حرب غزة في يومها الـ152.. ضغوط دولية لـ«وقف فوري» وميدانيا «محلك سر»
وسط مخاوف من كارثة إنسانية تضرب قطاع غزة، تتصاعد الضغوط الدولية لـ"وقف فوري" للحرب المستعرة منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل قبل 152 يوما.
ضغوط تتزامن مع مفاوضات مكثفة بالعاصمة المصرية، القاهرة، على أمل التوصل لهدنة في قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان، فيما غابت عنها إسرائيل.
وبينما تهدّد إسرائيل منذ أسابيع بشنّ عملية برية في رفح الجنوبية التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1,5 مليون فلسطيني، تتواصل المعارك العنيفة وسط مدينة خان يونس الجنوبية وبمحيط مدينة حمد السكنية وفي تل الهوى والزيتون في الشمال.
والثلاثاء، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن حماس إلى القبول بوقف لإطلاق النار في قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان، في مسعى لتذليل عقبات تعترض المفاوضات الشاقة الدائرة من أجل التوصل إلى هدنة مع إسرائيل.
وقال الرئيس الأمريكي "الأمر بيد حماس حاليا"، معربا عن خشيته من وضع "خطير للغاية" في إسرائيل والقدس إذا لم تتوصل إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق نار في غزة قبل حلول شهر رمضان.
ويبدأ شهر رمضان في العاشر من مارس/آذار أو الحادي عشر منه.
في هذا السياق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية الثلاثاء أنها ستسمح بوصول العدد نفسه من المصلين إلى الحرم القدسي خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان "كما في السنوات السابقة"، موضحة أن هذا العدد سيعاد تقييمه أسبوعيا بناء على معايير أمنية.
وأشار بايدن إلى أن الإسرائيليين "متعاونون"، لافتا إلى عرض "عقلاني" لوقف إطلاق النار يتيح الإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة في مقابل إطلاق سراح فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل.
ولاحتواء أزمة إنسانية كارثية بعد نحو خمسة أشهر على اندلاع النزاع، شدّد بايدن على وجوب "إدخال مزيد من المساعدات إلى غزة"، معتبرا أن "لا أعذار" لدى إسرائيل في مواصلتها منع دخول شاحنات المساعدات المتوقفة عند الحدود مع مصر.
الأوضاع بالميدان
على الأرض، تواصل القصف الإسرائيلي خصوصا على جنوب القطاع، وقد أوقع 97 قتيلا خلال 24 ساعة، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
ومن المقرر أن تتواصل الأربعاء في القاهرة المفاوضات التي تواجهها "مصاعب" بين ممثلين عن مصر والولايات المتحدة وحماس وقطر، بغياب أي وفد إسرائيلي، وفق ما أوردت قناة "القاهرة" الإخبارية القريبة من الاستخبارات المصرية نقلا عن مصدر مصري رفيع المستوى.
ويسعى الوسطاء إلى التوصل لهدنة لمدة ستة أسابيع في غزة قبل رمضان، بما يتيح الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وخُطف أكثر من 250 شخصاً أثناء هجوم حركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفق الدولة العبرية التي تقدّر أن 130 منهم لا يزالون محتجزين في القطاع. ومن بين هؤلاء يعتقد أن 31 قد قتلوا.
وقف "فوري"
وتدفع الولايات المتحدة، أكبر داعم لإسرائيل، بشكل متزايد باتّجاه وقف لإطلاق النار في مواجهة كارثة إنسانية تسببها الحرب في غزة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد أشار إلى وجود "فرصة لحصول وقف فوري لإطلاق النار يمكّن رهائن من العودة إلى ديارهم ولزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الفلسطينيين الذين هم بأمس الحاجة إليها، وبعد ذلك وضع الشروط الآيلة إلى حل دائم".
وكانت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس قد حضّت الإثنين حماس على "القبول بالشروط المطروحة على الطاولة"، كما دعت الحكومة الإسرائيلية إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وزيادة تدفق المساعدات لتخفيف ما وصفتها بأنها ظروف "غير آدمية" و"كارثة إنسانية" بين الشعب الفلسطيني.
لكن حماس تشترط خصوصا "الوقف الشامل للعدوان والحرب وللاحتلال من قطاع غزة" و"البدء بعمليات الإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار"، وفق ما أفاد عضو القيادة السياسية للحركة باسم نعيم لوكالة فرانس برس.
إلا أن إسرائيل ترفض هذه الشروط مؤكدة نيتها مواصلة هجومها حتى القضاء على حركة حماس وتشترط أن تقدم لها الحركة الإسلامية الفلسطينية قائمة محددة بأسماء الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة.
لكن نعيم قال لوكالة فرانس برس الإثنين إن الحركة "لا تعرف من هو حي.. ومن هو ميت" من الرهائن.
ومساء الثلاثاء، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان: "لن نسمح بأن يكون مسار المفاوضات مفتوحا بلا أفق مع استمرار العدوان وحرب التجويع ضد شعبنا".
رفح وخان يونس
واندلعت الحرب إثر هجوم نفّذته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول في جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتوعّدت إسرائيل حماس بـ"القضاء" عليها بعد الهجوم، وبدأت قصفا مدمرا على قطاع غزة أتبع بعمليات برية ما تسبّب بمقتل 30631 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وتعرضت رفح مجددا للقصف خلال الليل وكذلك خان يونس التي تبعد كيلومترات قليلة عنها حيث تتواصل المعارك على الأرض، وفق وكالة فرانس برس.
وطالت الضربات محيط المستشفى الأوروبي في مدينة حمد السكنية.
وأفاد سكان ووزارة الصحة التابعة لحماس بمقتل 16 شخصا "منهم ثلاثة أطفال بينهم رضيع" في قصف إسرائيلي لمنزل في خان يونس.
وقال محمد مصلح الذي سقط قريبه في الضربة "عمره عشر سنوات ما الذي ارتكبه؟"، وأضاف "كل يوم نستفيق على فاجعة".
في الشمال، أفادت وزارة الصحة التابعة لحماس وشهود وكالة فرانس برس بأن الجنود الإسرائيليين فتحوا النار الثلاثاء على حشود جائعة تجمعت بانتظار توزيع مساعدات ما أدى إلى سقوط جرحى.
ولم يؤكد الجيش الإسرائيلي هذه المعلومات.
في 29 فبراير/شباط أدى تدافع ترافق مع إطلاق نار إسرائيلي خلال توزيع مساعدات إلى مقتل العشرات في هذه المدينة.
مجاعة "شبه حتمية"
وحذّرت الأمم المتحدة من مجاعة "شبه حتمية" تهدّد 2,2 مليون شخص من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان القطاع، بينما المساعدات التي تدخل شحيحة جدا مقارنة بالاحتياجات الهائلة.
وأعلن الجيش الأردني الثلاثاء أن ثماني طائرات عسكرية هي ثلاث أردنية وثلاث أمريكية وواحدة فرنسية وأخرى مصرية ألقت مساعدات في قطاع غزة في أكبر عملية من هذا النوع منذ بدء الحرب.
وحضّت الأمم المتحدة العالم على "إغراق" غزة بالمساعدات لإنقاذ الأطفال "الذين بدأوا يتضورون جوعا" في منطقة انهار فيها النظام الصحي.
وقالت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، إن نحو ثمانية آلاف مريض في غزة بحاجة إلى إجلاء لتلقي العلاج في الخارج.
ويتأثر الوضع الكارثي سلبا بالتوترات القائمة بين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وإسرائيل التي تطالب بتفكيك الوكالة، متهمة إياها بتوظيف "أكثر من 450 إرهابياً" ينتمون إلى فصائل مسلحة بينها حركة حماس.
ودافع المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني عن عمل منظمته الإثنين، مؤكدا أن إسرائيل لم تقدّم أي دليل يثبت اتهاماتها.
وحذّر لازاريني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن تفكيك الأونروا الذي تطالب به إسرائيل سيؤدي الى التضحية "بجيل كامل من الأطفال" و"زرع بذور الحقد" التي قد تؤدي إلى نزاعات مقبلة.
الحدود مع لبنان
وفي لبنان، قُتل عنصر في حزب الله وزوجته وابنهما في ضربة إسرائيلية أصابت منزلا في بلدة حولا الحدودية مع إسرائيل في جنوب لبنان.
بعيد الغارة الثلاثاء، أعلن حزب الله مساء في بيان إطلاق "عشرات صواريخ الكاتيوشا" على كيبوتس كفربلوم الواقع على بعد ستة كيلومترات من أقرب نقطة حدودية و"استهداف مبنى" في كريات شمونة، مضيفا أن ذلك جاء "ردا على الاعتداءات الاسرائيلية على القرى واستهداف منزل مدني في حولا".
ويسجل على نحو شبه يومي قصف متبادل عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله منذ اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس، حليفة حزب الله.
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA= جزيرة ام اند امز