سؤال الساعة.. هل تحرق الليرة مسيرة حاكم مصرف لبنان؟
مع عودة العملة اللبنانية إلى قفزاتها غير المبررة، يطفو على السطح سؤال مهم وسط عجز مصرف لبنان عن التدخل.. ما الذي ينتظر رياض سلامة؟
"عملتكم وودائعكم بخير" هو ملخص تصريحات شهيرة لرياض سلامة حاكم مصرف لبنان، حاول بها امتصاص غضب الجماهير دون جدوى.
سلامة الذي يحكم قبضته على مصرف لبنان على مدار 28 عاما، منذ أن تم تعيينه حاكما للمصرف في عام 1993 والتجديد له 4 مرات كان آخرها في 2017، يناور بين خطوط نيران عديدة طوال 3 عقود، حتى انفجرت القنبلة في وجهه ووجه لبنان منذ اندلاع احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019.
عملتكم بخير
حاول حارس خزانة اللبنانيين الكبرى تهدئة مخاوف اللبنانيين بشأن عملتهم بتصريحه "عملتكم بخير"، حتى انهارت ووصل سعر صرف الدولار إلى مستوى غير مسبوق بتخطيه الـ13 ألف ليرة.
واللافت للنظر أن هذا الانهيار المتتابع جاء بعد أن أبلغ محافظ البنك المركزي، وكالة رويترز في أغسطس/ آب 2020 بأن لبنان ليس بصدد تعويم العملة.
- بلومبرج تؤكد وأمريكا تنفي وسلامة يهدد.. غموض موقف حاكم مصرف لبنان
- تاريخ حاكم مصرف لبنان أمام منصة العقوبات الأمريكية.. إرث من رماد
هذه المناورة دفعت رئيس الجمهورية ميشال عون إلى توجيه أصابع الاتهام بشكل غير مباشر إلى سلامة، في موازاة المصارف للتلاعب بسعر الصرف في السوق السوداء؛ بهدف السعي لتنفيذ تعميم مصرف لبنان الذي دعا المصارف إلى زيادة رأس مالها بنسبة 20% قبل نهاية فبراير/شباط الماضي، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
ويحمل مسؤولون كُثر محافظ المصرف المركزي، مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية، إلا أن كان رد سلامة واضحا بأنه "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
أموال المودعين بأمان!!
مناورة أخرى يخوضها سلامة منذ العام الماضي بالتحفظ على أموال المودعين التي تقدر بنحو 114 مليار دولار، في ظل الضغوط التي يمارسها محافظ المركزي على البنوك من أجل زيادة رؤوس الأموال وتنفيذ بعض التدابير الأخرى لإعادة رسملة القطاع المصرفي.
وعلى الرغم من انقضاء مهلة توفيق الأوضاع للبنوك الشهر الماضي، فإن الودائع ما زال متحفظا عليها.
وعلق سلامة على موقف الودائع قائلا: "ودائع المودعين لا تزال موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي والدليل أنه يتم شهريا سحب ما لا يقل عن 600 مليون دولار تلبية لحاجات اللبنانيين".
ولكنه بعد ذلك نزل إلى أرض الواقع بتصريحه: "نية المصرف هي أن يسترد المودعون أموالهم، ولكن ذلك ربما يستغرق وقتا".
- مصرف لبنان يعرض على حملة سندات أجنبية مبادلتها بالأطول أجلا
- مواطنو دولة عربية يستحوذون على 25% من ودائع بنوك لبنان
وألمح سلامة إلى معارضة خفض قيمة الودائع، وذلك في إشارة إلى المخاوف التي تسيطر على اللبنانيين بشأن مدخراتهم.
لبنان ليس بلدا مفلسا
ووسط عجز لبنان عن سداد الديون والالتزامات خارجية ووصف مراقبين للموقف بالتحدي الكبير، خرج حاكم مصرف لبنان عن صمته، في مناورة أخرى لطمأنة اللبنانيين، وتخفيف الضغط على نفسه.
وقال سلامة بوضوح "لبنان ليس بلدا مفلسا"، بل إنه ربط الأزمة النقدية الحادة التي تعاني منها البلاد بالأزمات السياسية الإقليمية، وبخمس سنوات من العجز في الموازنة والحساب الجاري.
وكشف أن القيمة الإجمالية لاحتياطي لبنان من الذهب تبلغ 18 مليار دولار، وهو ما يشكل داعما جيدا للبلاد في أزمتها.
ولكن سلامة في الوقت ذاته شدد على أن لبنان لا يمتلك أي موارد طبيعية، قائلا "علينا إبقاء الذهب لكونه من الأصول التي يمكن تسييلها في الأسواق الخارجية إذا ما واجهنا أزمة مصيرية حتمية".
عملة رقمية
مشروع جديد أخرجه حاكم مصرف لبنان من جعبته، وهو عملة لبنانية رقمية من الممكن أن تعرف الطريق إلى المحافظ الإلكترونية للبنانيين خلال العام الحالي 2021.
المناورة هذه المرة وصفها سلامة بأنها أداة تحريك سوق النقد محليا وخارجيا، مؤكدا "العملة الرقمية ستعيد الثقة في القطاع المصرفي اللبناني والتحول إلى نظام غير نقدي".
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة أكثر من 80% من قيمتها، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
ورغم ثقل الأزمة الاقتصادية، لم تثمر الجهود السياسية والضغوط الدولية تشكيل حكومة جديدة.
ويتبادل الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الاتهامات بالعرقلة وبوضع شروط مضادة.
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز