"الاتحاد النسائي العام".. الصناعات التراثية تعزز الهوية الوطنية
"الصناعات التراثية" التي تتميز بها الإمارات تشكل أحد العناصر الأساسية للهوية الوطنية وتجسد تاريخ الآباء والأجداد وتراث تتناقله الأجيال
تشكل الصناعات التراثية التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة أحد العناصر الأساسية للهوية الوطنية التي تجسد تاريخ الآباء والأجداد وتراث شعب تتناقله الأجيال بكل تفاصيله بفخر واعتزاز مستلهمين منه المستقبل المشرق.
وتحظى الصناعات التقليدية والتراث بشكل عام باهتمام كبير من قبل الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة التي تحث الأجيال على الحفاظ علية باعتباره تاريخاً يمثل الهوية الوطنية التي يجب التمسك بها لبناء مجتمع حضاري في ظل النهضة التي تشهدها الإمارات في مجالات الحياة كافة.
وتؤكد أن الاهتمام بالتراث في الإمارات هو تعبير عن حرص الجميع على المضى نحو المستقبل والاستمرار في بناء الحضارة، ولكن على أسس راسخة من الأصالة معربة عن ثقتها كاملة في أن ابنة الإمارات التي أدت أدوارا متميزة في مراحل البناء كافة ستكون جديرة بالمحافظة على هويتها الوطنية وموروثها من العادات والتقاليد والحرف التقليدية باعتبار أن المرأة هي الأساس في بناء المجتمع المتماسك.
وحرص الاتحاد النسائي العام على الاهتمام بالموروث الحضاري للدولة فسعى إلى الحفاظ عليه وحمايته من خلال التركيز على المرأة التي عاشت الماضي بكل قسوته وحرمانه مع الرجل وبنت معه مجدا وتاريخا يعتز به أبناء الحاضر والمستقبل.
وقالت نورة السويدي مديرة الاتحاد النسائي العام، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه أول من دعا إلى حماية تراث الأجداد وحث الأبناء على التعرف على تاريخ وطنهم فقد كانت مقولته المشهورة رحمه الله في ذلك "من ليس له ماضي ليس له حاضر"، كما كان يحث الأجيال على معرفة ما عاناه الآباء والأجداد حتى تكون هذه المعاناة نبراس عمل لهم.
وأشارت إلى أن المغفور له الشيخ زايد أولى قطاع الصناعات والحرف التقليدية اهتماماً خاصاً، وحرص على إشراك المرأة في خططه الثرية لإحياء التراث والمحافظة عليه فافتتح مركزاً للصناعات التراثية والحرفية في عام 1978 تحت إشراف الاتحاد النسائي العام وسارت القيادة الرشيدة على النهج نفسه.
وقالت إن الشيخة فاطمة بنت مبارك أولت أيضاً التراث اهتماماً، وعززت ذلك بإنشاء مركز الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي والمشاركة في المؤتمرات والمعارض المحلية والعربية والدولية المتخصصة. ويعتبر المركز أول مركز متخصص بالدولة في مجال التراث وتتمحور أهدافه في المحافظة على التراث والصناعات التقليدية والحرفية وحمايتها من الاندثار وتطويرها وتعريف الأجيال بها.
وأضافت السويدي أنه منذ ذلك الحين دأب مركز الصناعات الحرفية والتراثية على توفير فرص عمل لحاميات التراث إلى جانب المشاركة في التعريف بالتراث الإماراتي في مختلف المناسبات داخل وخارج الدولة حيث تشارك حاميات التراث في نحو 12 مهرجانا سنويا تنظمه الدولة بشكل دوري بالإضافة إلى نحو 50 فعالية تراثية في جميع قطاعات ووزارت وجامعات ومدارس الدولة بالإضافة إلى تمثيل الدولة في المعارض التراثية بالخارج.
وفي جولة داخل مركز الصناعات الحرفية والتراثية بمقر الاتحاد النسائي العام تم التعرف على أنماط عديدة من حياة الماضي في الإمارات تعبر عن واقع أولئك الأجداد الذين نفتخر بهم ونعتز بهم وبحضارتهم التي ضربت جذورا عميقة في هذه الأرض الطيبة.
وقالت لولوة الحميدي، إن الاتحاد النسائي العام أعد خطة إستراتيجية لإدارة الصناعات لتحقيق عدد من الأهداف منها إحياء تراث دولة الإمارات العربية المتحدة المادي والمعنوي والمحافظة عليه من الاندثار وتوثيقه للأجيال الناشئة وتمثيل الدولة في معارض ومهرجانات التراث والحرف اليدوية محلياً ودولياً بشكل مشرف، وكذلك الاستفادة من مهارات ذوي الخبرة في مجال الحرف اليدوية والتقليدية وتعليمها للأجيال الناشئة.
وأضافت أن الاتحاد النسائي يسعى أيضاً إلى تطوير الصناعات التراثية والحرفية برؤى عصرية ورفع المستوى المعيشي للأسر المنتجة ذات الدخل المحدود من خلال تسويق منتجاتهم محلياً ودولياً عن طريق المشاركة في المعارض والتسويق من خلال تطبيق الأسر المنتجة.
وأشارت الحميدي إلى أن المنتجات الحرفية اليدوية والمشغولات الإماراتية تحظى باهتمام الزوار والسياح الأجانب والعرب لما تمثله من جمالية تعبر عن حضارة اصيلة.
وتعد الإمارات في طليعة الدول التي تهتم بالحرف والصناعات التقليدية الشعبية وتوجد أكثر من 30 حرفة شعبية يدوية مازالت تمارس وتمثل مورد رزق للعديد من الأشخاص.
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، افتتح المعرض الدائم لمركز الصناعات اليدوية والبيئية بالاتحاد النسائي العام في 22 مارس عام 1980 والذي يهدف إلى إبراز تراث دولة الإمارات العربية المتحدة والمحافظة عليه من الاندثار.
واستطاع المعرض الدائم أن يستقطب مجموعة كبيرة من الوفود السياحية وطلبة المدارس، وذلك لما يحتويه من الموروثات ذات العبق التاريخي لدولة الإمارات والمعروضة بشكل جذاب وشيق.
ويحتوي المعرض الدائم للتراث على أقسام توضح أنماط الحياة المختلفة التي عاش فيها الأجداد، ركن خاص بحياة البادية، وركن خاص بحياة أهل الساحل والبحر، بالإضافة إلى ركن خاص بالأزياء الشعبية والحلي والذهب التقليدي للمرأة إلى جانب ركن يوضح ملامح الاحتفالات بالأعراس التقليدية، وركن الأعشاب والأدوية الشعبية وغيرها من الأقسام.
وقالت الحميدي، إن مشروع الأسر المنتجة يهدف بشكل أساسي إلى دعم الأسر محدودة الدخل لتحسين مواردها الذاتية وتحويلها من أسر معالة إلى أسر منتجة تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على تطوير الحرف والصناعات المنزلية والمنتجات التقليدية والتراثية وزيادة قدرتها التنافسية مع المنتجات الأخرى.. كما يوفر المشروع فرصاً لتسويق المنتجات عن طريق الاشتراك في المعارض والمهرجانات التراثية وعن طريق تطبيق متجر الأسر المنتجة للتسويق محليا ودوليا.
وأكدت لولوة الحميدي أن مركز الصناعات التراثية بدأ في مشروع توثيق التراث والحرف اليدوية في كتيبات مصورة ومطبوعة بعدة لغات توزع على الزوار والسياح وطللاب المدارس.
كما شددت على أهمية استمرارية مركز الصناعات من خلال الاستفادة من خبرات حاميات التراث اللواتي تجاوز عطاء بعضهن 30 سنة ولا زلن يعملن في صناعة المشغولات التراثية الحرفية النادرة وضرورة تعليم وتدريب المستجدات في العمل، والراغبات في تعلم هذه الحرف اليدوية، التي تشكل المظهر التراثي الأصيل لعادات وتقاليد الإمارات.
وشددت على أهمية تأصيل فكرة "الهوية الوطنية" من خلال المحافظة على الحرف والمشغولات اليدوية التي تؤكد أصالة الماضي وتعكس صورته أمام أجيالنا، فيكون الاهتمام بتبني العاملين في هذه الحرف، وتدريب أجيال جديدة، وإعطائهم بدلات جاذبة للعمل، وتوفير بيئات للإنتاج ومن ثم التسويق المحلي والعالمي.
ودعت إلى ضرورة التفكير المشترك مع الجهات المعنية بالمحافظة على التراث وإيجاد ما يساعد على حماية وجود هذه الحرف اليدوية التي تتميز بها دولة الإمارات، وضرورة ترغيب العناصر الشابة في العمل الحرفي التراثي حيث بإمكانهم إضافة اللمسات العصرية الحديثة لهذه الحرف.