصفهم أمريكيون".
وبثت حركة الجهاد الإسلامي، الخميس، شريط فيديو لامرأة وفتى، قالت إنهما من ضمن الرهائن الذين تحتجزهم، مؤكدة استعدادها للإفراج عنهما في حال توفرت "الشروط الملائمة ميدانيا وأمنيا".
وأدان الجيش الاسرائيلي نشر الفيديو ووصفه بأنه "إرهاب نفسي".
إلى ذلك، أعلنت حركة حماس الخميس أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية يزور مصر لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين عن الأوضاع في قطاع غزة.
"هدن" يومية
في هذه الأثناء تواصل خروج الفلسطينيين من رجال ونساء وأطفال بأعداد كبيرة من شمال القطاع، وذلك بعدما أعلنت إسرائيل فتح "ممر" جديد للإخلاء لعدة ساعات.
وأعلن البيت الأبيض، الخميس، أن إسرائيل وافقت على تنفيذ "هدن" يومية لأربع ساعات للسماح للسكان بالتوجه جنوبا، بينما استبعد الرئيس الأمريكي جو بادين أية إمكانية لوقف إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيين "ستبدأ إسرائيل بتنفيذ هدن لمدة أربع ساعات في مناطق بشمال غزة كل يوم، مع الإعلان عنها مسبقا قبل ثلاث ساعات".
ومنذ 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يشن الجيش الإسرائيلي عملية برية في القطاع وتتحرك وحداته منذ عدة أيام في قلب مدينة غزة، بما يشمل محيط مستشفى الشفاء.
وأعلن الجيش "تدمير مداخل أنفاق ومصانع صواريخ مضادة للدبابات ومواقع لإطلاق الصواريخ"، مشيرا إلى أن المنطقة تؤوي "المقر العسكري" لحركة حماس داخل شبكة الأنفاق.
وتكبدت المنطقة الشمالية أضرارا جسيمة واضطر أحد سكانها يدعى محمود المصري وهو مزارع في الستين من العمر، إلى دفن أشقائه الثلاثة وأبناؤهم الخمسة في بستان منزله في بيت حانون في شمال شرق القطاع بالقرب من الحاجز الفاصل مع إسرائيل، قبل الفرار جنوبا.
وروى الرجل الستيني الذي لجأ مع عائلته إلى مستشفى في خان يونس بجنوب قطاع غزة "لا خيار لدينا، فالمقبرة تقع في المنطقة الحدودية التي توغلت فيها الدبابات"، مضيفا "الوضع خطير جدا، سوف أنقل الجثث بعد الحرب".
وضع "كارثي"
الطبيب الجراح في اللجنة الدولية للصليب الأحمر توم بوتوكار وصف وضعا "كارثيا" في المستشفى الأوروبي في خان يونس. وقال لفرانس برس "رأيت في الساعات الـ24 الأخيرة ثلاثة مرضى في جروحهم ديدان".
وأظهرت مقاطع فيديو، أمس الخميس، وقوع انفجارات ضخمة على مقربة من المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا بشمال غزة، ما أثار ذعرا في أرجائه.
وتعرضت المناطق المحيطة بعدد من المستشفيات في شمال القطاع للقصف ليل الخميس الجمعة، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس، بما في ذلك مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في قطاع غزة وحيث لجأ إليه 60 ألف شخص، ومستشفى الرنتيسي للأطفال والمستشفى الإندونيسي.
وأبلغت حماس عن وقوع إصابات من دون أن تتحدث عن سقوط قتلى.
وبحسب الأمم المتحدة، فر 1,5 مليون شخص من أصل تعداد سكاني قدره 2,4 مليون نسمة في قطاع غزة، بسبب الحرب، فيما يتكدس مئات آلاف اللاجئين في وضع يائس في الجنوب، حيث يتراجع مخزون المواد الغذائية بصورة خطيرة، وفق المنظمة الأممية.
وأعيد الخميس فتح معبر رفح للسماح بمرور عدد محدود من الجرحى والأجانب وحاملي جوازات السفر الأجنبية وإدخال شاحنات مساعدات، وفق ما أفاد مدير إعلام المعبر وائل أبوعمر.
وتفرض إسرائيل منذ اندلاع الحرب "حصارا مطبقا" على قطاع غزة، حارمة سكانه من المياه والكهرباء والمواد الغذائية والوقود.
ويخضع القطاع أساسا لحصار إسرائيلي بحري وجوي وبري منذ عام 2007 بعد سيطرة حماس عليه.
وفي شمال القطاع ما زال مئات آلاف الفلسطينيين في شمال وادي غزة "في وضع إنساني كارثي" بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا) الذي أشار إلى أنهم "يكافحون للحصول على أدنى قدر ممكن من الماء والطعام الضروريين لبقائهم على قيد الحياة".
والمستشفيات التي لم تغلق بعد تعاني نقصا في الأدوية والوقود لتشغيل مولدات الكهرباء.
ووصف الطبيب أحمد مهنا في مستشفى العودة في جباليا وضعا "محزنا ومأساويا"، مشيرا إلى أن الجراحين يجرون العمليات تحت "التخدير الموضعي" لعدم توافر الكهرباء لتشغيل المعدات الضرورية للتخدير العام.
في النهاية لن يبقى بجانب أهل غزة سوى محور النجاح والمستقبل
حرب غزة.. هل اقتربت محطة الهدنة؟
أزمة غزة: نتيجة ثانوية للافتراضات الأمريكية الخاطئة
نتنياهو: إسرائيل لا تسعى إلى إعادة احتلال قطاع غزة
الإمارات تدعو لجلسة لمجلس الأمن الجمعة لمناقشة تطورات حرب غزة
قمتا الرياض حول غزة.. خبراء يفكون لـ«العين الإخبارية» شفرة الرسائل
ما الذي يعنيه إقرار هدن في غزة؟
إجلاء أجانب وإدخال مساعدات إلى غزة.. استئناف العمل بمعبر رفح
قصف إسرائيلي بمحيط المستشفى الإندونيسي.. مرافق غزة الحيوية تنهار