"جراند كونتيننتال".. تاريخ ملكي يتعرض للهدم بوسط القاهرة
الفندق كان شاهداً على تاريخ منطقة الأزبكية الخديوية، وملتقى الرؤساء و الملوك والمشاهير من جميع أنحاء العالم طوال العهد الملكي.
حالة من القلق انتابت الأوساط الثقافية والتاريخية والمحبين والمهتمين بالتاريخ المصري جراء البدء في هدم فندق "جراند كونتيننتال" التاريخي بوسط القاهرة، الذي يبلغ من العمر 110 أعوام، وكان شاهدا على تاريخ منطقة الأزبكية الخديوية، وملتقى الرؤساء و الملوك والمشاهير من جميع أنحاء العالم طوال العهد الملكي، ثم تُرك فريسة للإهمال والنسيان لسنوات طويلة.
وشهد محيط فندق جراند كونتيننتال الملكي، تواجدا أمنيا مكثفا، تمهيدا لتنفيذ قرار إزالة آخر طابقين من الفندق، بعد أن فشلت جميع محاولات الترميم، وصدر قرار بإزالة الطابقين وتم نقل الأثاث وإخلاء الأدوار، وإزالة سطح الطابق الأخير على أن يتم استكمال الهدم بالتدريج.
القاهرة الخديوية
يقع فندق الكونتيننتال الملكي كما كان يسمى في قلب القاهرة الخديوية، حيث منطقة الأزبكية العريقة المعروفة بتاريخها الطويل، وهي أجمل بقعة في القاهرة طوال العهد الملكي، والتي كانت عبارة عن بركة كبيرة اسمها بركة الأزبكية، وترجع إلى عام 1517 مع دخول الجيوش العثمانية مصر، وقام الخديوي إسماعيل بتأسيس الميدان بعد ردم البركة، ثم أقام الأوبرا الخديوية القديمة، وهى أول أوبرا في الشرق الأوسط عام 1869، والتي احترقت في أحداث حريق القاهرة عام 1952، وميدان "الأوبرا" قديما أو" العتبة "حاليا أجمل ميادين مصر، كما تتميز المنطقة بتمثال "إبراهيم باشا" حفيد محمد على، والحديقة الأزبكية، وشارع فؤاد الأول سابقا "26 يوليو"حاليا أهم شوارع مصر التاريخية والتراثية طوال القرن الماضي.
شهرة
ترجع شهرة الفندق التاريخية إلى وجوده بمكان فندق "نيو أوتيل" الذي شهد توافد ملوك وملكات أوروبا خلال افتتاح قناة السويس عام 1866، وشهادته وتأريخه للعديد من الحوادث والمناسبات التاريخية والوطنية البارزة منها اجتماعات قادة الحركة الوطنية المصرية مثل سعد زغلول، وعدلي يكن، والنحاس باشا، وعلي ماهر باشا، وشهد انعقاد البرلمان المصري المنحل في عهد الملك فؤاد، وأقام به الضابط الإنجليزي" توماس إدوارد لورانس" الشهير بـ"لورانس العرب" عام 1914، و اللورد "كارنافون" ممول أبحاث هاورد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ أمون .
في عام 1910 تم هدم الفندق وإعادة بنائه مرة أخرى باسم فندق" جراند كونتيننتال"، وقد شيده المهندس المعماري الإيطالي "جاستوني روسي" على الطراز الإيطالي وقد تم بناؤه على شكل حرف" "E، واشتراه أحد الأثرياء "سوارس"، ثم تم بيعه إلى النمساويين " جورج ننكوفيتش والكسندر رستوفيتش" .
هدم
يتكون الفندق من ثلاثة أجزاء تطل على شارع 26 يوليو، وشارع عدلي، وميدان الأوبرا، بالإضافة إلى ممر تجاري "الكونتيننتال" وتبلغ مساحته 2972.75 مترا مربعا، أما مساحة الفندق وحدها 6090 مترا مربعا، ويتكون من 5 طوابق و بدروم، ويحتوي على 176 غرفة، بالإضافة إلى عدد 297 محلا و ورشة تجارية بالدور الأرضي والأول.
على الرغم من أهمية وقيمة الفندق التاريخية إلا أنه غير تابع لوزارة الآثار، حيث لم يتم تسجيله كمبنى أثري، بل إن المبنى مسجل ضمن المباني ذات الطراز المعماري المتميز فقط، ولذلك ظل مهجورًا منذ عام 1980، وفي أكتوبر عام 1985 تم إلغاء ترخيص الفندق، وفي عام 1990 تم تحويله كمقر لشركة الفنادق المصرية "إيجوث"، وقد بيع بالكامل للشركة في عام 1996، وقد أصدرت محافظة القاهرة في فبراير عام 2016 رخصة الهدم للفندق، وتعويض أصحاب المحلات.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA= جزيرة ام اند امز