دورة المياه العالمية .. كيف تتأثر بارتفاع درجات الحرارة؟
ماذا سيحدث للمياه مع استمرار درجات الحرارة في الارتفاع؟ سيكون هناك فائزون وخاسرون مع أي تغيير يعيد توزيع أين ومتى وكم المياه المتاحة للبشر للشرب واستخدامها.
للعثور على إجابات وتقديم تنبؤات مستنيرة، يتطلع العلماء إلى الماضي؛ حيث ساعدت عمليات إعادة بناء تغير المناخ الماضي باستخدام البيانات الجيولوجية في إظهار التأثير البعيد المدى للنشاط البشري على درجات الحرارة منذ العصر الصناعي، لكن ثبت أن تجميع سجلات المناخ المائي لنفس الإطار الزمني هو أمر أصعب بكثير.
واتخذت دراسة أجراها فريق مشروع "Iso2k"، التابع للتغيرات العالمية الماضية (PAGES)، بقيادة برونوين كونيكي من جامعة واشنطن في سانت لويس، خطوة مهمة نحو إعادة بناء التاريخ العالمي للمياه على مدى الألفي عام الماضية.
- روسيا ومؤتمر الأطراف COP28.. دعم كامل لمسار الاستدامة النبيل
- تاريخ جديد للمناخ يُكتب في أبوظبي.. تفاصيل اتفاق طال انتظاره حول «الخسائر والأضرار»
وباستخدام الأدلة الجيولوجية والبيولوجية المحفوظة في الأرشيفات الطبيعية، بما في ذلك 759 سجلًا مختلفًا للمناخ القديم من الشعاب المرجانية والأشجار والجليد وتكوينات الكهوف والرواسب الموزعة عالميا، أظهر الباحثون أن دورة المياه العالمية قد تغيرت خلال فترات ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة في الماضي القريب.
ويقول برونوين كونيكي، الأستاذ المساعد في علوم الأرض والبيئة والكواكب في الآداب والعلوم بجامعة واشنطن، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة "نيتشر جيوساينس: "إن دورة المياه العالمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بدرجات الحرارة العالمية".
ويضيف: "وجدنا أنه خلال الفترات الزمنية التي تتغير فيها درجة الحرارة على نطاق عالمي، نرى أيضا تغيرات في الطريقة التي تتحرك بها المياه حول الكوكب".
ودورة المياه معقدة، وهطول الأمطار على وجه الخصوص له اختلافات جغرافية أكثر جذرية بكثير من درجة حرارة الهواء، وقد جعل هذا من الصعب على العلماء تقييم كيفية تغير هطول الأمطار على مدى الألفي عام الماضية.
ويقول كونيكي: "لقد قررنا أن نبدأ بسجلات نظائر الماء لأنها تعكس إشارات شاملة ولأنها مسجلة في جميع أنواع الأرشيفات الطبيعية المختلفة، وهذه خطوة أولى نحو إعادة بناء أنماط الجفاف أو هطول الأمطار على المستوى العالمي خلال الألفي عام الماضية."
دورة متشابكة
ودورة المياه العالمية واسعة ومتشابكة، حيث يتبخر الماء من سطح الأرض، ويصعد إلى الغلاف الجوي، ثم يبرد ويتكثف على شكل أمطار أو ثلوج في السحب، ثم يسقط مرة أخرى على السطح على شكل أمطار، وكل جزيء ماء يشكل جزءا من الدورة له "بصمة" أو تركيبة نظائرية معينة، والتي تعكس اختلافات صغيرة في الوزن الذري لذرات الأكسجين والهيدروجين التي يتكون منها الجزيء، لذلك، يمكن أن تكون جزيئات الماء الفردية أثقل أو أخف.
ومن خلال هذه الدراسة الجديدة، وجد العلماء أنه عندما تكون درجة الحرارة العالمية أعلى، تصبح الأمطار والمياه البيئية الأخرى أكثر غزارة من الناحية النظائرية، وقام الباحثون بتفسير هذه التغييرات النظائرية وحددوا جدولها الزمني من خلال تجميع البيانات من مجموعة واسعة من مصادر الأرشيف الطبيعية من الألفي سنة الماضية من تاريخ الأرض.
وقام فريق مشروع ( PAGES Iso2k )، الذي يضم أكثر من 40 باحثًا من 10 دول بجمع وتصنيف وأحياناً رقمنة مجموعات البيانات من مئات الدراسات لبناء قاعدة البيانات التي استخدموها في تحليلهم، وانتهى بهم الأمر إلى الحصول على 759 مجموعة بيانات متسلسلة زمنية موزعة عالميا، تمثل أكبر قاعدة بيانات متكاملة في العالم لسجلات وكيل نظائر الماء.
ويقول إن "تجميع الإشارات من العديد من الأنواع المختلفة من المحفوظات الطبيعية يمكن أن يكون مثل تجميع التفاح والبرتقال معا، ومع ذلك، فقد عرفنا أن نظائر الماء تسجل الإشارات المناخية بطرق محددة في أرشيفات طبيعية مختلفة، ويمكن لهذا الخيط المشترك، الذي تم تجميعه بعناية، أن يساعدهم في مقارنة حلقة شجرة بنواة جليدية".
ويضيف: "كل أرشيف مختلف، ولجعل الأمور أكثر تعقيدًا، يتم إنشاء مجموعات البيانات من أرشيفات مختلفة بواسطة مجتمعات علمية مختلفة بمصطلحاتها ومعاييرها وموادها المرجعية، ولقد توصلنا إلى حقول وصف البيانات (البيانات الوصفية) لقاعدة البيانات التي تترجم خصوصيات كل سجل إلى لغة مشتركة، ويجعل من الممكن مقارنة الاختلافات في أحد الأرشيفات مع الاختلافات في أرشيف آخر، وقد استغرقت هذه العملية سنوات."
المزيد من التغييرات في دورة المياه قادمة
وتم الاعتراف منذ فترة طويلة بالعلاقات ذات النطاق العالمي بين درجة الحرارة والتركيب النظائري لبعض المياه البيئية، مثل مياه البحر والجليد الجليدي، مع تحرك الكوكب داخل وخارج دورات العصر الجليدي، كما أن العلاقات المحلية مع درجة الحرارة على نطاقات زمنية تتراوح من دقائق إلى أشهر راسخة أيضا.
لكن هذه الدراسة توفر أول دليل على أن درجة الحرارة والتركيب النظائري للمياه البيئية يسيران جنبا إلى جنب على فترات زمنية بينهما، أي على مدى عقود إلى قرون.
ويقول كونيكي إنه "تعديل سريع، فمع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وبرودته، فإن ذلك يؤثر على سلوك الماء أثناء خروجه من المحيطات وقوة حركته عبر الغلاف الجوي، والإشارات النظائرية في هذه المياه تستجيب بشكل كبير للتغيرات في درجات الحرارة".
aXA6IDE4LjIxOS4yMzEuMTk3IA== جزيرة ام اند امز