السعودية ومكافحة الإرهاب.. دعوات لبايدن بتعزيز الشراكة
ما بين تحالفات دولية ومراكز عالمية، تعمل السعودية ضمن استراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب، بالتعاون مع المجتمع الدولي لاجتثاث الظاهرة.
جهود السعودية، أشاد بها أستاذ دراسات الشرق الأدنى وآسيا والدراسات العالمية في جامعة واين ستيت، سعيد خان، مطالبا إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بتعزيز الشراكة معها لمحاربة الارهاب.
جاء ذلك في مقال "مكافحة تمويل الإرهاب في عصر التشفير.. فرص لإدارة بايدن" بموقع "RealClearDefense" المقرب من الكونجرس ووزارة الدفاع الأمريكية.
وأشار خلاله إلى أن "العملات المشفرة" باتت مشكلة عالمية متنامية لدورها في تمويل الإرهاب، لافتا إلى أن أمريكا تمكنت مؤخرا من مصادرة مليوني دولار كانت متجهة لجماعات إرهابية في الشرق الأوسط .
وطالب الكاتب الولايات المتحدة بالعمل مع مجموعة جديدة من الشركاء العالميين لمكافحة المصادر الجديدة للتهديد.
وأضاف: "بينما ينبغي استشارة الحلفاء التقليديين في أوروبا وحلف الناتو لاتخاذ إجراءات تعاونية، يوجد شركاء محتملون جدد في شكل منظمات حكومية دولية يمكنها التعامل بشكل مباشر في مكافحة الإرهاب ووقف تمويله".
وأوضح أن أحد هذه الكيانات هو التحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية والذي تأسس في ديسمبر/كانون الأول 2015 من 41 دولة لمحاربة الإرهاب.
ولفت إلى أن التحالف يشارك بشكل أساسي في عمليات غير عسكرية لمكافحة الإرهاب في النقاط الساخنة حول العالم من خلال تبادل أفضل الممارسات والمشورة القانونية والتنظيمية وأطر الاتصالات التشغيلية والاستراتيجية.
كما تطرق إلى زيارة مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي، باتريك سيمونيه، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للتحالف والتي قال إنها تطرقت لمناقشة سبل التعاون ومنها القضايا المتعلقة بالعملات المشفرة.
وأكد الكاتب أنه قد يكون التعاون مع مجموعة العمل المالي التي تهدف لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (FATF) مثمرا ولكن التحالف الإسلامي قد يصبح شريكًا فعالا حيث وقع مؤخراً اتفاقية مع الأكاديمية المالية التابعة لوزارة المالية السعودية لتعزيز التنسيق في مجال الحد من استخدام العملات المشفرة في تمويل الإرهاب.
وتابع: "يمكن للولايات المتحدة الاستفادة من الجهود الجارية والبنية التحتية والتنسيق الخاص بالتحالف وهو ما حدث بالفعل العام الماضي حيث التقى القائم بأعمال الأمين العام للتحالف اللواء محمد بن سعيد المغدي بوفد أمريكي ودعا إلى تعاون أوثق ومزيد من تطوير الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة".
ودعا إدارة بايدن القادمة إلى أن تبني على هذا الاقتراح وأن تقبل العرض كفرصة بناءة ومرحب بها لمكافحة التهديد القائم والمتطور للإرهاب.
"العين الإخبارية" ترصد استراتيجية السعودية المتكاملة لمحاربة الإرهاب على الصعيدين الداخلي والخارجي..
تحالفات ومراكز عالمية لمحاربة الإرهاب
وفي إطار مبادراتها الرائدة لمحاربة الإرهاب، أعلنت المملكة في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015 تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 41 دولة بقيادتها لمحاربة الإرهاب.
واستضافت الرياض اجتماع رؤساء الأركان في دول هذا التحالف في مدينة الرياض خلال الفترة من (26-27 مارس 2016م).
وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، افتتح الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.
وصدر عن الاجتماع بيان ختامي، اتفق فيه المشاركون على محاربة الإرهاب في 4 مجالات هي الفكري والإعلامي، ومحاربة تمويل الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ومحاربة الإرهاب عسكرياً:
واتفق الوزراء على تأمين مقر لـ(مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) في الرياض على أن تقوم المملكة العربية السعودية بتأمين احتياجاته واستكمال جميع المتطلبات القانونية والتنظيمية اللازمة، لتمكينه من ممارسة المهمات المنوطة به.
وفي 24 أبريل/نيسان 2019، أعلن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب أن 13 دولة من الدول الأعضاء في التحالف قد أرسلت ممثليها الدائمين للبدء في أعمالهم بمقر مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالرياض، وتشمل هذه الدول البحرين وبنجلادش وجزر القمر والأردن ولبنان ومالي والنيجر وعمان وفلسطين والمملكة العربية السعودية والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن.
وفي 29 يوليو/تموز 2019، أعلن التحالف بأن كلاً من جمهورية أفغانستان الإسلامية والجمهورية الإسلامية الموريتانية وجمهورية الجابون قد أوفدت ممثلين لها للبدء في العمل بمقر مركز التحالف، ليصل بذلك إجمالي عدد الدول التي يعمل حالياً ممثلون لها في مركز التحالف إلى 18 دولة مع توقعات بزيادة هذا العدد بنهاية العام الحالي.
ويتولى ممثلو الدول الأعضاء تنسيق جميع الجهود لإعداد وتطوير المبادرات التي يمكنهم تنفيذها لاحقا في المجالات الأربعة التي يركز عليها التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب وهي المجال الفكري والإعلامي والعسكري ومحاربة تمويل الإرهاب.
مركز الحرب الفكرية
أيضا في إطار جهودها الشاملة لمحاربة الإرهاب، أنشأت وزارة الدفاع السعودية في 30 أبريل 2017م (مركز الحرب الفكرية)، والذي يُعد أبرز التجارب العالمية الفكرية المتخصصة في ضرب أيديولوجيا التطرف، حيث يختص المركز بمواجهة جذور التطرف والإرهاب وترسيخ مفاهيم الدين الحق.
ويُلاحق المركز برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، أيديولوجية التطرف في عالمه الافتراضي الذي يُشكِّل أهم أدوات انتشاره، كما يُواجه المواد التي تبثها الآلة الإعلامية للتطرف بالطرح العلمي والفكري المؤصَّل على الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة.
ويعمل المركز على تقديم مبادرات فكرية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، كما يُحصِّن الشباب حول العالم من التطرف ببرامج وقائية وعلاجية.
مركز اعتدال
وفي 21 مايو/أيار 2017 دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادة ورؤساء عدة دول مركز المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) بالعاصمة السعودية الرياض، بهدف التصدي للإرهاب ونشر التسامح والتعايش بين الشعوب.
وجاء تدشين المركز خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت بالرياض، حيث حظي بإشادة منقطعة النظير من حكومات العالم، والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية وفي مقدمتهم الأمم المتحدة، وذلك لمحاربة الإرهاب بكل لغات ولهجات الإرهابيين حول العالم.
ويعبر مركز "اعتدال" عن دخول المملكة العربية السعودية مرحلة متقدمة ومتطورة في محاربة التطرف فكريا وإعلاميا ورقميا، وتعزيز التعايش والتسامح بين شعوب العالم.
ويكمّل المركز الجهد الكبير الذي بذلته الدول الإسلامية طيلة العقود الماضية في حربها على الإرهاب والفكر المتطرف، واستشعارا منها لما تمثله محاربة هذا الفكر الدخيل من أولوية قصوى للمسلمين والعالم بأسره.
المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب
كما أن من أبرز مبادرات المملكة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، إنشاء المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب ومقره الرياض، وأنشئ في الـ25 من أكتوبر 2017م وفق مذكرة التفاهم الموقّعة بالرياض من المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي، ويعمل برئاسة مشتركة؛ إذ يرأس المركز السعودية وتمثلها "رئاسة أمن الدولة"، والولايات المتحدة الأمريكية وتمثلها "وزارة الخزانة الأمريكية"، وتشمل في عضويتها دول مجلس التعاون الخليجي، وتمثلها اللجان الوطنية المعنية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله.
ويقع على المركز مهام قمع تمويل الأنشطة الإرهابية واتخاذ التدابير الكفيلة بذلك من خلال تصنيف الأفراد والكيانات الممولة للأنشطة الإرهابية والإعلان عنها وفرض الجزاءات بحقها.
وبالفعل أصدر المركز العديد من التصنيفات والقوائم الإرهابية، كان آخرها 30 أكتوبر 2019، حينما صنّف المركز شبكة من الشركات والمصارف والأفراد الداعمين للأنشطة الإرهابية للحرس الثوري الإيراني وحزب الله تضم 25 اسما وكيانا، أبرزها قوات المقاومة الإيرانية الباسيج (إيران).
شهادات دولية وإشادات أممية
وتكللت جهود المملكة الحثيثة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بتصويت مجموعة العمل المالي (فاتف) بالإجماع لصالح يوم 21 يونيو/حزيران 2019 انضمام المملكة بعضوية كاملة للمجموعة كأول دولة عربية تحظى بهذا التأييد تجسيداً لجهود المملكة الكبيرة في هذا الجانب.
ويعزز انضمام المملكة للمجموعة دورها في المحافل الدولية ويسهم في إبراز جهودها بشكل أكبر في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وإيجاد مزيد من التوازن الجغرافي للدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي باعتبارها دولةً لها ثقلها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشاد مسؤول في الأمم المتحدة، بالدعم السعودي لمكافحة الإرهاب حول العالم.
وقال فلاديمير فورونكوف، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في تصريحات له مؤخرا: "بفضل الدعم السعودي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نقيم حالياً 38 مشروعاً لمكافحة الإرهاب حول العالم، إضافة إلى الخدمات المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل دعم ضحايا الإرهاب، ومكافحة الأسلحة الذرية والبيولوجية، وتوفير الأمن السيبراني".
وأشار فورونكوف إلى أن الدعم السخي من الحكومة السعودية مكّن مركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة من القيام بأدوار مهمة وحيوية عدة، منها مساعدة عدد من الدول حول العالم فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ودعم أسر ضحايا الإرهاب.