جورج فلويد يطارد أباطرة تجارة الرقيق في شوارع ليفربول
تحمل مدينة ليفربول الإنجليزية إرثا كبيرا فيما يتعلق بتجارة الرقيق سواء من حيث أسماء شوراعها أو مبانيها التاريخية وموانئها
أثارت وفاة الأمريكي الأسمر جورج فلويد على يد رجل شرطة أبيض، تظاهرات حاشدة وموجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في أنحاء العالم، وقد تطورت تلك الاحتجاجات إلى حملات بناءة يبدو أنها ستغير من شوارع ليفربول.
في بريطانيا، كما هي الحال في سائر أنحاء العالم، أثارت تلك الحادثة جدلا حادا حول ما إذا كان يجب تسمية مبان مرموقة وشوارع على اسم أشخاص كانوا روادا في تجارة الرقيق.
- شبح فلويد يؤرق "المركزي الهولندي".. تحقيق في دور البنوك بتجارة الرقيق
- "جزيرة العبيد" السنغالية تغيّر اسمها.. ساحة الحرية وكرامة الإنسان
وشهد العالم تدمير تماثيل أقيمت لتكريم تجار الرقيق أو أزيلت استجابة للرأي العام.
وتحمل مدينة ليفربول الإنجليزية، إرثا كبيرا فيما يتعلق بتجارة الرقيق، حيث أن شارعَي كانليف وسير توماس في المدينة سميا تيمنا بمالكَي أول سفن عبيد مسجلة لمغادرة المدينة في شمال غرب إنجلترا.
هذا فضلا عن شوارع أخرى مرتبطة بعائلات توارثت هذه المهنة.
آنا روثيري هي أول امرأة سوداء تشغل منصب رئيس فخري لبلدية ليفربول لكنها تجد صعوبة في هذا الجانب واحد من ماضي المدينة.
وقالت روثيري لوكالة فرانس برس مشيرة الى لافتة في الشارع تحمل اسم عائلة في ليفربول كانت معروفة بتجارة الرقيق "إنه تاريخ مروّع وسيّئ للمدينة".
وأضافت "يمثل شارع إيرل ستريت عائلة توسعت مدى قرن في الأعمال المتعلقة بالسفن وتجارة الرقيق والعمل في المزارع ونقل البضائع من فرجينيا".
وتابعت "يأتي الأشخاص من أنحاء العالم لزيارة المدينة لأنهم يريدون فهم الدور الذي لعبته ليفربول في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.. وهو دور كبير جدا".
ليفربول: كرة قدم وبيتلز.. ونخاسة
بالنسبة إلى الزوار، ليفربول هي رمز لكرة القدم وفرقة بيتلز وما يسمى بـ "النعم الثلاث" (ثري غرايسز)، مبنى ليفر المهيب ومبنى كونارد ومبنى بورت أوف ليفربول.
لكن بالنسبة إلى السكان المحليين، قالت روثيري "الكل يدرك من أين جاء التمويل" لتطوير الميناء والمباني الكبرى التي يعود تاريخها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي لا تزال قائمة.
وبدأت المدينة تتقبل ماضيها: افتتح متحف العبودية الدولي في العام 2007 في ميناء رويال ألبرت، على مسافة قريبة من المكان الذي كان مخصصا لإنشاء سفن العبيد وإصلاحها.
كذلك، تخطط جامعة ليفربول لإعادة تسمية قاعة سكن للطلاب تيمنا باسم رئيس الوزراء السابق وليام جلادستون بسبب روابط عائلته بتجارة الرقيق.
لكن روثيري قالت "في العام 2020، إذا نظرت حول المدينة، سترى عددا قليلا جدا من السود العاملين فيها" منددة بـ"العنصرية النظامية".
تجارة متغلغلة في الاقتصاد البريطاني
ونشرت يونيفيرسيتي كوليدج لندن أخيرا قاعدة بيانات لمؤسسات وشركات بريطانية رائدة استفادت من العبودية.
وبين تلك المؤسسات، كنيسة إنجلترا وبنك إنجلترا وشركة "لويدز" للتأمين وسلسلة معامل "جرين كينج" للمشروبات.
واعتذرت هذه المؤسسات والشركات لكن الجدل لم يهدأ رغم ذلك، وقد تركز في المقابل على مدى استفادة الاقتصاد البريطاني من هذه الممارسة.
وقدّر تقرير صدر العام 2018 أعده كلاس رونباك أستاذ الاقتصاد في جامعة جوتنبرغ أنه في العام 1800، شكلت تجارة الرقيق 11,1% من الناتج الاقتصادي البريطاني.
وبعد إلغاء بريطانيا للعبودية في العام 1833، دفعت تعويضات بشكل مباشر أو غير مباشر لآلاف مالكي العبيد السابقين عن خسارة "ممتلكاتهم".
وفي المجموع، دفع 20 مليون جنيه إسترليني وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
تعويض المتضررين
واليوم، فان مسألة تعويض الأشخاص المنتمين الى عائلات كانت ضحية العبودية، هي قيد النقاش.
ويعارض البعض مثل هذه الخطوة بحجة أنه من المستحيل تحديد المتحدرين أو أن المنظمات التي لديها روابط بتجارة الرقيق ليست مسؤولة عما حدث قبل 200 عام.
ويريد آخرون، مثل روثيري، الحصول على أموال لمحاربة عدم المساواة وإعطاء السود فرصا عادلة أكثر في المجتمع وفي مكان العمل.
وقالت "يجب أن نمضي قدما في مسألة التماثيل وأسماء الشوارع وأيضا في توفير فرص اقتصادية للمجتمع الأسود".
وأقر جو أندرسون رئيس البلدية المنتخب بأن ليفربول "لم تفعل أي شيء مقارنة بالأمور التي كان عليها القيام بها"، وبينها توفير الوظائف والتمثيل السياسي للسود.
ويعتقد المؤرخ كيث ماكلالند أن تمويل منح دراسية للطلاب السود وتقديم تبرعات للجمعيات المناهضة للعنصرية، هما طريقة جيدة لمعالجة قضية التعويضات.
وهذا ما يحدث حاليا، مع التزام "درين كينغ" و"لويدز" تقديم مبالغ "كبيرة" لدعم مجتمعات الأقليات وتعزيز التنوع العرقي في الشركتين.